18 ديسمبر، 2024 6:26 م

الحرب وغزو العراق والاجتياح والحرب الروسية الأوكرانية

الحرب وغزو العراق والاجتياح والحرب الروسية الأوكرانية

بعد أن أصبحت الحرب الروسية الأوكرانية، أشبه بواقع حال على العالم أجمع، تطرح المقارنات مع حروب أخرى شهدها العالم، تحمل أوجه وذرائع متعددة، لكن ثمة مقارنة ومقاربة عسكرية بين الغزو الأمريكي لبغداد، في عهد جورج بوش عام 2003، والغزو الروسي لكييف عام 2022، برئاسة فلاديمير بوتين.

قائد القيادة المركزية الأمريكية السابق الجنرال ديفيد بتريوس الذي قاد مرحلة أساسية من الحرب الأمريكية في العراق، اعتبر خلال مقابلة مع مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية، أن “بوتين، يفتقر للمطاولة والقدرة على السيطرة على أوكرانيا، وأن رغم صعوبة الحرب على بغداد بالنسبة للأمريكيين، إلا أن حرب كييف، قد تكون أشد وطأة على موسكو.

وأجرت المجلة الأمريكية، المقابلة مع بتريوس، استناداً إلى تجربته العراقية، للحديث عن حرب أوكرانيا، وعند سؤاله عمّا كان سيفعله لو انه كان قائداً للجيش الأوكراني الآن، فأجاب: “سأعمل على الجانب الاستخباراتي لتحديد مواقع وجود عناصر القوات الروسية وخياراتها والأكثر ترجيحاً وخطورة بينها.

وتولى بتريوس في السابق أيضا إدارة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه)، وأعد أطروحة الدكتوراه حول حرب فيتنام، وساهم في إعداد دليل الإرشاد الميداني للقوات الأمريكية حول أساليب مواجهة التمرد، كما أنه كان قائداً للقوات الأمريكية في العراق خلال خطة زيادة عديد القوات التي صعدت الوجود العسكري في العراق، تمهيدا للخروج منه قبل أكثر من 10 سنوات، وتولى أيضاً قيادة القوات الأمريكية في أفغانستان.

وقال بتريوس، وفقاً للمجلة الأمريكية، إن “عدداً قليلاً من الأمريكيين يعرفون أكثر منه عن احتلال بلد ثم مواجهة مقاومة مسلحة”، في إشارة إلى تجربته العسكرية في مكافحة (التمرد) المسلح في العراق.

ومهما كان عزم بوتين، على غزو أوكرانيا، إلا أنه وبحسب بتريوس “لا يتمتع بالقوات والدعم الشعبي الكافيين للنجاح في السيطرة على هذا البلد، لأي فترة زمنية طويلة”.

وأضاف بتريوس، أن “التحدي الآن أمام كبار صانعي السياسة في أوكرانيا، يتمثل في أنهم يحاولون تحقيق هدفين برغم أن أحدهما يلغي الآخر بدرجة ما، وهما محاولة تجنب إثارة الذعر بشكل كبير لمواطنيهم الأوكرانيين، وتجنب استفزاز الروس بلا ضرورة، والأمر الآخر هو إعداد القوات الأوكرانية للدفاع عن البلاد”.

يشار إلى أن حجم القوات الروسية المحتشدة والمقدرة بـ190 ألف عسكري، تقارب حجم القوات الأمريكية التي جرى حشدها خلال خطة زيادة القوات في العراق (the surge)، برغم أن أوكرانيا أكبر مساحة وسكانا بكثير من العراق.

ولفت بتريوس، ردا على سؤال عما اذا كان بمقدور روسيا بالفعل السيطرة على كامل مساحة أوكرانيا، إلى أن “أوكرانيا ليست فقط أكبر من العراق، وإنما هي أيضاً أكثر تعداداً في السكان بنسبة 50% من البلاد، بالإضافة إلى أن ملايين من السكان العراقيين هم من الكورد والمسيحيين والايزيديين والشبك والشيعة، كانوا ممن دعموا قوات التحالف بشكل كبير طوال فترة الوجود العسكري الأمريكي في العراق.

واعتبر أن “أقلية صغيرة من العراقيين كانت تدعم المتطرفين السنة والمتمردين والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، لكنهم برغم ذلك، برهنوا على أنهم أعداء يصعب التعامل معهم”.

