حقائق كثيرة تَغيبْ لمن ليس له علمٌ بالتاريخ، والمتابع لحقيقة الكتّاب الذين كتبوا التاريخ والسيّر، معظمهم مسيرون بغرض تلميع صورة الملك! لكنهم أفلتت منهم حقائق لو يعلمون بما أوصلتنا لحقيقة الظالمين لما كتبوها، وهنا فعل الأذكياء بكيفية إستخراج الحقيقة المرة، فمثلا “أبن حجر الهيثمي” بقدر ما كان يدلس الحقيقة، فقد عرفنا من خلاله كثير من البواطن، التي تعتبر حجة ثابتة ضد الحكم الأموي، الذي عاث بالأرض فساداً، ويزيد شارب الخمر وقاتل النفس البريئة أنموذجاً للسياسة القذرة، التي إنتهجتها تلك السياسة .
ذكر كتاب “حياة الامم والملوك لابن قتيبة الدينوري”، حقائق تعتبر حجة على المسلمين، وفي أحد الأحداث التاريخية التي لم يغفلها المؤرخين، أن “عمر بن الخطاب” أرسل بطلب أبن عباس مستفسراً منه حول أحقية الخلافة، فقال له أبن عباس أفهل هي جديدة، وقد نص عليها نبي الرحمة (صلوات ربي وسلامه عليه)، وكان جواب الخليفة التي إتفق عليها من لا يريد أن يتم تهميشهم، بعدما كانوا سادة قريش، طارحاً جملة لم يتوقعها، (تأبى قريش أن تجمع لكم يا بني هاشم الخلافة والنبوة )! .
منابر بني أمية اليوم المتمثلة بالمسار الوهابي، تتبجح بتزيين صورة بني أمية، وتنعت الحسين (صلوات ربي وسلامه عليه) بالخارج على إمام زمانه، ومن هذا الأمام الذي خرج عليه سبط الرسول الأكرم (صلوات ربي عليهم)، أليس هو قاتل النفس البريئة، والذي لا يبات إلا وهو سكران؟ ويلاعب القرود، وله من الأشعار ما يثبت شذوذه عن القاعدة، بل ذهب قسم من أولئك المشايخ، بإختلاق الأعذار ويعتبرونه بدرجة الأنبياء، ومن الصحابة والمبشرين بالجنة التي يدعونها، وإذا كان كذلك فماذا سينال “أبي ذر الغفاري وباقي الصحابة؟ .
بعد الخراب وسياسة الإنحراف الذي إنتهجتها الدولة الأموية، وسياسة القتل خرج “الحسين” (عليه السلام) يوم التروية من مكة، متخذاً طريق الكوفة مقر الخلافة الإسلامية، يوم كان أمير المؤمنين علي بن ابي طالب والياً على المسلمين (صلوات ربي عليهم)، بعد الرسائل التي أتته من العراق تبايعه على الخلافة، بعد جزع أهل العراق تلك السياسة وإنحرافها عن طريق الإسلام المحمدي، فما كان من يزيد عليه لعائن ربي والخلق، إلا أن ارسل جيشاً جراراً فقطع عليه الطريق، من ثم قتله بذريعة خروجه على الحاكم .
“ما خرجت أشرا ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، ولكن خرجت بطلب الإصلاح في أمة جدي وأبي علي بن ابي طالب، أُمرت أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرتهم”، تلك الكلمات إنما تعبر عن الثقة العالية بالنفس، والأحقية في الخلافة الإلهية التي دأبت الأقلام المأجورة بطمرها، وإستبدالها بِجُمَلٍ تستحي من كاتبها، تلك الفترة من التاريخ الاسلامي تعتبر مغالية ومنها بدأت سلطة بني أمية بالضعف والهوان والتي جعلت بني العباس يأخذون منهم الخلافة بشعار يا لثارات الحسين لتبتدئ مرحلة أكثر إنحرافاً .
تلميع صفحة بني أمية، من قبل أناس ليسوا مسلمين أصلاً، أوجد مساحة كبيرة للتوغل في العمق الإسلامي، والطامة أن هؤلاء وجدوا عذر أقبح من فعلهم، بحجة أن سيد شباب أهل الجنة خرج بطلب الحكم، وهذا خارج سياقات السياسة التي ينتهجها آل أمية، ولو رضخ يزيد للمناظرة لترك الخلافة وطلب الغفران، فيما عمل من حرف إتجاه البوصلة، التي إستبدل بها القوانين السماوية، بأخرى لا ترقى لأبسط أدبيات الإنسانية، ومنها قتل النفس المحرمة، لكن كما قال الخليفة الثاني، تأبى قريش بجمع الخلافة والنبوة .