الحشد الشعبي: الحكمة والبدائل لإسقاط الذرائع عن تكرار فوضى سوريا في العراق

الحشد الشعبي: الحكمة والبدائل لإسقاط الذرائع عن تكرار فوضى سوريا في العراق

يشكل الحشد الشعبي أحد أبرز القوى العسكرية التي ساهمت في تحرير العراق من تهديد تنظيم “داعش”. رغم هذا الدور فقد أصبح الحشد نقطة جدل إقليمي ودولي خصوصا” مع تصاعد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية لحله بزعم ارتباطه بإيران وتهديده لمصالحهم. في ظل هذا السياق تظهر الحاجة الماسة إلى معالجة وضع الحشد الشعبي بطريقة استراتيجية بما يحفظ سيادة العراق ويمنع التدخلات الخارجية، ليجنب البلاد سيناريو الفوضى الذي شهدته سوريا.  

أهمية إنهاء الصفة القتالية للحشد  

إن إنهاء الصفة القتالية للحشد الشعبي يمثل خطوة ضرورية لتعزيز الاستقرار الداخلي وإسقاط الذرائع الخارجية. هذه الخطوة تحقق الأهداف التالية:  

1. تعزيز سيادة الدولة: إن دمج الحشد في المؤسسات الحكومية يجعل السلاح تحت سيطرة الدولة بالكامل ويقلل من احتمالية وجود مراكز قوى موازية.  

2. إسقاط الحجج الدولية: من خلال تنظيم الحشد تفقد الولايات المتحدة وإسرائيل مبررات التدخل أو تنفيذ ضربات تستهدف البلد.  

3. منع الفوضى الإقليمية: يساهم إنهاء الصفة القتالية في تفادي انزلاق العراق إلى صراعات داخلية مشابهة للوضع السوري حيث أدى تعدد القوى المسلحة إلى تفتيت الدولة.  

خطة وطنية شاملة بهدف دمج الحشد الشعبي  

يمكن للسيد رئيس الوزراء بالتشاور مع الرئاسات الثلاث الإعلان الصريح والمباشر في وضع خطة شاملة لدمج أفراد الحشد الشعبي في مؤسسات الدولة التي تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الأمنية والسياسية والاقتصادية. هذه الخطة تتضمن:  

 1. إطار قانوني وتنظيمي واضح  

   – إصدار قرار حكومي ينهي الصفة القتالية للحشد الشعبي مع تحويله إلى هيئة مدنية تعمل تحت إشراف الدولة.  

   – تحديد جدول زمني لتسليم السلاح الثقيل والمتوسط إلى الجيش.  

 2. إدماج الأفراد في القطاعات الحكومية  

   – القطاع العسكري: نقل العناصر المدربة إلى الجيش والشرطة بعد تأهيلهم للعمل ضمن هيكلية موحدة.  

   – القطاع المدني: توجيه الأفراد إلى العمل في الوزارات الخدمية مثل التعليم والصحة والنقل وفقا” لمؤهلاتهم.  

   – القطاع الصناعي: استثمار طاقات الأفراد في مشاريع إعمار المصانع والبنى التحتية مما يعزز الاقتصاد الوطني وفرص العمل.  

 3. التواصل مع القيادات السياسية والفصائل  

  التنسيق المستمر مع قادة الأحزاب والحشد لتجنب معارضة القرارات الحكومية لأن الحوار المستمر يلغي المخاوف ويعزز التعاون.  

 4. الدعم المالي والاجتماعي  

   – توفير تعويضات مناسبة للأفراد الذين يستحقون ويتم دمجهم في المؤسسات المدنية.  

   – إنشاء برامج إعادة تأهيل نفسي ومهني لضمان انتقال سلس من العمل القتالي إلى المدني.  

 5. الإشراف الدولي والإقليمي  

   – دعوة الأمم المتحدة والجامعة العربية لتقديم الدعم والمساعدة في مراقبة تنفيذ الخطة.  

   – طلب تمويل دولي لدعم مشاريع الدمج خاصة من الدول التي لها مصالح مباشرة في استقرار العراق.  

التحديات المحتملة وسبل معالجتها  

 1. مقاومة بعض القيادات السياسية وقادة الفصائل  

قد ترفض بعض الفصائل التخلي عن السلاح. يمكن للحكومة المصارحة برفع شعار (سلامة البلاد مسؤولية الجميع) والعمل بالتعاون مع الهيئات البرلمانية والضغط القانوني لفرض الالتزام.  

 2. صعوبة التنفيذ المالي  

تحتاج عملية الدمج إلى ميزانية ضخمة. يمكن معالجة هذا من خلال تخصيص موارد من عائدات النفط وطلب دعم مالي دولي.  

 3. الفراغ الأمني  

لابد من تقوية القوات النظامية وضمان جاهزيتها للقيام بجميع المهام الأمنية التي كان يتولاها الحشد الشعبي.  

الخاتمة  

إن إنهاء الصفة القتالية للحشد الشعبي ودمج أفراده في مؤسسات الدولة ليس فقط خيارا” سياسيا” ذكيا”، بل هو ضرورة وطنية تحمي العراق من التدخلات الخارجية وتجنب تكرار السيناريو السوري. تحتاج هذه الخطوة إلى إرادة وطنية وتعاون كل القيادات السياسية في البلاد مع خطة محكمة لتشمل القوات العسكرية في إقليم كردستان (البيشمركة) كمرحلة ثانية ليكون في العراق جيش وطني واحد يضمن حقوق الجميع ويحافظ على استقرار البلاد وسيادتها.