18 ديسمبر، 2024 6:45 م

الحرب بين اهل السلام (عليكم)…لماذا توقفت الحرب داخل الديانات اليهودية والمسيحية والهندوسية والبوذية وبقيت مشتعلة داخل الاسلام ؟

الحرب بين اهل السلام (عليكم)…لماذا توقفت الحرب داخل الديانات اليهودية والمسيحية والهندوسية والبوذية وبقيت مشتعلة داخل الاسلام ؟

( الى … مامن احد ، الى الحقيقة الموحشة اهدي هذه السكرات) الكاتب

(قام الكاتب حسن الفرطوسي موصولا له التقدير بتحمل مشقة اعادة نشر موضوع(( الثابت الطبقي…حتمية انتصار الدولة الدينية )) في الصحافة الكويتية ، فيما عكس الزميل الموقر احمد الصراف مقال ( رفس العقل العربي …كذبة الدولتين الاموية والعباسية ) في صحيفة القبس على ان بعض الصحف الالكترونية وحتى الورقية تتكرم باعادة نشر مايصدر لنا هنا وفي الغالب تخضع عملية الاعادة للرغبات والميول وليس الى الاعجاب باصل الافكار فكل من ناسبته فكره اخذها وطرح غيرها وحسب سيدة مختصة بالصحافة كتب الله لها الشفاء فان هناك من يقرأ وكانت تحث على الدوام بان استمر مع يأسي التام والمطلق من امكانية احداث اي اختراق في منطقة دول مكة لان العقول مقفلة وما الاستمرار الا اداء لوظيفة بغض النظر عن النتائج نزولا عند الاحساس بمسؤولية اخلاقية وعليه كان هذا الموضوع الذي امل ان يكون مراعيا للموضوعية كراصد وليس داعية وان حدث ميل فهو بسبب قصور منهج البحث لا مرض قلب او سوء طوية والله مطلع على الافئدة)
…………………………………………………………………………………………

