23 ديسمبر، 2024 10:10 ص

الحرب بين روسيا وامريكا على الارض الاوكرانية: صراع كوني بالوكالة؛ على المصالح

الحرب بين روسيا وامريكا على الارض الاوكرانية: صراع كوني بالوكالة؛ على المصالح

مما لاشك فيه، أو من المؤكد؛ ان جميع صراعات القوى العظمى، سواء ما كان منها على الصعيد العسكري غير المباشر، اي بأدوات اخرى، او ما كان منها على الصعد الاقتصادية وما له صلة بها، ماهي الا صراعات من اجل فتح اكبر عدد من مناطق النفوذ والهيمنة والاستغلال، ومحاربة الخصوم او المنافسين في هذا المجال وما يتصل به من مجالات اخرى؛ لأزاحته من الحلبة، وليس كما يروج له اعلاميا من انها اي هذه الصرعات من اجل احقاق الحق او الدفاع عن حقوق الانسان؛ فهذه جميعها هي في الاول والاخير؛ من اكبر الخدع والاكاذيب على الناس في اركان المعمورة. أو انها من الجانب الثاني المروج له اعلاميا وسياسيا؛ للدفاع عن الحدود الجغرافية لهذه القوى العظمى او الكبرى، أو لتوفير الضمانات الامنية؛ جميعها من وجهة نظري المتواضعة، ما هي الا وسائد تبرير لهذه الصراعات التي تأخذ كلها ابعاد كونية او بعبارة اخرى لها تأثيرات كونية. الحرب في اوكرانيا او لجهة الصحة والدقة، الغزو الروسي لأوكرانيا؛ ما هي دوافع روسيا لغزو اوكرانيا؟ وما هي دوافع امريكا على وجه التحديد في دعم الأوكران في مواجهة الغزو الروسي؟ وهل هو اي هذا الدعم والاسناد الغير محدود لسواد عيون الأوكران؟ ولماذا تصر او يصر الغرب على بقاء وتوسعة حلف الناتو؟ ولماذا دعم الغرب وتحديدا امريكا انظمة النظام الرسمي العربي سواء القديم الذي انهار وحلت محلة انظمة لا تختلف عنه الا بالاسم، أو الذي ظل جالسا على عرش الطاووس الى الآن..؟ ثم لماذا غزت امريكا العراق ودمرته بأسلحة محرمة من اهمها استخدام القنابل النووية التكتيكية،( قنابل اليورانيوم المستنفد..) وقنابل الفسفور الابيض؟ بينما العراق كان يعلن في وقتها، وبالاعتراف الخجول من قبل فرق التفتيش سيئة النوايا والاهداف والصيت؛ بأن العراق كان قد تخلص من اسلحة الدمار الشامل ولم يبق سوى التأكد، أو التحقق من هذا.. بينما تتعامل بمرونة ذليلة مع برنامج ايران النووي، وهو برنامج كما يقول عنه الخبراء والايرانيون ايضا بانه يقف على العتبة النووية اي لا يفصله عن صناعة السلاح النووي سواء اسابيع، أو اشهر قليلة، ان اراد الايرانيون ذلك؟!.. وبالعودة الى الغزو الروسي للأراضي الاوكرانية: أرادت روسيا بوتين بغزوها اوكرانيا؛ ابعاد شبح الناتو من الاقتراب من حدودها، الذي يشكل تهديدا وجوديا عليها كدولة عظمى لها مصالحها في الفضاءات المحيطة بها وفي العالم ايضا؛ باقتلاع مخالبها وبالتالي التقليل من تأثيراتها في الساحة الدولية، تحت تهديد قوة الطوق المحاط بها بالتقليل من فعلها في المفاعيل الدولية، وليس ما اقصده؛ هو التهديد بالغزو او الاحتلال ولو كان لجزء صغير من جغرافيتها، فهذا امر بعيد جدا، ان لم اقل مستحيلا، في ظل القدرة النووية الهائلة التي تمتلكها، والتي توفر لها؛ امكانية ماحقة للردع النووي. إنما النتيجة كانت ان توسع الناتو واقتراب كثيرا من حدودها وبالذات من مقاطعة كاليننغراد المعزولة عن البر الروسي والمطلة على بحر البلطيق، واقصد هنا هو الطلب الفنلندي والسويدي بالانضمام الى حلف الناتو، والذي سوف تتم الموافقة عليه ولو بعد مماطلة وتسويف من قبل تركيا؛ بعد ان تحصل على ما تريد بمقايضة هذا بذاك. مقاطعة كليننغراد التي تشكل الخاصرة الرخوة في جسد الدب الروسي، والتي تم ضمها، أو ضُمت الى الاتحاد الروسي كغنيمة من غنائم الانتصار في الحرب الكونية الثانية. لكنها من الجانب الثاني؛ تشكل قاعدة للقوات الروسية الاستراتيجية الضاربة، والتي يقول عنها خبراء شؤون الاستراتيجيات العسكرية؛ انها بمثابة حاملة طائرات ترسو على الحافة الاوروبية للناتو. كما ان انضمام فنلندة والسويد بالإضافة الى ما سبق الاشارة إليه، وحسب ما يقوله خبراء التحليل السياسي الروس؛ هو للسيطرة الامريكية عبر هذه الدول