وتابع الجنرال الأمريكي، متسائلاً “هل بإمكان روسيا السيطرة على كامل مساحة أوكرانيا؟”، مضيفا أن “هذا السؤال يجب أن يكون من أكثر الأسئلة إثارة للقلق في ذهن الرئيس بوتين وفي رؤوس كبار قادته”.

وتحدث بتريوس عن تجربته في قيادة الفرقة 101 المحمولة جوا خلال الأشهر الأولى من غزو العراق عام 2003، مشيراً إلى أن “القتال كان صعباً”.

وأردف: “بمجرد إنهيار النظام، لم يكن لدينا ما يكفي من الجنود لمنع عمليات النهب الكبيرة في وقت مبكر، وفي الفترة اللاحقة، لم يكن للولايات المتحدة ما يكفي للتعامل مع المتمردين والعناصر المتطرفة عندما صعدوا العنف بشكل كبير في العام 2006، حتى جرى إرسال قوات إضافية أثناء (خطة) الزيادة التي استمرت 18 شهراً، إلى جانب إجراء تغييرات في الاستراتيجية وتطوير أعداد متزايدة من القوات العراقية المتمتعة بكفاءة بدرجة معقولة”.

ونوه الجنرال الأمريكي إلى أهمية عدم نسيان أن “غالبية العراقيين رحبوا في البداية بـ(تحرير البلد من نظام صدام حسين الوحشي الفاسد)، لكن لا يمكن أن يتوقع الروس أن يتم الترحيب بهم وهم يغزون أوكرانيا”.

ورداً على سؤال حول تجربته في “مكافحة التمرد” وما اذا كانت روسيا ستواجه شيئا مشابها في أوكرانيا، توقع بتريوس، أن تقدير حجم ذلك وثباته أمراً صعباً”، مبينا أن “من العوامل المهمة تتعلق بما اذا كانت الحكومة والقوات الأوكرانية ستتمكن من الاحتفاظ بجزء كبير من بلدهم أمام أي غزو كبير، فالأوكرانيون يقولون إنهم سيجعلون الحياة صعبة للغاية على قوات الاحتلال الروسية”.

وبحسب بتريوس، يتحتم على الروس أن يتخوفوا من هذا الاحتمال بدرجة كبيرة، خاصة اذا لجأ الأوكرانيون إلى أسلوب القتال كمتمردين، وتم توفير الدعم اللازم لهم من الخارج.

وأوضح أن “بوتين وكبار قادته هم من كبار السن بما يكفي ليتذكروا حجم الألم الذي شهده وجود السوفييت في أفغانستان، ولهذا عليهم أن يشعروا على الأقل أن احتلال اوكرانيا قد يكون صعباً جداً، حتى لو انهم اعتمدوا على 190 ألف عسكري روسي في مواجهة مجموعات التمرد الصغيرة”.

وحول رد فعل دول الغرب، على التمرد الأوكراني وما إذا كانوا سيدعمونه أم سيتخلون عنه، أكد بتريوس أن “الإجابة على هذا الأمر صعباً، لأن هناك العديد من العوامل المؤثرة بذلك، بما فيها ما اذا كان التمرد يتم من داخل جزء كبير من أراضي أوكرانيا التي ما تزال تحت سيطرة الحكومة، أم أنها تتم من خارج هذه الأراضي”.

وخلص إلى القول إن “المتمردين بشكل عام، مثلما شوهدوا في العراق وأفغانستان، يحتاجون الى مقاتلين واموال وقادة واتصالات وأنظمة وأسلحة وذخيرة ومتفجرات وملاذات آمنة وخبراء في المتفجرات، بالاضافة إلى الايديولوجيات أو قضية يقاتلون من أجلها”، مرجحاً أن يطلب المتمردون الأوكرانيون “كل ما احتاجه المتمردون والمتطرفون العراقيون والأفغان، باستثناء الانتحاريين”.

 

