كانت ثورة الإمام الحسين عليه السلام السبب في أحياء إرادة الجماهير وانبعاث الروح النضالية ، حتى أصبحت هزة قوية في ضمير الإنسان المسلم الذي ركن إلى الخنوع ، وأصبح عاجزا عن مواجهة ذاته ومواجهة الحاكم الظالم الذي يعبث بالأمة كيف يشاء ، ولم يكن بوسع الامام الحسين عليه السلام ان يقف دون ان يقوم بحركة قوية ، عندما جاءت له كتب كل من يرفض بيعة يزيد بن معاوية وتطلب منه قيادة زمام أمورها، وقد حملته المسؤولية أمام الله اذا لم يستجب لدعواتهم ، وكانت دعوة أهل الكوفة بمثابة الغطاء السياسي الذي يعطي الصفة الشرعية لحركته ، لذا كانت ثورة الإمام الحسين عليه السلام ثورة إصلاح وتمرد على الواقع السياسي الفاسد ومنهجا واضحا وصريحا يدرس به كل الأحرار باختلاف أماكنهم وألوانهم ومعتقداتهم ,واصبحت ثورته شعارها بارز من خلال إقامة المجالس الحسينية يعد منطلقا ودروبا لكل الثائرين ضد كل أشكال العبودية ,لذلك عاشوراء شهر حزن واستذكار والهام للأحرار كما انه شهر خوف ورعب للاستبداديين والفاسدين والمارقين والدكتاتوريين من الحكام والساسة في كل بقاع الأرض ,وهذا ما يفسر سياسة الحكام اتجاه الموالين والمحبين للحسين عليه السلام ولكل من يحيي هذه الشعائر ويقيمها في شهر محرم الحرام .
شكلت ثورة الإمام الحسين انعطافة كبيرة في تاريخ ومسيرة الأمة، ونهضة في العقول والأفكار، وصدمة في النفوس والقلوب، ولذلك لم يقتصر أثرها على اللحظة التاريخية التي وقعت فيها، بل امتد تأثيرها إلى كل العصور والأزمان، وقد أحدثت ثورة الإمام الحسين الكثير من الآثار والنتائج على أكثر من صعيد في المجتمع الإسلامي، منها فضح الزيف الديني، كانت السلطة الأموية تتظاهر بالإسلام، كإقامة صلاة الجماعة والجمعة، وبناء المساجد، ومن جهة أخرى ينسبون شرعية حكمهم إلى الدين، وأنهم خلفاء رسول الله(ص )، إلا أن هذا الادعاء سرعان ما اتضح زيفه وبطلانه، فهذه السلطة الأموية التي قتلت الإمام الحسين (ع(، ابن بنت رسول الله )(ص)، وريحانته من الدنيا، وسيد شباب أهل الجنة، كما استشهد في معركة كربلاء الكثير من أهل البيت ولم يسلم حتى الأطفال من القتل، وسبي بنات رسول الله، قد كشف للرأي العام أن الأمويين لا هم لهم سوى السيطرة على الحكم، وأنهم بعيدون كل البعد عن الإسلام وتعاليمه، وأن التمسك ببعض الشعائر الدينية ما هو إلا لخداع الرأي العام .
فبعد ثورة الإمام الحسين انبعثت الروح الجهادية في الأمة، وبدأت الجماهير ترقب زعيماً يقودها وكلما وجد القائد وجدت الثورة على حكم الأمويين. ونلاحظ هذه الروح الثورية، في كل الثورات التي حملت شعار الثأر لدم الحسين والتي جاءت صدى لثورته ومنها ، ثورة التوابين: اندلعت في الكوفة، وكانت رد فعل مباشر لقتل الحسين ، وانطلقت من شعورها بالإثم لتركهم نصرة الحسين، و ثورة المختار الثقفي: ثار المختار بن أبي عبيدة الثقفي سنة 66 للهجرة في العراق طالباً ثأر الحسين ، وغيرها من الثورات ، التي حدثت بعد ثورة الإمام الحسين مستمدة منها روح الجهاد والثورة ضد الحكم الأموي حتى انتهى الأمر بسقوطه وقيام الدولة العباس ، واليوم نرى انتشار أتباع مدرسة أهل البيت في كل مكان من أنحاء الدنيا، والجميع بدأ يتعرف على أبعاد نهضة الإمام الحسين ، فلم يعد ممكناً حصار فكر وثقافة أهل البيت كما كان مطبقاً سابقاً من قبل أعداء أهل البيت، فوسائل الإعلام والاتصال الحديثة ساهمت بنشر منهج وفكر أهل البيت إلى كل الناس، ومدرسة أهل البيت التي لم يستطع أعداؤها بكل ما لديهم من أدوات القمع والدكتاتورية أن يقضوا عليها في القرون الماضية، لن يستطيعوا اليوم أن يحاصروها فضلاً عن القضاء عليها، وكل ذلك ببركة ثورة الإمام الحسين ، وجهاد أتباع هذه المدرسة المباركة طوال التاريخ ، وهذه المدرسة التي مثلت الإسلام في فهمه الصحيح ستبقى تبث أشعتها القوية والمفيدة في كل اتجاه لتنشر قيم الحق والعدل والحرية.