يتحول اي بلد يعيش في خضم الحرب الطائفية الى وقود سهل للاقتتال ، حتى تصبح شوارعه خنادق الاقتتال بين ابناءه ، ويصبح هذا الشعب حطب لنار لا تنطفا ، وهذا حال البلدان التي تكتوي بنار الطائفية تصبح اداة سهلة للأجندات والسياسات التي تريد الشر به .
إن ما يحدث اليوم بالعراق من سقوط مهوّل لمدن العراق بيد داعش يشكل جزءا من نمط أوسع من العنف الطائفي في مختلف أنحاء المنطقة. ويتعين على أميركا وبلدان الغرب أن تنتهج سياسة تعالج الصراع الطائفي بشكل مباشر ليس في العراق فحسب، بل في مختلف أنحاء المنطقة ، لان داعش إنما تأسست لتكون الايدي التي تضرب المنطقة وقت تشاء القوى الغربية في ضربها ، ومتى ما شاءت تحركها .
لاشك ان الانتصارات النوعية الكبيرة والمهمة والتي تحققت على الارض وما زالت تحصل ، والبسالة التنافس بين ابطال الجيش العراقي ورجال الحشد الشعبي وهم يقدمون ارواحهم دفاعاً وطرد الدواعش خارج البلاد تمثل حجرة الزاوية في هذه التطورات على الارض .
المرجعية الدينية من جهتها كانت لها اشارات مهمة في سير هذه العمليات المهمة في شمال بغداد ، والطريقة المثلى في التعامل مع الاعداء ، وعكس الاخلاق العالية لاتباع اهل البيت (ع) ، في تعاملهم الإنساني في الحروب ومع الأسرى والتعامل الإنساني مع العوائل الهاربة من جحيم داعش .
عدم تحويل الانتصار الى انتقام لان هناك عوامل نفسية يتعرض لها الجندي العراقي داخل المعركة ، مع وجود الظلم الواقع عليه من هولاء الارهابيون في قتل اخيه او زميله او رفيق سلاحه ، ولكي يعكس المقاتل ارقى صورة في ساحات القتال ، وما المقارنة بين احداث 1991 ابان الانتفاضة المباركة ، واحداث اليوم من دخول قوات الحشد الشعبي والذين هم ابناء تلك المدن التي تعرضت للظلم الصدامي البعثي ، وكيف يتعاملون اليوم من ابناء وعوائل هذه المناطق في صلاح الدين .
أن مدرسة اهل البيت (ع) تقدم اروع معاني الرأفة والرحمة سواءً في ساحات القتال ، عكس الصور السيئة والتي تُظهر وحشية “داعش” ومدى تربيتهم وبيئتهم الفاسدة وعدم إثارة النعرة الطائفية ، وهو اخطر ما يواجه الحملة ضد داعش ، وبالتالي التاثير السلبي على الدعم الدولي للجهود الحكومية والحشد الشعبي في قتال داعش ودفع الاتهامات ضد الحشد الشعبي والدفاع عنهم بصورة منطقية ، وهذا لايعني عدم وجود مندسين بين ابناء الحشد الشعبي والقوى الامنية التي تقاتل على الارض .
كما ان اتهامات وتضخيم دور أيران في ساحات القتال ، وكان المعركة الدائرةاليوم هي معركة طائفية وليست مع الارهاب ، كما ان ايران ودورها في قتال داعش معلوم ومكشوف للقوى الغربية والإقليمية وتحت أنظار التحالف الدولي ، ومحاولة شق الصف الشيعي من خلال اثارة الخلافات والفتن بين رجال وقادة الحشد الشعبي وقادة المقاومة الاسلامية ، وخلق الفجوة بين هذه القيادات ، بل نؤكد على ضرورة الجهد الموحد والدؤوب والصحيح والملتزم في قتال داعش .
اليوم ما يتحقق من تحرك غاية في الإحساسية لرجال الحشد الشعبي وهم يطهرون الاراضي الواقعة تحت سيطرة داعش ،فهو ليس نصرا للشيعة وحدهم ،بل هو انتصار لتلك المناطق التي عانت الويلات من هذه العصابات الاجرامية ، كما ان دخول هذه القوات سيكشف الكثير من الخيوط التآمرية على البلاد واهله لان معركة تكريت كانت معركة ذات انعطافة تاريخية مهمة في تاريخ العراق الحديث ، وتحتاج الى الدقة والحذر الشديد خوفا ً من اثارة النعرات الطائفية وافشال مهمة رحال الحشد الشعبي وتوجيه الرأي العام نحو غايات واهداف خبيثة .
التحالف الدولي من جهته كان يحاول الأثارة في هذا الجانب ، وما دخول رئيس أركان الجيش الامريكية الى المنطقة والعراق تحديدا الا يدخل في هذا الهدف ، خصوصاً مع الانتصارات النوعية المتحققة على الارض ، والتي أدت الى تقطيع أوصال الدواعش بكل حرفية ومهارة عسكرية عالية ، ناهيك عن العدة والتعداد العسكري اللافت والذي دخلت بها هذه القوات الى المعركة والذي غير مجرى الأحداث لصالح القوى الامنية مسنودة برجال الحشد الشعبي ، لهذا يبقى الاختبار الأكبر امام قواتنا المسلحة البطلة ورجال الحشد الشعبي في إثبات وجودهم كحماة للعراق ومشروعه الوطني ، وسند حقيقي للعراق وشعبه الجريح ، من خلال التصدي بحزم وبسالة وصبر لهذه الهجمة التكفيرية الشرسة التي تحاول تطبيق مشروع بادين “سيء الصيت ” وفق نظرية طائفية بحتة رجالها “الارهابعثي” .