18 ديسمبر، 2024 8:12 م

الحرب النفسية المتقدّمة ! ومقتدى

الحرب النفسية المتقدّمة ! ومقتدى

تقتضي الإشارة اولاً او مسبقاً الى انّ التيار الصدري لا يمتلك جيوشاً الكترونية , ولا قنوات فضائية ولا حتى جهاز اعلامي متكامل أسوةً ببقية احزاب الأسلام السياسي وفصائلها , وبالتالي فإنّ جبهته الدفاعية ” سياسياً واعلامياً ” رخوة وغير قادرة على صدّ الهجمات المضادة في ميادين الميديا والسوشيال ميديا وضخّ التسريبات والتسريبت المضادّة .! , بل حتى على استيعاب واحتواء او امتصاص تلكُنَّ الهجمات , ومع اشارةٍ اخرى بالخطّ العريض والمجسّم بأننا لسنا بصدد الدفاع عن الصدريين وسواهم من كلّ المشارب والأحزاب .

منذ اقتحام الخضراء وما اعقبها من عواقب , تتكشّفُ يوما بعد آخر وتتسرّب معلوماتٌ جديدةٌ عمّا تخلل الإشتباكات والعناصر التي طرأت عليها فجأةً ! والتي كان لها اثرها في الأنسحاب السريع للمتظاهرين ممّا لم يتمكنوا او عجزوا مراسلوا الفضائيات العربية من ملاحظتها ورصدها .! أثناء مكوثهم في الخضراء للتغطية الإعلامية ومؤدّى ذلك أنّ المراسلين المحدودي العدد لم يتواجدوا في عمق ” الخضراء ” او آثروا التغطية من مسافاتٍ بعيدة خشيةً من تقاطع النيران المتبادلة التي اندلعت آنذاك , لكنّ المعضلة العظمى هي صعوبة الإقرار والتعرّف عن كثب عن مدى دقّة تلكم الأحداث الساخنة تحت ازيز الرصاص .! , وكان من ابرز تلك التسريبات المتباينة أنّ قوة عسكرية فتحت النار على المتظاهرين الذين اقتحموا القصر الجمهوري وارغمتهم على الإنسحاب والفرار , بينما في خبرٍ آخر بذات السياق أنّ قوة او مجموعة مسلحة ومجهولة ترتدي الزيّ الأسود ” المشابه لبعض الأجهزة الأمنيّة الخاصة ” هي التي قامت بعملية التطهير! وافرغت الساحة من المحتجّين , والتي على اثرها استشهدوا من استشهدوا وجُرحوا من جرحوا , وجرى تحرير القصر.! , ومن خلال ذلك التباين في الأخبار والأحداث التي حصلت بالفعل , فالحكومة العراقية تبدو كأنها مضطرّةً في التكتّم الآني عمّا جرى من المجرياتٍ الناريّة التي وقعت في حلبة ” الخضراء ” , اذ الموقف لا زال في حالة تفاعل كيميائي – سياسي ساخن وقابل للإنفجار الى حدٍ ما , ويجري التعبير عنه بتبادلٍ غير متكافئ في اطلاق الرصاص بين قوى بعض الفصائل المسلحة والتيار الصدري وفي امكنةٍ مختلفةٍ من ارجاء العراق .. وكان ذلك بعضاً من الجانب الميداني , لكنه وعلى صعيد الحرب النفسية المرافقة للأحداث وسيّما بعد توقّفها , وقد جرى توصيف تلك الحرب بِ ” المتقدمة ! ” جرّاء الإيغال في التعمّق والذهاب بعيداً عن القواعد المفترضة للحرب النفسية , وخصوصاً على صعيد الدراسات والتعريفات الأكاديمية لذلك .! , حيث جرى تسريبٌ مفبركٌ ومحدود الإنتشار عن رسالةٍ مترجمةٍ للعربية من مرشد الثورة الإسلامية الى السيد مقتدى الصدر وبلهجةٍ تأنيبيّة وحادّة ومصوغةٍ بطريقةٍ ترغم الصدر قسراً للإنسحاب الكامل عن دوره السياسي! , وفي مشهدٍ مصاحب لهذا العرض السيكولوجي – الحربي ! , حيث اُشيعَ بما يفيد او يوحي أنّ الجنرال قاآني – قائد فيلق القدس ” في لقاءٍ بمنزل الصدر في ” الحنّانة – النجف ” قام بتهديدٍ صارخٍ وصريحٍ للسيد مقتدى بالتنحي والإعتزال السياسي ودونما ايّ انشطةٍ سياسية .! , كما والى نحوٍ آخرٍ في هذا الغيّ المحسوب على الحرب النفسية ومحاولات التسقيط والتشويه , فثمة رسالة حادّة اخرى من السيد محمد رضا السيستاني لم يكن فحواها اقل من إبعاد الصدر عمّا يقوم به من حراكٍ بالضد من الإطار التنسيقي او بالمصالح الأيرانية بتعبيرٍ غير مباشر .!

إذ نقتصر ونختصر هنا لما اكثر فأكثر , وحيث الكثار من الشرائح الإجتماعية لا تستسيغ التعاطي الفكري والسيكولوجي مع مثل هذه الأخبار , حتى لو كان بعضها صائباً , لكنّه ومن زاوية الرصد الإعلامي ” على الأقل ! ” , فلا الجانب الإيراني ولا الصدري قد نفى او اكّد مثل هذه التسريبات او الأخبار .! وهذا بحدّ ذاته يشكّل مدعاةً ما للتفكّر والتأمّل بما هو اعمق , وانّ الأعمق من ذلك أنّ التطورات ” سلباً ” في هذا الشأن جارية على سيقانٍ وأقدام لكنها عبر العرض البطيء نسبياً .!