لقائل أن يقول أن الحرب في أوكرانيا لن تهمنا نحن العرب مادامت تبعد عن منطقتنا آلاف الأميال وهناك من حمد الله أنه ولأول مرة تشتعل حرب خارج منطقتنا بعد كل الحروب التي شهدتها منذ حرب 1948 بين العرب و الكيان الصهيوني مرورا بعدوان 1956 على مصر والحروب العربية ” الإسرائيلية” في 1967 و 1973 ثم الحرب العراقية الايرانية طيلة الثمانينات و العدوان الثلاثيني على العراق سنة 1991 ثم الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وحلفائها ومنهم أوكرانيا على العراق سنة 2003 ثم سلسلة الحروب التي شهدتها المنطقة في كل من سوريا واليمن وليبيا التي جيشت عليها الولايات المتحدة حلف الناتو فلم يتبقى منها غير أسماء دول ، وحتى كدنا نؤمن أن الحروب هي قدر المنطقة العربية والمواطن العربي المحتوم . وقد تنفسنا الصعداء وحمدنا الله أن الحرب هذه المرة لن تلحق نيرانها أي جزء من البلدان العربية التي اكتوت كافة أجيالها منذ الحرب العالمية الثانية بها. وقد برهنت هذه الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا على مقولة الكيل بمكيالين لدى الدول الكبرى التي ترفع شعار احترام القانون الدولي والشرعية الدولية وسيادة الدول على أرضها وحرية الشعوب في تقرير مصيرها وفي مقدمة هذه الدول الغرب بصورة عامة والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص. فنحن نسمع عن تنديد الولايات المتحدة الأمريكية وتوعدها لروسيا على غزو أوكرانيا والحمد لله أننا عشنا حتى هذا اليوم وقد كنا شهودا على غزوها للعراق والإطاحة بنظامه الوطني وبكافة أركان الدولة فيه وما ترتب عن ذلك الغزو من آلاف الشهداء والثكالى واليتامى وملايين المشردين والمهجرين فضلا على تخريب وتدمير مقدرات البلاد من بنية تحتية وبيئة ملوثة إلخ…. حتى تحول العراق اليوم إلى دولة فاشلة يعمها الفساد و التشرد بعد أكثر من 18 سنة من حكم العملاء والإمعات واللصوص بينما نجحت حكومة البعث خلال عشرية واحدة من حكمها بين 1968 و 1978 في تأميم النفط حتى تضاعف دخل الفرد العراقي عشرات المرات وتحسن مستوى عيشه وتأسست عشرات الجامعات بعدما أصبح التعليم مجانيا وإلزاميا وتأسست عشرات المستشفيات حتى أصبح العلاج مجانيا بالكامل وتطورت البنية التحتية من طرقات سريعة وسيارة ومطارات وجسور وسدود وغيرها، كل ذلك نسفته الولايات المتحدة بجرة قلم باجتياح العراق الذي يبعد آلاف الأميال عن حدودها بحجة نزع أسلحة الدمار الشامل التي يخفيها وكذلك فعلت في ليبيا التي تعيش طيلة عشر سنوات في ظل حكم المليشيات والعصابات الاجرامية ولم ينجح الشعب الليبي في إقامة سلطة موحدة يجمع عليها الكل دون خلافات وبذلك قضت على أحلام أجيال متعاقبة تحلم بغد أفضل وكذلك فعلت في سوريا بتحريض الاقليات والإسلام السياسي و عصابات الإجرام على التمرد ضد حكومتهم تحت شعار الحرية والديمقراطية وفي الاخير تخلت عنهم وأدارت لهم ظهرها وتركت البلاد تعملها الفوضى و الخراب و الدمار. وإذا كان بعضنا وإن كانوا أقلية وقتها مقتنعا أن غزو العراق وتدمير سوريا وليبيا لم يكن لغايات سامية وشريفة كما ادعت قوى الشر وأرادت أن تقنع الأغلبية بذلك بل كان كل ذلك خدمة لمصالحها وفي مقدمتها مصلحة الكيان الصهيوني الغاصب بالتخلص من الدول التي لم تقبل بوجوده وحتى تفتح السبيل لتلك الأنظمة المترددة للهرولة إلى كسب ود الكيان الصهيوني واستجداء التطبيع منه. واليوم تريد الولايات المتحدة برفض الغزو الروسي لأوكرانيا أن تقنع بعض المغفلين أنها تقف مع الشعب الأوكراني بوجه الدب الروسي. وإذا كنت شخصيا ومن حيث المبدأ ضد غزو أي دولة لأخرى مهما كانت الذرائع والأسباب خاصة إذا لم يكن هناك تكافؤ بينهما لأن أي غزو أو حرب لن يتضرر منها غير الضعفاء والمساكين من الفقراء ومن لا حول لهم فإنني ونكاية في الولايات المتحدة وحلفائها وخاصة حكومة أوكرانيا ورئيسها الصهيوني الانتماء والمؤيد لدولة العدو المغتصب لأرض فلسطين لكي يتذوق مرارة الغزو حيث كانت من السباقين لغزو العراق والمساهمة في تدميره وتقتيل شعبه ولن يكون دم شقر أوكرانيا وأصحاب العيون الزرقاء فيها أغلى من دم سمر العراق. كما أن الغزو الروسي لأوكرانيا سيبرهن على زيف أمريكا وكل الشعارات التي ترفعها من حرية وديمقراطية وحقوق إنسان وهي التي ضربت بمعارضة الأمم المتحدة غزو العراق عرض الحائط وتتباكى اليوم على غزو روسيا لأوكرانيا، لأن روسيا التي استعادت مكانتها وقدراتها تريد إعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي ولن تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل أكثر من الأقوال وشطحات الوعيد لأن ذلك سيضع حدا لعالم القطب الواحد الذي تفردت به الولايات المتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في 1990. ولعل في ذلك رحمة للفقراء والمعذبين والمقهورين في عالم قهرته الولايات المتحدة بالحديد والنار حتى اعتقدت بعض الأنظمة والعملاء من أتباعها أنها قدرنا المحتوم ولعل ذلك سيحيي فينا الأمل بتحرير فلسطين والانعتاق من جبروت أمريكا وطغيانها لكن على حد قول الشاعر الكبير محمود درويش تبقى أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا.

