الفساد عرفه معجم أوكسفورد الإنكليزي بانه (انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة)، وتعرفه منظمة الشفافية العالمية بأنه (استغلال السلطة من اجل المنفعة الخاصة). اما البنك الدولي فيعرفه بأنه (اساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص. فالفساد يحدث عادة عندما يقوم موظف بقبول او طلب ابتزاز او رشوة لتسهيل عقد او اجراء طرح لمنافسة عامة، كما يتم عندما يعرض وكلاء او وسطاء لشركات او اعمال خاصة بتقديم رشى للاستفادة من سياسات او اجراءات عامة للتغلب على منافسين وتحقيق ارباح خارج اطار القوانين المرعية. كما يمكن الفساد ان يحصل عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء الى الرشوة وذلك بتعيين الاقارب او سرقة اموال الدولة مباشرة )
يختلف الفساد في العراق عن غيره من دول العالم في الكم والوزن والنوع والفاعل وكذلك الأسباب والموقف ، و رافق الأخير العراق منذ عام ٢٠٠٣ و لازال ولا يبدو ان هناك حل له . الفساد لم يترك اي مفصل من مفاصل الدولة الا ونخره كما ان الفساد بالأساس ليس سياسي بل هو فساد إجتماعي تفرعت عنه مظاهر الفساد الاخرى من سياسي وإداري و مالي .
الفساد في العراق هو توظيف السلطة لممارسة الفساد وتوظيف الفساد لبلوغ السلطة . و في السابق كانت غالبا ما تبدأ حرب الملفات ضد الخصوم السياسيين و تبدأ الاتهامات فيما بينهم عند طرح قضايا الفساد بالتالي هذا أدى الى التغاضي عن قضايا الفساد لان لكل منهم ملفاته . الفساد في العراق يقاس بالمليارات وهو من فعل كبار المسؤولين و الساسة ونواب الشعب (ممثليه) .
بالنسبة للموقف من الفساد فهذا يختلف أيضا فهناك من ينكر وجود الفساد ويشير بأصابع الاتهام الى من يثيره أو يواجهه به . وهناك من هو أفسد من الذي سبقه الذي يقوم بالتسقيط سعيا للعودة بالأوضاع الى ماكانت عليه قبل عام ٢٠٠٣ وذلك لغاية في نفسه ، أما آخرهم فهو الذي يواجه الفساد إلتزاما بالمبادئ والمثل العليا من أجل بناء نظام حكم صالح في العراق الا إنه معزول نتيجة لما يقال عنه في إنه معادٍ للحزب والمذهب و آخر يقول عنه عميل الاحتلال .
الآن و بعد إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي حربه على الفساد هل هو جاداً بها ؟ وهل بمقدوره حقاً ان يبدأ بها وينهي الفساد ويقلعه من جذوره ؟ هذه التساؤلات لا تأتي من فراغ فالأحزاب السياسية والشخوص السياسيين كثيرا ما كانوا يعطون وعوداً ً ويلقون خطابات كثيرة تبدأ من الإصلاحات الإدارية وتنتهي بالاجتماعية لكن لا شيء يتحقق منها وذلك لانها لم تكن اكثر من مجرد وسيلة للتقرب بها الى الشعب لكسب أصوات في الانتخابات .
إن بدأت الحرب على الفساد فذلك سيكون بمثابة إعصار يضرب العملية السياسية بأسرها و سيعطي نقاط إيجابية إضافية للدكتور حيدر العبادي الذي بدأت تميل كفة الميزان إليه بعد نجاحه في تحرير أرض العراق وطرد داعش منها ، لكن الحرب على الفساد أصعب من الحرب على داعش بأشواط و أن كانت الحرب على داعش قد إستمرت لثلاث سنوات فالحرب على الفساد لا تحتاج الى أكثر من القضاء الأحزاب الفاسدة والشخوص الفاسدة أياً كانت . وهذا أمرليس من السهولة تحقيقه وذلك لعدة أسباب منها إن الاٍرهاب ترعاه كبار الشخصيات في الداخل العراقي كما ترعاه دول أقليمية و لا يمكن القضاء عليه بضربة واحدة إذ لابد من إنهاكه وإضعافه ثم تدميره كل هذا يحتاج الى آليات وإجراءات عمل فاعلة وتوفير أشخاص نزيهين وبدء عملية توعية سياسية وإجتماعية و إقتصادية و مقاضاة جميع المتهمين بقضايا الفساد بشكل عادل هذا إن كانت الحرب على الفساد إمرا جادا وحقيقيا . أما إن كان العكس فهذا يعني إن العراق لن يرى النور وسيبقى الفساد آفة تأكل البلد الى أن يجد الشعب بنفسه حلاً لهذا الوضع ألذي يمثل حملاً ثقيلاً على كاهل المواطنين بكافة فئاتهم العمرية و طوائفهم و طبقاتهم الإجتماعية .