19 ديسمبر، 2024 12:11 ص

الحريات السياسية ……..مُطلقة ام نسبية

الحريات السياسية ……..مُطلقة ام نسبية

ما أن شاهد الناس رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب وهو يمثل امام المحكمة وخاضع للقانون ، حتى تساءلوا هل سنحضى بدولة يكون فيها القانون هو الملزم للجميع باختلاف المناصب والرتب . وهل سيكون لنا من الحريات الشيء الذي يمكننا من رفع قضايا على الرئيس . أن هذهِ التساءلات تأخذنا الى تساءلات أخرى وهي هل الحريات في الدول العظمى كالولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول التي تدعي ضمان الحريات ، هي حريات مطلقة على الاقل على المستوى السياسي. الحرية من المفاهيم التي دار حولها الكثير من الجدل ووضع حولها الكثير من الاستفهامات. فقد تغير وتطور مفهوم الحرية مع تطور الزمن وما رافق هذا التطور من تغيرات سياسية وأجتماعية وفكرية . فتلاشت حرية الفرد الواحد وأندرجت ضمن حريات الجماعة بما يضمن الحريات للجميع بشكل متساوي وعادل . فيقود هذا المجتمع من يمتلك القبول العام ما يطلق عليه (السلطة ). ومن هنا نشأت العلاقة الجدلية بين السلطة والفرد . و يجدر بنا القول هنا أن ما من حرية مطلقة وإنما هناك حرية نسبية تؤثر في ارتفاع سقف الحرية أو انخفاضه في ظل ارتهانه لمنظومة مجتمعية منها الديمقراطية الحقة والعادات والتقاليد التي قد يغشاها عنصر العيب والمعتقد في العديد من الدول، إذ يعد معياراً من معايير التعامل مع الحرية وفي عصرنا الحالي نجد أن مفهوم الحرية السياسية المطلقة هي أمر شبه معدوم فلا يخلوا مجتمع او دولة مهما كانت قوتها ومهما أدعت الديمقراطية من (تابو ) مواضيع تُعتبر خطوط حمراء او (طوطم ) شخص لا يسمح المساس به او انتقاده. ولا تعبر بالضرورة الرؤى السياسية والعسكرية لجميع الدول عن رؤى وسياسات الافراد . وكان ذالك جلياً في الغزو الامريكي للعراق فلم يكن الشعب الامريكي موافقاً بشكل كبير ولا حتى أغلب الدول الاعضاء في مجلس الامم المتحدة باستثناء الولايات المتحدة ، والمملكة المتحدة. فأسفر الغزو عن مقتل ما يقارب المليون عراقي وتدمير البنى التحتية وتهجير الآلاف وقتل وأغتيال الكفاءات العلمية . أن هذا النوع من الافعال لا تؤكد على الإطلاق أن لهذهِ الدول الحريات السياسية المطلقة والديمقراطية التي يدعونها. بل هي بالاحرى حريات مزيفة ، حريات تخدم توجه معين . فنلاحظ أمتعاظ وإستِهجان شديدين اذا حرق أحدهم شعار يرمز للمثليين . بينما لا نشاهد هذا الشي اذا حرق أحدهم المصحف الشريف او أساء الى المسلمين وهذا الشي ان دل فانما يدل على أن مفهوم الحريات العامة قد تغير وتحول فاصبح يخدم جهة معينة دون اخرى . وما دامت الحرية ليست مطلقة، فهي إذن نسبية، باختلاف الزمان والمكان، فإذا كان الإعدام والإجهاض والقتل، هو سلوك مُشين ومرفوض في بعض المجتمعات، فأنهُ من ناحية حقًا يمارس من قبل مجتمعات أخرى!.
وختاماً لا يسعنا الا أن نقول أن الحياة في ظل العولمة جعلت من مفهوم الحرية أمر سطحي مستندين فيه الى الاعلام ومنصات التواصل التي لا ينفك الافراد من متابعتها فيروا في وجود رئيس لدولة عظمى في المحكمة ما يدعوا الى الاعجاب لاحتواء هذهِ الدولة على ديمقراطية لا مثيل لها . وما هي في الواقع الا تمثيلية كتمثيلية أحتلال العراق.