من الظلم والجور أن يُحتسب رجلاً مثل الامام الحسين عليه السلام بمذهب أو دين معين، فلايحق للشيعة أن يقولوا أنه رمزهم وحدهم ولايحق للسنة القول كذلك، كما لايحق للمسلمين أن يقولوا قولهم ويختصروا الحسين بهم ، النظرية المعقولة أن هذا الرمز للاحرار في شتى بقاع العالم،لكل الانسانية لكل المظلومين .
في هذه الايام نحن بحاجة إلى خطيب منبري يشابه خطاب الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله الذي ركز على اهداف القضية الحسينية وبعدها الانساني وسعى إلى انتزاعها من ثوب التمذهب إلى ثوب الانسانية التي لاحدود لها.
غابت مسألة مهمة هذه الايام هي أن القضية الحسينية قضية احرار، سرعان ماتذوب الشكليات والمظاهر عنها ، ولاتقاوم معها من يحاول أن يستفز مشاعر الناس ويهيج عواطفهم .
من يقول إنه من اتباع الحسين عليه السلام سواء كان منتمياً إلى الشيعة أم السنة أو المسيح فانه سيتحول إلى مُصلح حقيقي،عبر احترام القانون والابتعاد عن قتل الابرياء والمساهمة في تطوير هذا البلد والارتقاء به والاستفادة من تجارب العالم وينمي جاهدا قدراته العلمية ويسعى إلى مكافحة الجهل وامتهان الصبر على الاذى وسعة الصدر وتعزيز روح المواطنة واستيعاب الرأي المختلف وتفضيل الحوار على المقاطعة.
والقراءة وبمناسبة الحديث عن القرأءة ارسل أحد اصدقائي من رجال الدين لي رسالة طويلة يقول فيها انني لم اكن دقيقاً في توجيه بعض الملاحظات في مقالة سابقة كان عنوانها ” الحسين يقرأ ” بشان الثقافة السمعية وتمركزها هذه الايام وتناميها في المجتمع وهجران الكتاب، وينهي رسالته بحجة غريبة ” عزيزي، تعترض على الثقافة السمعية لكنك لم تعترض على المؤسسة الاعلامية التي تعمل بها ولديها ثلاث اذاعات” !.
وقتها منحت العذر لصديقي رجل الدين المنبري وقلت في نفسي ” من حقه، فلو قرأ جميع الناس من سيسمعه ؟”.
من ابرز اسباب الدعوة إلى القراءة والاطلاع لضرورة التركيز على أن القضية الحسينة أنسانية تجاوزت المحدودات الطائفية والمذهبية والمناطقية والدينية وهي بالتأكيد محطة مفصلية لاغنى عنها.
من غير الصائب محكامة الناس ووضعهم في خانة “الانحراف”ليس لذنب أو جريرة سوى أنهم طرحوا فكرة مطروحة سابقة لكنها لم تفضل في الاوساط الدينية .
لفت انتباهي في الزيارة الاربعينية قبل ايام في احدى مواكب محافظة ذي قار يافطة كتب عليها ،” الحسين يوحدنا” وانا اقول الحسين يعلمنا كيف نكون بُناة في هذه الدنيا، ويربينا على المحبة والتسامح والقدرة على استيعاب الاخر والابتعاد عن الكراهية والبغضاءوالضغائن والاحقاد، لايريدنا أن نهتم بالمظهر على حساب الجوهر، يريدنا أن نتعلم ونقرأ ويعلمنا الصبر على اذى الاخوان والاعداء.
باختصار الحسين للجميع وليس لاحد هذه الحقيقة التي لاينبغي نكرانها اوتجاهلها .