لو رجعنا قليلا إلى الوراء واستعرضنا الخطابات والمحاضرات والمجالس والكتابات والمؤلفات والصحف والمجلات واليافطات والمنشورات التي كانت تطلقها ما يسمى بالمعارضة العراقية عندما كانت تعيش في إيران وسوريا وبعض الدول الغربية والموجه للشعب العراقي وتحديدا الشيعة وخصوصا تلك التي تتعلق بواقعة كربلاء وثورة الحسين، كانت تركز على عنصر الثورة والتضحية وعدم الركون للظالمين من أجل تحريض الناس للخروج على النظام السابق، وكانت المعارضة تنتقد من يلتزم الصمت والسكوت وتنعته بأبشع النعوت حتى لو كان زعيما للحوزة ومرجعا للشيعة، كما كان موقفهم الساخط على السيستاني بسبب سكوته عن النظام السابق ونعته بالساكت والراكن والخاضع وغيرها من الأوصاف التي كانوا يطلقوها بحقه ،
ولكن بعد أن قررت أمريكا غزو العراق للإطاحة بالنظام السابق انقلبت الموازين رأسا على عقب حيث غابت تلك الخطابات تماما عند المعارضين وأصبح المحتل محررا وفاتحا وصدرت الفتاوى والخطابات التي تحرم مقاومة المحتل وتشرعن الاحتلال وما تمخض عنه من ظلم وفساد وظلام، وصار السيستاني مرجعهم وإمامهم المفدى وصمام أمان بعد أن كان ساكتا وراكنا ومتخاذلا في نظر المعارضة والساسة الذي دخلوا على الدبابات الأمريكية كما يصفهم العراقيون، وأما من رفض المحتل وما صدر عنه من قبح وظلام يتهم بالعمالة والخيانة والبعثية والقاعدة والتبعية لقطر والسعودية وغيرها، في حين أن رفض الاحتلال والظلم والفساد من صميم النهج الحسيني، فتم اختزال ثورة الحسين وشعائرها بطقوس بعيدة عن جوهر أهداف الحسين (التمن والقيمة واللطم والزنجيل والمشي والتطبير وغيرها) وتم توظيف هذه الشعائر لخدمة مصالح ومشاريع ساسة الفساد والسرقة وصار المنبر الحسيني بوقا إعلاميا لانتخاب الفاسدين والدفاع عن حكوماتهم وقد أدرك الشيعة هذه اللعبة ولو مؤخرا وعبروا عنها بشعار باسم حسين باكونه الحرامية، وباسم الدين باكونه الحرامية.
أليس هؤلاء أبشع ممن قتل الحسين لأنهم تاجروا بدم الحسين وخالفوا خطه ومنهجه ومارسوا الظلم والفساد الذي ضحى الحسين من اجل محاربته.