23 ديسمبر، 2024 11:47 ص

الحركات الشبابية الثقافية

الحركات الشبابية الثقافية

قال افلاطون “نحن مجانين اذا لم نستطع ان نفكر، ومتعصبون اذا  لم نرد ان نفكر، وعبيد اذا لم نجرؤ على التفكير” .
التفكير بعملية الخلق المتجدد هي ما تظهر حاضرا على أيدى الشباب الذين أراهم  يعيدون انتاج الحياة بإشكال ابداعية عبر افكار تحاول ان تعطي اشعاعها في مجالات لا تحصى ما بين المسرح والشعر والقصة والتشكيل والبحث والنحت والسينما ، اسماء تتواتر في تشكيلات وتجمعات ومنتديات وجمعيات ، تحمل صفة الشباب وتتمحور حول صنع الحياة بجمال وابداع وتميز.. اراهم يوم جمعة ” المتنبي” وهم يقرأون القصائد ويقدمون المسرح المرتجل وينشدون للوطن وتفترش المساحات لوحاتهم التشكيلية والفوتوغرافية .. شباب من كلا الجنسين يجمعهم  حس الابداع فأسمع عن مهرجان العراق الدولي الثالث للفيلم القصير الذي أنتج فيه الشباب افلاما بميزانيات بسيطة  ووسائل انتاج بدائية لكنها مميزة ببصمة متجددة في الفكرة والتناول والتنفيذ.. واقرأ عن المسابقة التي جرت تحت تسمية “المجرشة” وهو لون شعري كتب فيه العديد من رموز الحركة الشعرية الشعبية في العراقي حيث تتناغم خمسة وثلاثين وزنا شعريا مطواعة بين قرائح الشباب الذين قدموا صورا شعرية مدهشة برعاية من سبقوهم من الرواد في هذا المجال دون ان يتبرموا باي نقد او تصويب أو ملاحظة .
واقرأ اصدارات الشباب ما بين القصة والرواية والشعر بعد ان وجدوا الطريق سالكا الى دور النشر فامتلأت الرفوف بكتب لا بد ان تحظى برعاية النقاد واهتماماتهم وهو ما أخذ اولى خطواته الفعلية سواء في جلسات المتنبي او اتحاد الادباء او النوادي الاجتماعية  ضمن اهتماماتها الثقافية والادبية .
واتابع المسرح الشبابي ومسرح البنتومايم فأكتشف مواهب جميلة ومهمة وبروىء معاصرة تستوحي ثيمتها التعبيرية من واقع العراق  ومستجداته الأمنية والاجتماعية والسياسية معلنين حبهم للعراق والتصاقهم بارضه .
طاقات شبابية مهمة بدأت تعطي برامج  دورية في تنشيط المشهد الثقافي والأدبي المحلي وتترك تأثيراتها في تنشيط الحياة العامة في العراق ، وكل ما تحتاجه هو الرعاية الحقيقية من المؤسسة الرسمية والخاصة في تقديم  التسهيلات التنظيمية والمكانية والاعلامية واللوجستية لتكون معقولة في التخطيط والتنفيذ.. ومن هذه الافكار الشبابية المتجددة سيبدأ البلد بإفراغ طاقات الشباب في المسالك السلمية الأمنة  نابذين كل مظاهر العنف والتخلف والافكار المتكلسة التي تحاول ان تفعل فعلها في تمزيق النسيج الاجتماعي للعراق.
ومعروف ان الطاقات الشبابية هي النواة للدولة العصرية الحديثة التي يحاول بها المجتمع تنمية  مفاصله  الحيوية  وتجديد اساليبه ومناهجه لتكون مواكبة لفعل التغيير المطلوب ايجابيا عبر الاستفادة الحكيمة من تلك الطاقات وعدم اهدار ثروة وجودها اذ يشير الواقع الاحصائي الى ان نسبة الشباب في العراق هي النسبة الاكبر من نسب الكهول وهو ما تستغله البلدان في تنمية مواردها البشرية  حسب احتياجات مجتمعاتها.
افكار الشباب وبرامجهم الثقافية  والفنية والعلمية والفكرية هي الطاقة الكامنة والمتحركة التي على المجتمع اليوم  معرفة كيفية التعامل  الايجابي معها وتأكيد اهميتها في خلق بيئة صحية لنماء الطاقات المتجددة في كافة الميادين . ويهمنا ايضا الاشارة الى  ما يؤكده علماء النفس بأن ظاهرة قبول الإحباط والرضا به  قد تظهر أكثر قوة عند الشباب ، نتيجة لإفرازات الواقع الذي يعيشونه ، والواقع يشهد تعقيدا مركبا في حاجياته وصعوبة تحقيق متطلباته ، لذا يبدو امرا حتميا ان تبادر المؤسسات للقضاء على مسببات اية ظاهرة أحباط متنامية أو افكار مرتجلة او فنطازية او غير متوافقة مرحليا ومجتمعيا حتى لا تتنامى ظواهر مرفوضة في مجتمع بات يعاني من عديد من المستجدات السلبية وما على الطاقات الايجابية الا النمو باطراد فكري وعلمي وثقافي وفني ليحقق المجتمع تميزه الدائم عبرهم في كل زمان ومكان .