في كل حقبة رئاسية تنقّل بها الدهر لصالح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنجذب بإنتمائه السياسي الى الجناح اليميني المتشدد للحزب الجمهوري , تراها ترتبط بسياسة ترامب مع حاضر ومستقبل الكيان الصهيونيبالدرجة الأولى , قبل حاضر الواقع الأمريكي ومستقبل الولايات المتحدة الأمريكية كدولة ,
بشكل يخلو من قوانين الشرعية الدولية بشكل عام , والحق الفلسطيني في استعادة ارضه السليبة بشكل خاص , ومن غير ان يكون متضايقآ لا من النقد المحلي ولا من النقدالدولي ابدآ , وكأنه بلوى وقد هلَّت قاتمة لتبزغ من تحتها حركة موازية وذات سياسة موحدة مع الكيان الصهيوني وداعمة للحركة الصهيونية الهادفة للهيمنة على العالم ,
منذ ان ساند اول مرة المجرم نتياهو في الإنتخابات الصهيونية عام 2013 , وبدت عليه علامات انسياقه وراء الحركة الصهيونية كذنب لها يدب على الأراضي الأمريكية وينفث سموم عدائه لسبعة دول مسلمة وذلك بمنع المسلمين ووقف ادخالهم بشكل تام الى الولايات المتحدة , وحتى وصوله الى منصب الرئاسة لأمريكا تحت شعار ” سنجعل امريكا عظيمة ثانية “ .
وحين بدأ حقبته الرئاسية الأولى , اعلن عن اعترافه بالقدس عاصمة للكيان الغاصب المحتل من ناحية , واعترافه بإنضمام مرتفعات الجولان الى ذلك الكيان من ناحية اخرى , وبهذا تخلت الولايات المتحدة بشكل عملي ومنطقي عن كونها على الحياد في رعايتها لعملية السلام بين الصهاينة والفلسطينيين ,
ثم راحت هذه البلوى تسحّ على العالم تحلل القتل وتحرّم , وتعيد الحصار على كوبا وتفرضه على ايران الإسلامية وتزيد به على كوريا الشمالية , وتشدد الضرائب الجمركية على دول المجموعة الاوربية والصين وكندا , وتنسحب من معاهدة الصواريخ النووية التكتيكية مع روسيا ,
وقيّدت العراق بالسياسة المالية مع سياسة البنك الفيدرالي الأمريكي والسياسة النقدية الأمريكية , وحثَّت على وقف الهجرة الى امريكا والى طرد المهاجرين غير الشرعيين , ودبت بالعالم على اثر ذلك ظاهرة سياسية امريكية جديدة سميت بـ ” الترامبية ” ,
لتكون موازية بالتمام والكمال مع اهداف الصهيونية التوسعية على حساب الدول المحيطة بها , فمالت عينه الى جزيرة كرين لاند العائدة الى مملكة الدنمارك ليضمها اليه والى خليج المكسيك وقناة بنما واخيرا دعت الى ضم دولة كندا بذرائع عتيقة تمزج النار بالظلم وتمزق ثوب السلم العالمي .
عندما تتأمل الفكر السياسي للحركة الترامبية منذ الحقبةالرئاسية الأولى والحالية للولايات المتحدة الأمريكية , تجد انها تمتاز بالنزوع الى رؤى تحقيق اهداف الكيان الصهيوني من جهة , واهداف الحركة الصهيونية من جهة اخرى ,
وكأن المواقف التي اتخذتها الإدارات الأمريكية السابقة والمتلاحقة مع دول العالم بشكل عام والقضية الفلسطينيةبشكل خاص , لم تكن مقبولة لديه لذلك عمل على توظيف عنصر الخيال البعيد عن الواقع لتصحيح تلك المواقف ,
من دون ان ينظر الى الواقع الفلسطيني بشكله الذي يسرده التأريخ منذ عام النكبة 1948 برؤية صادقة وعميقة , لأنه بولائه للصهيونية اضطر مقتنعآ بعدم مقبولية جميعها نظرآ لإبتعادها عن المهادنة مع الكيان الصهيوني , وليس للواقع الفلسطيني اي علاقة بخياله واحلامه التي يراها بعينه التي تنتصر للصهيونية , لأنه يناصر العين الصهيونية نفسها التي تتجاوز الحدود الواقعية لفلسطين العربية التي انشأها تأريخ السابقين من العرب ,
بل انها ( اي العين الصهيونية ) ترنو الى بناء نقيضه بالوهم الذي يتجاوز تلك الحدود الى دول اخرى , وهو الوهم نفسه الذي تبناه ليجاري به وعوده التي قطعها بالوقوف الى جانب الكيان الصهيوني اذا فاز بالحقبة الرئاسية الثانية ليبرهم انه غير صدود عما فعله بالحقبة الأولى ومازال قريبآ بوصله من اضلاع الصهيونية من ناحية , وملتمسآ بغطرسة وعنجهية وبطريقة لا شعورية ,
ان يديم لنفسه حركته السياسية والشعبوية اليمينية وتميّزه بالسلطوية العظمى وبمعتقدات بعيدة عن الليبرالية من ناحية اخرى , اما الحقيقة التي غابت عن الكثير ممن اصابه العمى فهي حركة قرينة بالسياسة الصهيونية التي تفوقت بمقاييسها على نازية النازيين وخاصة في حربها مع حركة حماس الفلسطينية ,
واثبتت انها هي التي صنعت الذنب الترامبي الذي انيط به القيام بمايلزم بعد حقبة الرئيس جو بايدن وهي تدبّ على عالم غابت شجاعته لمواجهته , وهاهو الآن يسكب من خياله المريض سلاف السياسة التوسعية نهارا جهارا ,
ويبدع في تحديد كميات الدولارات التي ينبغي ان تدفعها السعودية من واردات الحجيج , والعراق من اثمان النفط , وقد خانهم بُعد البصر صاغرين عما يفعلون معه , لأنهم على الحكم ضيوف وعلى عاتقهم عهد العكوف .