استهجن تجمع فجر العراق الذي يضم نخباً عراقية من الكفاءات العلمية والثقافية والفكرية، الحديث المليء بالزيف الذي أدلى به الخبير العسكري اللبناني العميد المتقاعد إلياس حنّا لقناة الجزيرة، السبت، عمّا يجري فِي أوكرانيا، وإيراده مثلاً مزعوماً عن عرض كولن پاول امتلاك العراق للأسلحة البايولوجية وادعائه أنه “جاء بتوثيق ناجح للأمر”.

وقال الناطق باسم التجمع الكاتب والصحفي سلام الشماع إن السيد حنا جاء ليبرئ الولايات المتحدة من الجريمة التي اقترفتها بغزوها العراق واحتلاله وإبادة عشرات الآلاف من شعبه وتشريد أكثر من مليوني عراقي في أرجاء الأرض وتهجير الملايين منهم داخل العراق وخارجه، بعد أن اعترفت أمريكا نفسها بأنها أخطأت وأن العراق، كما تبين لها وللعالم أجمع، أنه لا يمتلك مثل هذه الاسلحة التي زعم السيد حنا امتلاك العراق لها.

وسخر الشماع من تنصيب السيد حنا نفسه ناطقاً باسم الولايات المتحدة ومدافعاً عنها بعد أن ثبت للقاصي والداني ارتكابها الكثير من الجرائر والجرائم على سطح الكرة الأرضية وضد شعوبها، ومنها غزو العراق بزعم كاذب أنه يمتلك الأسلحة التي ذكرها، فيما كان المظنون أن السيد حنا (محلل استراتيجي) يتحلى بالموضوعية، لكنه فضح نفسه واصطفافه إلى جانب دولة ماتزال ترتكب الجرائم المتواصلة ضد الإنسانية في كل مكان، بترحمه على مجرم الحرب پاول وقَلْب الحقائق بما لا يليق بمن يطرح نفسه على أنه خبير عسكري يفترض أن يتعامل بالوقائع لا بالأكاذيب.

وطالب الشماع باسم التجمع أن تقدم قناة الجزيرة والسيد حنا، من فورهما، اعتذارهما للعراقيين وللعرب جميعاً وللشرفاء في العالم عن هذا الافتراء المقصود حفاظاً على سمعتهما، كما طالب أن تعتذر المذيعة “عراقية” الأصل ليلى الشيخلي وزميلها بتقديم نشرة الأخبار جلال شهدة اللذَيْن لم يلتزما السياقات المهنية في عملهما ويناقشا حنّا في ما أورده من زيف وأكاذيب.

 

رسم خبراء غربيون مشهد الحرب المقبلة المحتملة بين روسيا وأوكرانيا، معتبرين أن شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزوًا شاملًا على أوكرانيا، يُنذر بحرب لم يشهد العالم مثلها منذ حرب العراق عام 2003.

وذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن التقارير تتحدّث عن نشر نحو 100 ألف جندي روسي قرب الحدود الأوكرانية، لكن التقديرات الغربية تؤكد أنه إذا كانت موسكو تنوي غزو أوكرانيا بالكامل، فإنها تحتاج إلى ضعف هذا العدد، على الأقل، وسيشمل بالتأكيد قوات تمرّ عبر بيلاروسيا.