في قلب كل دين قصة هجرة ، ابراهيم هاجر من اور الى كنعان ، يسوع هاجر من الناصرة الى مصر ، محمد هاجر من مكة الى يثرب ، بوذا هاجر من القصر الى الفيافي ، النبوة والهجرة رفيقان.
في قلب كل دين قصة عزلة ، النبي اما يسيح في الصحراء او يصعد الجبل او يدخل  الغار او يتعمق في الغابة ، تكاد تكون العزلة ملازمة للنبوة.
الصفة الملازمة للاديان ، جميع الاديان ، هي القابلية للانقسام ، لماذا ؟ لااحد يملك جوابا ، على التخمين ان الدين جزء من افكار البشر وفي راس كل بشر مليارات الافكار ، بعضها يتم الامساك به وبعضها يتفلت واخر يعبر عنه وقسم يكتم ، لو ان كل انسان حاول التعبير عما يدور براسه لامتلات الارض بالانبياء والاديان؟
انقسمت اليهودية او الصحيح الموسوية لان لفظة يهود لاحقة للهجرة المفترضة للعبرانيين من مصر الى كنعان انقسمت على ماهية الرب  فعبد كثير منهم العجل وبقي اخرون على عبادة يهوا ثم انقسموا على تطبيق الشريعة ووقعت ببنهم حرب طاحنة قتل فيها الاب ابنه والابن ابيه والاخ اخيه وانقسموا الى سامريين وعبرانيين ان جاز الاختزال الاخير وانقسموا على كتابهم المقدس فعند السامريين نسخة من التوراة يقولون انها الاصل اما العبرانيون فطوروا الى جانب التوراة كتبا نافستها في الاهمية ان لم تتفوق عليها.
المسيحية انقسمت على طبيعة يسوع وعلى حقيقة مصيره وانقسمت على كتابها المقدس فصار لها خمسة اناجيل متي مرقص لوقا يوحنا وبرنابا والاخير تراه المجمعات المسيحية منحولا كما انقسمت المسيحية على الشريعة فاصبحت عدة فرق وعدة كنائس.
الهندوسية دين تراكمي خضع للتطور وعرف ست فلسفات رئيسية لم يبق منها الا اثنين اليوجا والفيدانتا وداخل الهندوسية هناك اربعة تقسيمات.
الدين الاكثر انقساما الذي عرفه العالم هو الدين الاسلامي ومن الغريب ان المسلمين يوثقون الانقسامات العمودية والافقية داخل الاسلام لكنهم لايعترفون بها من جانب اخر.
لايوجد تفصيل مهما صغر او عظم في الديانة الاسلامية لم ينقسم عليه المسلمون ، طبيعة الله ، صفاته ، ولادة النبي محمد ، حياته ، موته ،القران ، وقت نزوله وجمعه واياته وتفسيرها ، العقائد الفقه كلها موضع انقسام عمودي وافقي بين المسلمين.
يلاحظ المرء ان الحرب داخل الديانات اليهودية والمسيحية والهندوسية والبوذية قد توقفت وتوجهت هذه الديانات الى الصراع مع غيرها من الاديان باستثناء الاسلام الذي ظل في حالة صراع مع نفسه ومع الاخرين.
الحقيقة ان الحرب بين المسلمين لم تتوقف يوما ويبدو انها لن تتوقف بل تخمد زمنا لتشتعل في زمن اخر ولابد ان الراصد يتوقف مليا عند تعبير المسلمين ( ان الفتنة نائمة ملعون من ايقظها ) فالنائم لابد له من يقظة على كل حال.
استعار المسلمون كلمة فتنة لوصف الحرب الاهلية الاسلامية الاسلاميةوقد اعتمدوا على تعدد معانيها للتخلص من عبء الاعتراف بالحرب فيما بينهم.
لماذا ظل المسلمون في حالة حرب اهلية متصلة ؟
ماهو اسوء من اي حرب هو نكران وجود الحرب نفسها والمسلمون في حالة نكران دائم للحرب الدائمة بينهم.
يذهب المسلمون جميعا الى الاعتقاد بانهم سينقسمون الى 70 فرقة وان فرقة واحدة منها هي الناجية ونلحظ هنا قدسية رقم 7 و 70 ومثله 10 و 12 .
الجرد المضبوط يظهر انقسام المسلمين الى فرق بالمئات وما رقم 70 و 71 و 72 الا عارضا للارقام المقدسة.
من الملاحظ ان الفرق الاسلامية المنقسمة على كل شئ سرعان ماتتوحد ضد بعضها في تجمعات مذهبية.
كان اخر الانقسامات الحادة في الاسلام هو ظهور الاحمدية والبهائية في القرن الماضي والانقسام بين السنة والشيعة.
عادة ما يتهم المسلمون قوى خارجية في اذكاء نار الحرب بينهم فمرة يتهمون الشيطان ومرة يخترعون شخصيات اسطورية وثالثة يتهمون اليهود والنصارى وصولا الى الاستعمار والصهيونية.
المفروغ منه ان الاسلام انقسم عموديا واي بحث في الاسلام سيقود المسلمين الى الحرب الاهلية والمشكلة انهم لايريدون الوقوف على هذه الحقيقة.