وبولندا على القطب الشمالي وعلى طريق هذا القطب التي تشرف عليه روسيا في الوقت الحاضر، وتُسير بواخرها عبره الى اوروبا، ويختصر الطريق التجاري الى اوروبا، وايضا السيطرة او استثمار ما فيه، من ثروات. الاتحاد الروسي اراد استباق التطورات وقطع الطريق على خطط امريكا بمحاصرتها، وتطويقها بدول حليفة لها اي لأمريكا. ان هذه العملية الامريكية اي القيام بشد الحبل حول رقبة الدب الروسي؛ هو من اجل دفع روسيا؛ الى سباق تسلح، وجعلها تعيش في توتر وترقب ومراقبة لحدودها على مدار الساعة. ان هذا يعني استنزاف لقدرات روسيا الاقتصادية وهي في الاساس قدرات محدودة في صراع الاوزان الثقيلة. كما ان الدعم الامريكي والاوروبي، العسكري والاقتصادي والمالي الى اوكرانيا في تصديها للغزو الروسي، والعقوبات الاقتصادية الغربية الغير مسبوقة؛ جعلت او دفعت روسيا مرغمة تحت ضغط الواقع، تُقدم تنازلات ومقايضات للقوى الدولية العظمى والكبرى، على سبيل المثال الصين والهند، وربما غيرهما في العالم للتغلب على المشاكل الاقتصادية وغيرها التي تنشأ من جراء هذا السباق والاستفزاز والترقب والمراقبة والعقوبات الاقتصادية والمالية والدعم الغربي. هذا من جانب اما من الجانب الاهم؛ هو تثوير الداخل الروسي وهو اصلا غير متماسك عرقيا ومكوناتيا، واعني هنا القوقاز الروسي؛ بفعل تداعيات ما سلف قولي فيه. كما انه اي النظام الروسي لم يقم على اسس ديمقراطية رصينة؛ تتمتع بالحيوية والحياة، تدعمها، او تدعم هشاشة ديمقراطية هذا النظام، كتلة مجتمعية صلبة غير قابلة للاختراق، بل ان العكس في المفردة الأخيرة هو الصحيح. بالنتيجة يقوم العمل الامريكي في محاربة روسيا، بقص قوائم هذا الجسم الضخم، وتغيير رأسه برأس اخر بديل. تهدف امريكا على الامد المعين، الى زعزعة الداخل الروسي في اتجاهين؛ الاول هو فسح الطريق لثورة ملونة كما يروق للغرب وامريكا توصيف تحرك الناس بالضد من انظمة حكوماتها، لأسقاط السلطة الحالية الروسية. أما ماهي الدوافع؟؛ هي ازاحة خصم قوي من ساحة التنافس الدولي. من السابق التنبؤ بما سوف تفضي اليها الحرب في اوكرانيا من نتائج. لكن في المقابل من الممكن ان نقول ان هذه الحرب ربما تأكل من الجرف الامريكي اكثر مما تأكل من الجرف الروسي على العكس مما يظهر في المشهد في الوقت الحاضر. روسيا اعتقد من المحتمل جدا ان لم اقل سوف تسيطر في الايام القليلة المقبلة او في الاسابيع المقبلة؛ على كامل اراضي الدونباس التي تشكل ثلث اراضي اوكرانيا كما انها تضم ما يقارب ايضا ثلث سكان اوكرانيا، وفيها ايضا اغلب المصانع الاوكرانية وبالذات المصانع العسكرية. في هذه الحالة سوف تتوقف عن ان تتقدم قواتها في بقية الاراضي الاوكرانية، وتقوم بالعمل على تنشيط المفاوضات مع الجانب الاوكراني؛ للحصول على اهدافها من عملية الغزو. لكن من الجانب الثاني ان هذه المفاوضات ان جرت؛ فأنها من غير المحتمل ان تقود الى وضع الحلول الناجعة للغزو الروسي لأوكرانيا على قاعدة المطالب الروسية؛ للسببين التالين: اولا؛ من غير الممكن ان تقبل اوكرانيا بالمطالب الروسية، او انها لن تقبل بها حتى وان تقلصت عن اصلها أي بالتفاوض على اخراج حلا وسط. ثانيا؛ ستعلب امريكا، كما هي تعلب حاليا؛ دورا معطلا لأي جهود لوضع مخارج لهذه الحرب المدمرة لأوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد الدولي. إنما من الجهة الاخرى سوف تحاول روسيا تجميد الوضع العسكري مع احداث تغييرات بنوية في جنوب وشرق اوكرانيا أي الدونباس تمهيدا الى ضمها لها تحت يافطة جمهوريتي الدونباس الانفصاليتين، مع حرمان الاوكران من استخدام الموانىء على البحر الاسود، كي يشكل ضغطا على صانع القرار في كييف. ان روسيا حين تتم لها السيطرة على كامل الدونباس سوف تحاول ان تجمد الوضع القتالي، وتنصرف او سوف تُصرف جل جهودها في تسوية الاوضاع في جنوب وشرق لأوكرانيا لصالحها. لكن في المقابل؛ اجواء الحرب ستظل ملبدة بغيوم الحرب الكثيفة، والتي ستمطر رصاصا بين حين وحين..