لو قدر لأي شعب من شعوب الأرض ولأي دولة من دول العالم
أن تكرس جهودها وإمكانياتها على كافة المستويات وبكل الوسائل والطرق على أن تدعوا وتجمع كتلة بشرية متنوعة الأعراق ومختلفة الأجناس ومتعددة اللغات والألوان والولادات وبمختلف الأعمار بمسيرة راجلة تتجاوز مئات الكيلومترات والآلاف ترافقهم مائدة تمتد بطول المسير تحمل مالذ وطاب من مأكل ومشرب وخدمات تتخطى المتعارف والمعقول تبهر الناظر حد الدهشة والإستغراب متوجهة لإحياء ذكرى شهادة قائد في واقعة حدثت في الماضي السحيق لم ولن تستطيع هذه الدول مجتمعة . مايجري هذه الأيام على الطرق المؤدية الى كربلاء المقدسة وفي داخلها لايمكن أن تحتويه الكلمات فقد فاق كل التخيلات وتخطى كل التصورات تجسيد لكل مفردات الجود والكرم والخدمة حد الإستئناس بها وضيافة لامثيل لها وألفة وتعاون وتفاني وإيثار في كل شيء ، زحوف مليونية متوجهة بدوافع ذاتية مطلقة نحو قبلة الأحرار وملهم الأبطال وقائد الحرية ومجسد الإنسانية الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) لتحيي ذكرى وصول أول ركب الى مرقده لزيارته بعد أربعين يومآ على شهادته هو والنخبة من أهل بيته وأصحابه ، ومع كل هذه السيول البشرية الزاحفة على إختلاف مشاربهم تقدم لهم ماتشتهي الأنفس وتلذ الأعين بسخاء طوعي مئة بالمئة ولا تكاد تلاحظ أي إحتكاك وأي شجار وأي إشتباك حتى على مستوى الكلمة فضلآ عن الأيادي وهذا فيه دلالة واضحة جلية بأن الرمز المتوجين اليه هو القدوة لهم ومنه يستلهمون العبر ومكارم الأخلاق ..