18 ديسمبر، 2024 9:00 م

الحزن : تعبير عن مشاعر الالم بعد الفقدان

الحزن : تعبير عن مشاعر الالم بعد الفقدان

يجبر الانسان في وقت ما الاستجابةٌ الطبيعية لفقدان شخصٍ ما أو شيءٍ مهمٍّ بالنسبة له و قد تتنوَّع المشاعر السَّلبية التي تنتابه ويشعر بالكآبة أو الوحدة كردة فعلٍ طبيعي لتلك المصيبة وتؤثر العادات والدين والشخصية على الطريقة التي يعبر فيها الناس عن أحزانهم وهو إحساس داخلي بالحرمان والأسى والوحدة. والحداد هو كيفية التعبير عن تلك المشاعر، وهي من العوامل الطبيعية والضرورية في عملية رد الفعل بعد فقدان ذلك العزيز.

بعض الناس يجاهر بحزنه وجزعه، وآخرون ينطوون على أنفسهم وينعزلون، لانه يسيطر عليهم الالم النفسي و بالشعور بالبؤس والعجز ويعد غالباً عكس الفرح مما يستوجب مواجهة الناتج عن الخسارة بصيغة مؤلمة ويستوجب عدم السماح للعاطفة بالتسلل للوعي والسيطرة عليه واتخاذ الخطوات المناسبة لمعالجة المشاعر وبلا شك فأن الشخص الذي لم يمر بفترة حزن كبيرة يتعامل مع التعاسة والحزن كشعور غير ضروري أو عديم الفائدة وغير مرغوب به ولا يمكن لهذا الانسان أن يشعر بالسعادة بنفس الشدة ،وقد يتجلى في الحزن المفرط ، فقدان الاهتمام بالأشياء الممتعة، وفقدان الحافز، والشعور بالعجز التام، و تغيير السلوك، والتوقف عن القيام بالانشطة البدنية، وتغيير نمط حياته، والولوج في التفكير دائماً

دون ارادة .

تختلف درجة الحزن باختلاف السبب وباختلاف الشخص وقابليته للغرق في نوبات الحزن، ولكنه يتحول إلى درجة أكبر عندما يكون السبب خلفه فعل كبير ويكون الحزن شديد عندما يمتد لمدة طويلة ولا يكون الشخص قادر على الخروج من هذه الحالة التي تؤثر بشكل سلبي عليه بقدر التعلق بالمفقود وهناك فرق بين الحزن والاكتئاب الذي يعد مرض حقيقي يؤثر على كيمياء الدماغ والهرمونات والحالة النفسية ويحتاج إلى علاج ومتابعة من قبل مختص في معظم الأحيان، ويتميز عن الحزن بأن حالة تحتاج الى محفز في حين ان الاكتئاب نوبة لا تحتاج لمحفز حتى يدخل الشخص فيها و تمتد لفترات طويلة جدًا تتراوح بين الأسبوعين وأكثر حسب قوة الحالة قد تستمر سنوات .

يرسم الحزن حالة من الغمّ والكآبة في أعماق النفس وتتحول الى خضوع ويأس في كثر من الاحيان لذلك يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر: 53، 54.

تظهرمشاعر تعبيرية عن الحزن في الوجه في معظم الحالات ، ولا ينحصر عن الخسارة في موت انسان عزيز فقط ومعاناة الفاقد من الفقد وهوامر طبيعي لا بد أن يحزن ويدخل في حداد عليه حسب المعتقدات الموجودة عندنا، بل تتوسع لتشمل فقدان الحلم والصداقة والهدف في الحياة والمال والجاه او ناتج عن تراكم ضغوطات العمل، وعدم القدرة في السيطرة عليها، وفقدان الرغبة في أدائه، والفشل فيه. اوغياب التوافق العائلي، وعدم استقراره ، ووجود مشاكل كثيرة اسرية بين الزوج والزوجة والأبناء، وغياب الانسجام ، سوء الأوضاع المالية والاقتصادية، والعجز عن توفير الاحتياجات الأساسية، اوتراكم الديون، والفقر وضيق الرزق.

قد يؤثر الحزن ايضاًعلى حياة المرء في كثير من الاحيان ويستسلم له ويصبح واقعاً تحت تأثيره، ضعيفًا قلبًا وقالبًا، والحزن مَعلماً `ذاتيا متميزاً ودافعاً بارزاً في ذات الانسان ويبرز في حالة من التشاؤم المثيرة وقاسم مشترك بكلّ ما تنطوي عليه من آلامٍ وآمال وحصيلة ناتجة عن مجموعة من المعاناة والاكتئاب و المشاكل أو ظروف خارجة عن إرادة الإنسان والخطوب الناجمة عندما ترتقي الى التشائم في كثير من الاحيان وتجعله تحت ضغط نفسي يبتعد فيها عن الراحة والطمئة ،وفي حال زاد الإحباط عن حدود معينة فإنه ينقلب إلى مرض صعب العلاج، ولو بحثنا بين أساليب العلاج الحديثة، نجد علاجًا يقترحه الباحث الدكتور: “أنتوني روبينز”؛ الذي يؤكّد أنّ الحالة النفسية تؤثّر على وضعيّة الجسم وحركاته ومظهره؛ ولذلك فإنّ الإنسان المُصاب بدرجة ما من الإحباط، تجد الحزن يظهر عليه، وتجده يتنفَّس بصعوبة، ويتحدَّث ببطء، ويظهر عليه أيضًا الهمُّ والضيق والضعف والهوان .

“أفضل حالة هي تلك التي تُسلم نفسك لقدرها وتظهر نفسك في حالة من البهجة والسرور ، وتنسى همومك، وتعيش في حالة من التأمل وانبساط النفس ، وهذا ما أمرنا القرآن به بقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) لقمان:12 فيشعر الانسان بالسكينة والطمأنينة وفلا تنتابه الهواجس والأفكار الوسواسية القهرية التي تنغص عليه حياته بذكر الله سبحانه وتعالى حيث لا محال تجعله يستشعر بالسعادة والسكينة قوله تعالى(الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد28 أما من رفض فيتوعده الله سبحانه وتعالى بحياة سيئة ونهاية أسوأ-( مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً }طه 100 {- (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) طه124 هذه اللوحة المتكاملة ليس بإمكان العلم البشري المحض أن يوضحها و كما جلاها الخالق عز وجل في القرآن الكريم و (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )}الملك 14 ” .

على كل حال فأن الدموع مثلها مثل الطاقة لا تفنى ولا تستحدث.

الحزن في العالم أيضاً له كمية ثابتة تتكرر بأشكال مختلفة ومملة ولكن ليس الحزن إلا صدأ تغشىها النفس.. والعمل بنشاط هو الذي ينقي النفس ،ويصقلها ويخلصها من أحزانها. لذا يجب أن نغيير من تصرفاتنا التي ربما تسيء لبعض الناس في حياتهم من الأصدقاء والأهل . والحزن على المفقود تقييم لعلاقتنا وسلوك حياتنا اليومية ومن يزرع الخير يجني الثمار الطيبة ولو بعد حين ، ومن يزرع الشر، فلا يجني إلأ الشر و سوف تشرق الشمس مرة أخرى في يوم من الأيام. وسوف يظهر بريق الأمل وتستأنف الحياة حتى ولو لم تكن كما عاهدتها تمامًا في الماضي ، ولا تجعلها تؤثر سلبًا على صحتك فتنهش قلبك وتثقل نفسك بالهموم،