23 ديسمبر، 2024 9:29 م

تتجه انظار وقلوب الملايين من سكان المعمورة الى ذكرى استشهاد الأمام العظيم الحسين بن على عليهما السلام ، فهذا الثائر الذي أسس لاول مرة بالتاريخ الانساني مفهوم الثورة البيضاء المدفوع ثمنها دماءا وارواحا ، يشخص اليوم كقيمة أنسانية واخلاقية عابرة الانتماء الطائفي والديني والقومي الى تجذير مفاهيم تتصل بحقيقة الحرية كمفهوم وفعل ثوري ضد الظلم والطغيان والاستعباد ، وبقدر ماكان الحسين الثائر يرفع لواء جده النبي العربي ورسول الله الى البشر جميعا ، أنطوى الامام على مفاهيم ومنطلقات تتبنى حقوق ومظالم المستضعفين على الارض وفق التشريع الألهي ونواميس الأرض وثقافة التحرر التي تلقفها في حضن أمه فاطمة الزهراء وتعاليم ابيه علي بن ابي طالب المتطوع الاول لحمل تعاليم الاسلام ورسالته بعد الرسول محمد {ص} .
  قتل الحسين في معركة الطف بكريلاء في الواقعة التاريخية الشهيرة في مأساة لم يزل التاريخ يحفل باهوائها وأثرها النفسي الدفين في الذات العربية حيث تخلى عنه أهل العراق في واحدة من الخيانات التاريخية الكبرى ومنذ الف عام يبكون ويلطمون الصدور ويضربون الرؤوس يالسكاكين والسواطير  في مسعى للتكفير عن الذنب التاريخي ، وتشبها بحالة الألم ، ولاشيء من هذا يتفق مع التعاليم الحسينية العظيمة التي دعت الى اسقاط السلطان الجائر والانتفاضة على الظلم وأحقاق الحق والانتصار لسلطة العدالة والحرية وكرامة الانسان بكونه خليفة الله على الارض .
   ثورة الأمام الحسين لم تكن بدافع نيل المجد وهو المتحدر عن نبع الامجاد والكرامة ولم يبتغ سلطة حكم او مال كما يدفع البعض كرامتهم واوطانهم وشعوبهم من أجل ذلك ، كان الحسين يرنو لسلطة الحق والعدالة وحب البشر ونظرة المساواة التي جبلهم عليها الرب الخالق وتلك النظرة الجمالية تعكس عمق الرؤية الثورية الرومانتيكية لدى الامام الذي قاتل سلطان فاسد جائر وجيوش لاتعرف سوى الجحود وعبودية الخوف ومعاكسة الحق  وكسب المغانم الدنيوية مع التخلي التام عن تعاليم الارض والسماء، وهو مانجده اليوم يتجلى في سلوكيات العديد من الأحزاب والشخصيات المتسلطة التي تعيد انتهاك التعاليم والمبادئ التي استشهد من أجلها الامام الحسين  في كربلاءات متوالية يتعرض لها المستضعفين والفقراء والمحرومين والمقصيين لاسباب طائفية او حزبية او شخصية ،هيمنة الطغيان وقمع الآخر الضعيف اصبحت عرفا أجتماعيا وسلوكا أرهابيا في عصرنا الذي صار يناهز السلوك البغيض لتلك السلطة التي قتلت الحسين ، ومن هنا أجد ان الحسين العظيم لم يزل ينادي في الأفق  الملبد بالمظالم ، ألا من ناصر ينصرني ..! الحسين يناديكم ياعراقيين ..!
 الحسين ضد الفساد وخصوصا الفساد الحكومي الذي يعتاش على السحت الحرام ، الحسين ضد الظلم وقتل النفس التي حرم الله قتلها ألا بالحق ، والحسين ضد استبداد الحاكمين واستهتارهم بحقوق الشعب { الرعية } الحسين ضد الطائفية والتمييز العنصري  وسلب حقوق الناس وحرياتهم واكراههم على مالايرغبون ، الحسين ينبوع الاخلاق العظيمة في الصدق والوفاء وحب الآخرين والتضحية من أجلهم والمبادئ الخلاقة التي جاء بها الدين الجديد الذي تعمد بدمه الطاهر ، الحسين ضد الدين الكاذب وكل السلوكيات التي تتمثل الكفر والخيانة ، ومن هنا كان ضوءا تاريخيا و شاهدا على الجميع وصوتا ينادي عبر الأزمنة والاحقاب ان اتقوا الله في العباد وانتصروا لله ودينه  وأعطوا الناس حقوقهم ولاتظلموهم..!
ومن هنا فأن الحسين لايحتاج الى من يبكي عليه ويخون مبادئه في الحياة  اليومية حيث النهب والتسلط ومصادرة حقوق الآخرين وحرياتهم ..! الحسين نور أبدي ومن يملك الحظ العظيم عليه ن يقترب قليلا او يتمثل افكار وسلوك وحياة الحسين العظيم ، السلام على الحسين وعلى ابناء الحسين واصحاب الحسين كلما طلعت شمس او غربت ، وغاية المبتغى ان ننال رضى الحسين ونسير على سراطه.