ان اي بحث مهما كان تفصيليا سيقود المسلمين حتما وحكما والزاما الى الخلاف ثم الاحتراب.
يشتبك المسلمون اليوم في حرب اهلية طاحنة يجددون بالطبع بكل مناسبة نفيها مع ان ضحاياها بمئات الالاف بل بالملايين فالحرب العراقية الايرانية كانت في جوهرها حربا مذهبية وهنا نرصد كيف استفاقت الفتنة من نومتها.
تداولت الاسر حكم المسلمين وكان اخرها الاسرة العثمانية القادمة من وسط اسيا وفي اواخر حكمها انطفا الاسلام وفقدت مكة مركزيتهاوتاثيرها وانكفا العرب خاصة الى زمن الكهوف.
انخفض سكان الارض الاسلامية بحدة في بعض الاماكن مثل العراق والحجاز.
مع ظهور النفط فارت الاموال وفار السكان وفار البحث يساند ذلك ظهور الطباعة ثم ثورة الاتصال الجماهيري ومع البحث  عاد المسلمون الى الانقسام العمودي بشان مستجد اخر هو السلطة.
كان اول تدشين للحرب الاهلية الاسلامية قيام الوهابيين بالهجوم على مراكز الشيعة في كربلاء والنجف ومع التنافس على مركزية الاماكن الدينية رص السنة والشيعة صفوفهم ضد بعضهم وقدم كل طرف تعريفه الموحد لنفسه باعتباره الممثل الحقيقي والشرعي الوحيد للاسلام.
كان السنة والشيعة منذ مئات السنين يصنفون ضد بعضهم ، كانت كتب الخلاف تتراكم باضطراد وكان في ذهن كل منهما ان هزيمة الاخر امرا بحدود الامكان.
لايشكل السنة والشيعة في الحقيقة اي وحدة مذهبية لان المذاهب بواقعها اديان مصغرة قابلة للانقسام عدى كونهما وحدة مذهبية امام احدهما الاخر.
قلنا في مناسبات عديدة ان المجتمعات الاسلامية مجتمعات دينية غير متدينة بمعنى ان الشريعة لاتشكل مرجعية لسلوك الناس الا بحدود استعراضية ومن هذا الاستعراض تنزيه الذات المذهبية.
جرت محاولات خجولة لاعتراف المسلمين ببعضهم وطرحت فكرة الحوار انما غاب المشروع الاهم والواقعي وهو وضع معاهدة بين المسلمين تنظم علاقاتهم المذهبية وتنهي حالة الحرب بينهم.
قدمت السعودية نفسها كدولة للعالم السني واضطهدت مواطنيها الشيعة وقدمت ايران نفسها كدولة ممثلة للمسلمين عامة لكنها ثبتت هويتها كدولة شيعية واضطهدت مواطنيها السنة.
كانت الحرب العراقية الايرانية مواجهة مغطاة واحيانا مكشوفة بين السنة والشيعة وقد وقفت دول مثل ليبيا وسورية الى جانب ايران نوعا ما فعوقبت بشراسة.
كان البحث بين المسلمين ينفجر عبر الاذاعة والتلفزيون والصحف والمنتديات والمدارس الدينية ومع مجئ البث الفضائي واختراع شبكة الانترنت بلغ البحث ذروته اي الانقسام العمودي ذروته وكان متوقعا للحرب الحالية ان تقع باي مكان من العالم الاسلامي فيه سنة وشيعة.
 المسلمون يكذبون على انفسهم عندما يقولون انهم اخوة وانهم وحدة دينية ويكذبون اكثر عندما يقولون انهم ليسوا في حالة حرب مذهبية.
ان الثروات تحرق والطاقات تعطل والدماء تسفك والحياة في الشرق تستحيل الى جحيم بشان الخلاف السني الشيعي.
ان الحل هو في مفاوضات مباشرة للوصول الى معاهدة تنظم الانقسام العمودي في الاسلام ولاتحاول الطفر فوقه او انكاره.
لايوجد بين السنة والشيعة  من اصحاب القرار الديني والسياسي معتدلين ومتطرفين انهم كتلة متراصة ضد بعضهما ومايقدم على انه اعتدال مجرد تمثيليات لكسب الوقت ليس الا.
برايي ان السنة لايمكنهم محو الشيعة ولا تحويلهم مذهبيا والشيعة ليس بامكانهم محو السنة او تحويلهم مذهبيا رغم ان دعاية التحول المذهبي هي احدى ادوات الحرب بين الطرفين.
نظمت المسيحية خلافتها المذهبية باتفاقات مكتوبة بين الدولة والكنيسة فلماذا لايفعل المسلمون مثل ذلك طالما انهم يستوردون حتى انظمة الحكم من هناك؟
هي حرب بين اهل السلام عليكم اما ان يضبطها المسلمون بقانون لتموت الفتنة نهائيا او يتم تنويمها لتستيقظ مرة تلو خرى.
هي ليست فتنة بل قرار واعي من الطرفين هذه هي الحقيقة التي يحاول المسلمون اخفاؤها على الله.