23 ديسمبر، 2024 6:34 ص

الحسين (ع ) الامثولة الكُبرى للتضحية

الحسين (ع ) الامثولة الكُبرى للتضحية

ثورة الحسين عليه السلام نموذجاً فريداً سيظل حياً لانه لم يقف عند حسبه ونسبه الكريم بل انطلق ثائراًليسطر ملحمة البطولة ويكتب بدمه الشريف رسالة تتنقلها الاجيال ليعطي درساً عظيماً للتضحية والفداء وللوقوف بوجه الظالمين والطغاة. علينا ان نجعل منها شعلة تجبرنا على التغلب العاطفي ووضع العقل والمنطق والالتزام بالوفاء لنهجة والاصرار على تحرير النفس من الشوائب بغض النظر عن الانتماء السياسي والطائفي لينشرنور ثورته على البشرية كلها.

يامن راَى حب الحسين تشيعاَ *** ان التشيع ثورة وجهادُ

ثار الحسين على يزيد لفسقه *** ولقد غزانا الكفر والحادُ

لقد اكتسب الامام الحسين عليه ألسلام كل المعاني الجليلة رواءً وجلالا وثورته ايقظت الروح الثورية عند الكثير من ابناء الامة وتجد أنها تحققت فيها مستلزمات نضج الوعي الجماهيري .فبان حالة الخلل والانحراف وكشفت السلبيات على كل الصعد التي رافقت المسيرة . الحسين هو (ضلع الامامة ) فان الامامة في ولده السبعة عليهم السلام جميعاً ، فهو ضلع الخلافة الحقة والولاية الالهيّة العظمى فإذا اردنا أن نعرف معاني العزة والآباء نأتي الى كربلاء حيث الشموخ بأعلى صوره والكبرياء بأجلى معانيها . النهضة الحسينية غنيَّة عن التعريف بحدودها وصمودها وارتفاعها واتِّساعها. ويكفي أنَّها هي التي صنعت التاريخ ولم يصنعها التاريخ ، وهي التي قدَّمت الأُمثولة الكُبرى للتضحية ، في سبيل طاعة الله بكلِّ ما يملك الفرد مِن نفس ونفيس.

حيث قال أبا عبد الله “عليه السلام”:

(اني لا أرى الموت ألا سعادة والحياة مع الظالمين ألا برما)

كما في وصيّته لأخيه محمّد بن الحنفيّة قائلاً”… “وإنّي لم أخرج أشراً ولابطراً ومفسداً ولاظالماً وانّما خرجت للاصلاح في أُمّة جدّيآمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأسير على سيرة جدّي رسول الله و أبي أميرالمؤمنين”. يعني الاصلاح الفردي والاجتماعي في اُمّة جدّة بأبرز آليات الاصلاح من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ضوء السيرة المحمّديّة والمنهج العلوي القويم .

ومن هنا فأن النهضة الحسينية المباركة من أهم المحطات البارزة في تاريخ الامة الاسلامية لما اكتسبته من مميزات ندر لها نظير في قاموس الثورات التي تذهب إلى وعي اجتماعي تحصل فيه حالة صحوة ناتجة عن تراكم سلبيات أخطاء السلطات السياسية ، فلقد جمعت كل القيم الانسانية وتألقت في تجسديها في واقعة الطف، الامر الذي ادى الى بقاء القيم الالهية حية في قلوب الاحرار الى يومنا هذا. فبوقفة الامام الحسين”عليه السلام” الثائرة ضد الظلم. جسدت ثورة أبي الاحرار شعلة النهوض ضد طغيان الحاكم الفاسد يزيد ابن معاوية” لعنة الله عليه” فهذا الرجل احتل الحكم بغير حق ضم بين جوانبه جميع مفاسد بني امية من هتك للأعراض وتجاوز على المبادىء الانسانية والخروج عن طاعة الله تعالى ورسوله الكريم “صلى الله عليه وآله” فشكل خطرا حقيقيا على الاسلام فلم يرع هذا الوغد أي حرمة للمقدسات أذ لم يضع في باله أن هذه المقدسات هي التي تحيي الامة الاسلامية وتجعلها تسمو في فترة سريعة واذا بيزيد يعيدها الى فترة الجاهلية، لكن ثورة الامام الحسين عليه السلام عادة لها الوجه الحقيقي وهزمت الباطل والطيغان بكل قول وفعل حق جسد المعاني الجليلة للسلام الحقيقي. النهضة الحسينية رسمت حداً فاصلاً بين ما هو اسلامي وبين المبادئ الدخيلة على هذا الدين القيم وأزاحت الستار عن حقبة تاريخية إسلامية كانت تعد مرجعاً إسلامياً، “اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ وَبَوِّئْنا مَعَهُ دارَ الكَرامَةِ وَمَحَلَّ الإقامَةِ، اللّهُمَّ وَكَما كَرَّمْتَنا بِمَعْرِفَتِهِ فَأَكْرِمْنا بِزُلْفَتِهِ وَارْزُقْنا مُرافَقَتَهُ وَسابِقَتَهُ وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يُسَلِّمُ لاَمْرِهِ وَيُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَعَلى جَمِيعِ أَوْصِيائِهِ وَأَهْلِ أَصْفِيائِهِ المَمْدُودِينَ مِنْكَ بِالعَدَدِ الاِثْنَي عَشَرَ النُّجُومِ الزُّهَرِ وَالحُجَجِ عَلى جَميعِ البَشَرِ اللّهُمَّ وَهَبْ لَنا فِي هذا اليَوْمِ خَيْرَ مَوْهِبَةٍ وَانْجِحْ لَنا فِيهِ كُلَّ طَلِبَهٍ كَما وَهَبْتَ الحُسَيْنَ لِمُحَمَّدٍ جَدِّهِ وَعاذَ فُطْرُسُ بِمَهْدِهِ فَنَحْنُ عائِذُونَ بِقَبْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ نَشْهَدُ تُرْبَتَهُ وَنَنْتَظِرُ أَوْبَتَهُ آمِينَ رَبَّ العالَمِينَ”