يبدو إن رحى الحرب الإقليمية باتت تطرق الأبواب، الصراع الإقليمي يوم بعد يوم يتفاقم، ولا سبيل للتهدئة الآن، التكهنات التي تحدثت عن حدوث نوع من التهدئة، بعد توقيع الإتفاق النووي بين إيران ومجلس الأمن، ذهبت أدراج الرياح، وجعلت من الأمور تتفاقم أكثر فأكثر، فدول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل رفصت التسليم للأمر الواقع، مما جعل من صراع النفوذ على المناطق يأخذ منحى آخر .
سوريا تمر بمنعطف تاريخي لأول مرة منذ إستقلالها، فـ” الحرب الكونية ” برهنت على قوة المعركة بين الأطراف المتصارعة على كرسي الخلافة، روسيا والصين دخلتا على خط المواجهة بشكل مباشر، سقوط الأسد يمثل بمثابة تفوق المحور الإميرالي وإخضاع الشرق الاوسط نهائيا لسيطرة الأميركان وحلفاؤهم من العرب والغرب، هذا التدخل لم يرق للغربين، فهم إستشعروا الخوف نقمة وغضب الدب والتنين .
اليمن ما يزال يعيش المعاناة، الحوثيين وقوات صالح باتت تخسر شيئاً فشيئا من مساحة نفوذها داخل العمق اليمني، ونجحت بإحتلال بعض المخافر والنقاط الحدودية العسكرية بين اليمن الحزين والسعودية، في المقابل قوات ما يسمى بـ ” التحالف العربي ” وقوات هادي تمكنوا من تحقيق تقدم ملموس والذي لم يأتي إلا بعد التدخل البري للقوات السعودية والإيماراتية، معركة مأرب القادمة ستكون محورية لكلاً من الطرفين، فهي في الأخير حرب سجال لن تنتهي بالأمد القريب .
العراق هو الآخر ما يزال يعاني الأمرين، مشكلة الإفلاس باتت الهاجس الذي يسيطر على الوضع العام في العراق، فالحلول الترقيعية لم تجد نفعا، الثورة الإصلاحية التي تطالب به المرجعية الدينية ومن خلفها الشعب العراقي هي الأمل الوحيد المتبقي لإنتشال العراق مما عليه، أما الحرب على داعش فهي مستمرة، الحشد والجيش يحاصر ينتظر الأوامر للبدأ بعملية التحرير، لكن الطرف الأميركي ومن يقف خلفه من الدولة الخليجية يرفض تولي الحشد مع الجيش بدأ العملية العسكرية .
الإعلان عن تشكيل الجيش العباسي، من قبل بعض العشائر في الغربية بدعم سعودي علني ، سيربك الوضع وسيجعله يزداد تفاقما أكثر، هل هو من أجل محاربة داعش، أم لمواجهة الحشد الشعبي والحد من الهيمنة الإيرانية ، لمحة بسيطة عن هذا الإسم الذي أنَّ منه الشيعة خلال فترة العباسية الغابرة، يدلل على أمر ما سيحدث مستقبلا، هذا التشكيل بأسمه مرفوض لدى الشيعة، وأي تشكيل خارج نطاق الحكومة العراقية يعد تتظيما إرهابيا، وسيكون محط فتنة قد تشعل الحرب الداخلية لا سامح تعالى .
الحل رغم بساطته لكن صعب تطبيقه على أرض الواقع، وربما يستحيل تحقيقه ما دام كل طرف يرى نفسه أنه هو الصحيح والآخرون على خطأ، وهذه العنتريات من قبل الدول المتصارعة، ستجر المنطقة إلى مزيد من الحروب والويلات، والخاسر الوحيد هي شعوب المنطقة المغلوب على أمرها طبعاً، يكمن الحل في خلال ما طرحه السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وهو الجلوس إلى طاولة مستديرة تكون تحت إشراف الأمم المتحدة، تعمل على خلق حالة من الحوار فيما بين الدول الإقليمية للتوصل إلى حلول لجميع هذه المشاكل، فتغليب لغة الحوار على اللغة العسكرية ستكون ناجعة ربما، هذا إن جلسوا أصلاً.