وقال الباحث في معهد “أميركان إنتربرايز” فريد كاغان أن “غزوًا بهذا الحجم لم يشهده العالم منذ 2003، سيحتاج على الأقل ما بين 150 ألفًا إلى 200 ألف جندي، متوقّعًا أن روسيا بإمكانها الانتهاء من جمع ذلك الحشد بنهاية الشهر الجاري.

وأضاف أن التحدي الأكبر بالنسبة لبوتين، هو قدرة قواته على مواجهة أي عمليات مسلحة داخل الأراضي الأوكرانية، بعد احتلال العاصمة كييف.

هل احتلال أوكرانيا ممكن؟

وشرح كاغان في ورقة بحثية شارك في كتابتها مع خبراء آخرين من معهد دراسة الحرب (Institute for the Study of War )، أن العملية الحاسمة لاحتلال أوكرانيا “تتطلّب مقاتلًا واحدًا مقابل كل 20 مواطن أوكراني”، مشيرًا إلى أن روسيا سوف تحتاج لاحقًا إلى تواجد قوات يزيد عددها عن 325 ألف فرد للسيطرة على كييف والمدن الرئيسة في أوكرانيا في الجنوب والشرق، وسحق حركات المقاومة المحتملة.

ووفقًا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، يبلغ عديد الجيش الأوكراني 145 ألف عنصر، ولكن هناك أيضًا ما يزيد عن 300 ألف من قدامى المحاربين ممن يشاركون في الصراع المنخفض الحدة في إقليم دونباس شرقي البلاد، والذي يسيطر عليه الانفصاليون الموالون لموسكو.

وأشار استطلاع رأي حديث إلى أن ثلث مواطني أوكرانيا سيكونون على استعداد لخوض غمار “المقاومة المسلحة” ضد أي احتلال روسي.

وقال كاغان لصحيفة “الغارديان”: “درس بوتين ما حدث للولايات المتحدة في العراق بعد عام 2003، ونظرًا إلى صعوبة التعامل مع مع النشاط الحزبي، اعتقد أن بوتين لا ينوي غزو أوكرانيا واحتلالها”.

نقاط القوة

وأشارت الصحيفة إلى بعض نقاط القوة التي تتمتّع بها روسيا، منها القدرة الجوية العالية والقدرات الصاروخية، وهو ما قد يحطّم معنويات الجانب الأوكراني عند اندلاع العمليات العسكرية، ويؤدي إلى فرار الملايين غربًا بدل المشاركة في القتال.

وقال روب لي، وهو ضابط سابق في مشاة البحرية الأميركية وزميل في معهد أبحاث السياسة الخارجية، إن “روسيا تمتلك القدرة على تدمير الوحدات العسكرية الأوكرانية من بعيد باستخدام صواريخ إسكندر البالستية، والتي تمنح موسكو القدرة على إسقاط آلاف الضحايا يوميًا”.

في المقابل، استطاعت أوكرانيا شراء الأسلحة من الغرب، لكن صواريخ “جافلين” المضادة للدبابات يبلغ مداها حوالي 1.5 أميال (2.5 كيلومترات)، ولا يمكنها إلا تأخير التقدّم الآلي الروسي.

كما تمتلك كييف عددًا متواضعًا نسبيًا من الطائرات بدون طيار التركية “TB2” في الوقت الحالي (نصف دزينة أو اثنتي عشرة)، وهي صغيرة مقارنة بآلاف الدبابات الروسية، وهي جوهر أي قوّة برية.

وسيكون للهجوم العسكري تأثير على الرأي العام الدولي، ويكاد يكون من المؤكد وقوع خسائر مدنية بأعداد كبيرة، وهو ما يرقى إلى عملية لا تشبه أي عملية قام بها بوتين من قبل، بما في ذلك الحرب مع أوكرانيا عام 2014، عند إنكار المسؤولية عن العمل العسكري.

وفي الإطار، رأى الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، سمير بوري، الذي أمضى العام السابق مراقبًا للصراع في أوكرانيا، أنه “من الصعب تخيّل غزو كامل دون استخدام القوة الجوية”.

السيطرة على كييف

ويتعيّن على روسيا أن تقرّر كيفية التعامل مع المدن الأوكرانية، لا سيما كييف، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، ومدينة خاركيف في الشمال الشرقي، ويقطنها حوالي 1.5 مليون نسمة.

وفي هذا الإطار، قال كاغان، مستشهدًا بتدخّل بوتين في سوريا: “حرب المدن صعبة، فهي تسبب أضرارًا مخيفة، وقد عانت روسيا من الأمر في حلب”.

