يختلف الأمر بين العزاء والمواساة عندما تعزي شخصاً عادياً أو أي جهة ما سرعان ما ينتهي الأمر حتى وإن تكرر في أوقات اخرى. لكن عندما تواسي فإنك تشعر بالتقرب بالتقليد بالإنقياد للشخص الذي تواسيه وهذا ما يلزم تحقيقه مع شخصية الإمام الحسين عليه السلام لأن حادثة إستشهاده هي منهج واجب الإتباع لا ينحصر بالبكاء والحزن الشديد والضجر والجزع فقط وإنما بالسير على ما سار عليه من قيم ومبادئ عالية جعلت من ثورته ثورة إصلاح حقيقية فمن يريد أن يكون حسينياً حقيقياً عليه أن يعرف لماذا إستشهد الحسين الثائر لماذا قدم نفسه وأهل بيته الى ميدان المعركة وهو يعلم بقلة الناصر لكنه توّكل على الله تعالى واستعان بالأهداف التي يحملها وجاء من أجلها فلم يتراجع أو يضعف أمام سطوة الأشرار وقدراتهم وحقدهم فقدم ملحمة إنسانية حملت معانيها شعوبا وأقواما تستنير بها وتستلهم دروسها. فلو قدّر الله تعالى للحسين عليه السلام أن يكون معنا اليوم وهو يرى (المستأكلين ) بإسمه وقد صوروا للناس أن الإمام الحسين عزاء فقط واكتفوا بالنحيب والبكاء عليه فماذا يقول لهم عليه السلام؟ هل من أجل هذا قدّمت نفسي وعيالي؟!! وهل من أجل هذا وقفت ضد الفساد والظلم والإستبداد؟ ويسألهم أيضا ما هذا الإجحاف والغبن والإنقطاع عن نصرة الفقراء والضعفاء ولماذا هذا الحرمان بحق النازحين والمهجرين ولماذا هذا القهر والكذب والنفاق؟ وحتى لا ابالغ وأقول أن الكثيرين لا تروق لهم هذه الأسئلة ويتمنون للحسين عليه السلام أن يعود من حيث أتى!! كي ينعموا بما عندهم من نفوذ وعناوين بإسم الحسين!! وحتى لا نبتعد كثيراً أشار المرجع الأعلى الصرخي الحسني في بيان ثورة الحسين الأخير وهو يقول (( ويجب على كل من يريد أن يواسي الإمام الحسين (عليه السلام) بالجهد والمال فعليه أن يفعل ما فعله الحسين وضحى من أجله وما سيفعله (عليه السلام) لو كان الآن معنا ، فإنه سيكون مع الإصلاح في أمة الإسلام فسيكون مع المهجّرين والنازحين والمتضررين المستضعفين ، ومع الأرامل واليتامى وعوائل الشهداء ، ومع المرضى والفقراء وكل المحتاجين ، فإنه (عليه السلام) سيواسيهم ويعطيهم كل ما يملك ويقدر عليه ، واعلموا وتيقنوا أن الحسين لا حاجة له بزيارتكم ولا بمسيركم الى كربلاء ولا بطعامكم ولا أموالكم ، بينما الجياع والعراة والمرضى والأيتام والمهجرون والنازحون أمامكم وأنتم تتفرجون عليهم ولاتهتمّون لإمورهم ولا ترفعون الظلم والضيم عنهم وحتى إنكم لا تخففّون عنهم ، ومن لم يهتم لإمور المسلمين فليس