يعتقد كثيرون؛ أن تقدم الشعوب يتناسب طردياً مع أحترامها لمفاهيم حقوق الإنسان والإلتزام بالقوانين والعدالة الإجتماعية، ونعتقدها مفقودة في مجتمعاتنا.
لم نترك مناسبة لأخطائنا وتخلف شعوبنا؛ إلاّ ونضرب مثل في تناقضنا عن عالم نعتبره متحضر متطور؟!
مجمل ما نعتقده؛ ان دول العالم الأول سبقتنا في تطبيق القوانين، وترجمتها الى واقع عملي، وطبقت قوانين وضعية تحترم حقوق الفرد والجماعة، وتجاوزت رفاهية الإنسان، وبدأت تبحث عن حقوق الحيوان، ومنظمات تدافع عنه، وبعضهم من جمع إرثة لقطة، ولم يعتبروا زواج الجنس الثالث والكلاب والحمير؛ عيباً في حرية مطلقة، تسمح للإعلان في شاشات الفضاء، ولها مشرعين وقضاء رسمي؟!
صدقنا تلك الأحاديث، وتابعنا بشغف كيف تسلط الكاميرات، على إنقاذ حصان وقع في مجاري المياه، وقرأنا الأدب الغربي، وبحثنا عن روايات فائزة بجائزة نوبل، وقصص خيالية خلدها التاريخ، وتمنينا معهم أن لا يموت شرلوك هولمز، ونحرص على قراءة قصص إرنست همنغواي وتولستوي، بحثاَ عن مواقف إنسانية، تنقذ طفلاَ في الصحراء، ورجلاَ في البحر بين الحيتان، ونبحث مع أجاتا كرستي بشغف عن القاتل، وننتظر ما هو نوع العقاب، وقرأنا الحب في زمن الكوليرا، ولم نقرأ الحب في زمن الإرهاب، والجنون بحب الوطن، وعشق الشهاده، والوله بالمقدسات، والهيام بالعقيدة.
لا توجد في العالم مجلدات تروي قصص واقعية، عن شعب عاش تحت نير الدكتاتورية، ولم يُصور كيف كان مجاهدي الأهوار؛ يتنفسون بقصبة من أفواههم تحت الماء، ويتحملون برد الشتاء وحرارة الصيف وتطفل الحشرات، كيف يقفون ساعات طويلة بين الثلوج في جبال العراق، وكيف يتقاسمون رغيف الخبز مع العوائل، وتحمل النساء البنادق تحت العباءة، ولم تتحدث موسوعة غينس عن كم بيضة تم قليها( بالكرك العراقي)، في ساحات القتال، وكم عائلة نازحة تناولت الحشيش للمحافظة على شرفاها، وكيف يتبرع مقاتل عراقي بنفسه لإنقاذ جريح، أو إحتضان إنتحاري، وكيف حشد شعب كامل بفتوى كفائية، ماذا لو كانت وجوبية؟!
أغفل التاريخ عن صفحاتنا البيضاء، في مواجهة الدكتاتورية السوداء، وثورة شعب وأمة في إنتفاضة الشعبانية عام 1991م، التي كسرت طوق الخوف والرعب، وأذلت الطاغية في مواجهة شعبية مسلحة، ومن نخبوية الى ثورة جماهيرية؛ جذرت مبدئية الشعب المقاوم؛ بمشاركة 14 محافظة من أصل 18، وتحملت ضريبة المقابر الجماعية؛ سيق الى مذابحها مختلف الطبقات؛ بتعتيم إعلامي، وغطائات إقليمية ودولية؛ غضّت الطرف عن المجازر الوحشية، وإبادة جماعية طائفية تحت شعار ” لا شيعة بعد اليوم “؛ لمواجهة انتفاضة قادتها المرجعية الدينية والمثقفين، وأطلقوا العد التنازلي؛ لأسقاط الدكتاتورية، وعزلها عن تحقيق مصالح القوى الاقليمية والدولية.
تفرج العالم على مأساتنا، وتحركت الدول بإستعراضية وتسابق قوى، وليس من المعقول اليوم، أن يسمى تحالف دولي ضد منظمة إرهابية في العراء، ولا يستطيع القضاء عليها؟!
تعجز الكتب والمؤلفات أن تروي كل قصص البطولة، وقد كتب تاريخنا بالدماء، وكل مقاتل من الحشد الشعبي، هو ألف رواية ورواية، وتقول أننا شعب يملك إرادة لا تلين وأن العالم إجتمع لتمزيقنا، ولا تنقصنا الشجاعة والكرامة، ولكن العالم سمح لسلطوية وإنحراف، أن تضع البنادق على رقابنا، ويجتاح أرضنا الغرباء، ولكن حشدنا ووحدة كلمتنا، هي مثال للدفاع عن حقوق الإنسان، وتطبيق العدالة الإجتماعية، ولحظة وقوف متطوع في مواجهة الإرهاب؛ تساوي كل مؤلفات العالم، وما كتبوا في عقود؛ خُلطت أوراقه في فتوى كفائية، انه الحشد في زمن الإرهاب.