إعتاد العرب أن ينصبوا الزعماء السياسيين والدينيين والقبائليين دون الإلتفات الى الكفاءة والمعرفة، ونوع الثقافة والأهلية العقلية والنفسية، ويكفي أن يكون المعني بالتنصيب وريثا لأسرة دينية، أو إبنا لزعيم طائفة، أو خليفة لوالده المتزعم لقومية ما، أو فئة إجتماعية، بينما ينصب إبن الشيخ المتوفي، أو شقيقه على عشيرته لمجرد إنه ولد في بيت الشيوخ، ولايعود من بشر مستحقا ليكون شيخا لعشيرته، ولازعيما لطائفته، ولامتسيدا لقوميته مادام هناك من يولد في بيت زعيم، وبالتالي لايحق لأحد منافسته في شيء.
مامن شك إن سعد الحريري ولد في بيت الشهيد رفيق الحريري، وفي فمه ملعقة من ذهب، ولاندري إن كان لبنانيا، أم سعوديا، ويشفع له إن السنة في لبنان بحاجة الى سني يمتلك المال، ويكون مدعوما من الرياض ليتقدم الصفوف وحتى لو كان لايجيد مهارات الحكم، ولايعرف سوى أن يلاحق الفتيات في أوربا، ويبحث في موديلات السيارات الحديثة، ويتنقل من بلد لآخر فهناك من يمارس دوره كزعيم، ويبقى هو أمام وسائل الإعلام وجها لوجه، وهذا ماجعل سنة لبنان والمتحالفين معهم من مسيحي هذا البلد يدفعون الثمن وهم يرون زعيم الطائفة المدلل يحتجز في الرياض.
برغم دفاع فريق 14 آذار عن الرجل، ونفيهم ماتردد عن قيام السلطات السعودية بإحتجازه وإجباره على الإستقالة، فإن الحقيقة بدأت تتجلى رويدا، وقد أدلى الخصوم بدلوهم وقالوا: إنه محتجز، وإنه قدم إستقالته مكرها فليس من أحد في لبنان داس له على طرف كما يقال، وبينما كانت الصدمة تعلو محيا كل محب للحريري، كانت تفاعلات الإستقالة تتنقل بين العواصم، وتمر على قصر بعبدا لتصدم الرئيس عون الذي ظل دبلوماسيا حتى تفجر مابقي لديه من صبر بعد عودة مرجع المارونيين بشارة الراعي من الرياض، ويبدو أنه عرف سر الحريري، مادعا عون ليقولها وبصراحة، إن رئيس حكومة بلاده محتجز، وإن ماجرى عليه مناف لحقوق الإنسان، وإن تصرف السعودية عمل عدائي، وبالتالي لم يتبق لمؤيدي الحريري الكثير من الأوراق، فرئيس لبنان الجامع يقول ذلك، وليس من السهل أن يكذبوه.
الحريري تحدث عبر مواقع التواصل الإجتماعي باعثا برسالة الى جمهوره اللبناني من الرياض ليقول، إنه بخير، وإنه سيعود الى لبنان، وكان يتحدث بلغة مرتادي الفيس بوك الذين يغردون لأصدقائهم، ويقول، راجع على لبنان.