وتشير التكهّنات حول خطط روسيا التي تستند جزئيًا إلى التسريبات الظاهرة التي نُشرت في صحيفة “بيلد” الألمانية، إلى أن الكرملين سيُحاصر خاركيف وكييف، ويقطع الإمدادات، على أمل أن تستسلم المدينتان على طريقة العصور الوسطى. قد يكون هذا أقل عنفًا، ولكنه لا يزال يقوّض فكرة أن تعمل روسيا باعتبارها قوة موحدة.

وقال محللون غربيون إن تطويق كييف ليس بالأمر السهل، حيث تقع النقاط الرئيسية للمدينة، بما في ذلك القصر الرئاسي، إلى الغرب من نهر دنيبر الذي يسهل الدفاع عنه، وبالتالي سوف تسعى القوات الروسية، من دبابات ومدرّعات، إلى تطويق كييف من الغرب من خلال عبور مستنقعات بريبيات، التي تتجمّد في الشتاء. بينما لا تُعتبر منطقة تشيرنوبيل تعقيدًا كبيرًا لجيش حديث قادر على العمل في منطقة إشعاع.

استغلال بيلاروسيا

إن أبسط طريقة لعبور النهر هي عبر بيلاروسيا في الشمال. وسيتطلّب ذلك دعم مينسك، وهو أمر محتمل للغاية بالنظر إلى التقارب الأخير مع موسكو.

وسيكون البديل عن تطويق كييف من الغرب، هو القصف من أقصى الغرب في بيلاروسيا، مثل منطقة تدريب بارانوفيتشي. وقال كاغان إن الدلالة الرئيسة على استعداد روسيا للتحرك ستكون إذا “انتشرت القوات الروسية الآلية في بيلاروسيا”.

حتى لو لم يغزو بوتين، فإن وجود حامية عسكرية روسية دائمة في بيلاروسيا سيكون لها مزايا للكرملين، باعتبارها تهديدًا محتملًا ليس فقط لأوكرانيا ولكن لدول البلطيق.

وقالت أوريسيا لوتسفيتش، الباحثة في معهد “تشاتام هاوس” لأبحاث السياسة الخارجية، إن ذلك “سيخلق قاعدة عسكرية كبيرة من شأنها أن تمنح روسيا هيمنة جوية على الجناح الشرقي لحلف الناتو”.

البدائل العسكرية لبوتين

من جهته، توقّع الخبير العسكري الأوكراني تاراس كوزيو أن تلجأ روسيا إلى ثلاثة خيارات عسكرية متتالية عوضًا عن غزو شامل وسريع.

الخيار الأول: أن تدخّل القوات الروسية إقليم دونباس الذي يُسيطر عليه الانفصاليون، وضمّه إلى روسيا.

الخيار الثاني: أن تُوسّع روسيا نطاق الأراضي المحتلّة عبر السيطرة على ممرّ برّي داخل الأراضي الأوكرانية يربطها بشبه جزيرة القرم التي ضمّتها عام 2014، والاستيلاء على مدينة ماريوبول الساحلية في إقليم دونتسيك، والاستيلاء على مواقع صناعية رئيسية أخرى ومحاولة إضعاف الجيش الأوكراني.

وفي هذا الإطار، قال الباحث روب لي: “يمكنهم تدمير طائرات تي بي 2 التركية بدون طيار والمدفعية في دونباس” في حملة علنية محدودة تهدف إلى إضعاف أوكرانيا.

الخيار الثالث: “إحياء مشروع روسيا الجديدة لعام 2014” الذي يقوم على”عزل أوكرانيا عن البحر الأسود”، وهذا من شأنه أن يرقى إلى الاستيلاء على الجنوب الأوكراني، واحتلال ميناء أوديسا ومدينة دنيبرو الصناعية.

ومن المحتمل أن يتطلّب الاستيلاء على أوديسا، التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة، عملية جوية وبحرية دراماتيكية، باستخدام مظليين من شبه جزيرة القرم يليه هبوط مشاة البحرية على الشواطئ القريبة.

ومن بين هذه الخيارات، من شبه المؤكد أن ضمّ دونباس المحتلة سيكون خيارًا شائعًا في روسيا، ومع ذلك، سيكون ردًا محدودًا للغاية نظرًا إلى إصرار الكرملين على أن هدفه الرئيسي هو “عدم توسع الناتو، وعدم انضمام أوكرانيا وجورجيا ودول أخرى إلى الحلف “، مما يُثير مخاوف من احتمال شنّ حملة عسكرية.