23 ديسمبر، 2024 2:18 م

الحرب المذهبية جعجة وطحن … لماذا لايتفاوض المسلمون فيما بينهم ؟

الحرب المذهبية جعجة وطحن … لماذا لايتفاوض المسلمون فيما بينهم ؟

الحرب ثابت في حياة البشر وهي الظاهرة الوحيدة التي يجمع النوع الانساني على مقتها وممارستها في ان والحرب باقية بقاء البشر وهي واحدة من خلاصات التاريخ ومن ميزاتها انها جزء من طبيعة الاديان وهي تقوم لسببين لاثالث لهما هما الطعام والجنس وهذان هما العنصران المحركان للتاريخ تختفي ورائهما الاخلاق والعقائد والحقوق والانظمة والقوانين وكل ماانتجه البشر من مقولات.
للحرب اي حرب ثلاث حالات
نصر وهزيمة
هدنة
مفاوضات ونتائج (صلح)
يشتبك المسلمون فيما بينهم بحرب مذهبية مسبوقة الحدوث ومتوقعة التجدد ،جدتها هذه المرة في سعتها وتعدد جبهاتها وتنوع اساليبها وفداحة خسائرها البشرية والمادية وعظم نتائجها المدمرة على المستقبل اذا عرفنا بالارقام ماسيكون عليه الاقتصاد الاسلامي في (عصر النضوب) وعنصر الجدة الابرز هو نفي وجود هذه الحرب.
انها (الحرب المنفية)  التي يخوضها المسلحون والعلماء والخطباء والدعاة والسياسيون والاعلاميون والافراد والجماعات والاحزاب والدول لكن لاتجد من يعترف بوجودها.
هذه الحرب ليست بدعا ومثلها حدثت حروب مذهبية داخل الجماعة اليهودية وداخل الجماعة المسيحية ووفقا لخلاصة التاريخ فانه مامن جماعة تملك صفات محددة خاصة بها الا وكانت قبالتها جماعة تعاديها والانقسام على الذات صفة ملازمة للاديان فالعجب ليس من اصل وجود هذه الحروب انما الذي يحير العقل هو رفض المسلمون الاعتراف بوجود هذه الحرب ونكرانها بقوة.
كانت الجماعات تعيش في عزلة حتى جاء ياجوج وماجوج (النفط والغاز) او (البث التلفزيوني والراديوي) او ( النت والمحمول) او (السيارة والطائرة) فترك البشر يموج بعضهم في بعض ومنذ ظهور الطباعة والبث والنت اي وسائل الاتصال الجماهيري وبما (ان المذهبية هي الانجاز الخالد للعقل المسلم) فان الحرب المذهبية سرعان ماوجدت الوسط الحاضن الذي يساعد نيرانها على الاضطرام  ولايخفى كمثال واحد ان ملايين المسلمين يتقابلون في خطي جبهة الحرب المذهبية على الانترنت ووسائل الاتصال الاخرى على مدار الساعة واذا كانت اساليب الحرب القديمة تسمح بخطيب او متحدث واحد وامامه مجموعة مستمعين فان الحرب في اسلوبها الانترنيتي جعلت من العائلة المسلمة بالكامل جزء من المعركة فالاب يوجه والام تهلل والاخوان يساندون ولكل شخص اسهامته مايعني ان المعركة الاسلامية الاسلامية التي كانت في الجبهات العسكرية والمساجد والمقاهي والشوارع الفرعية دخلت الى البيوت.
التلفزيون المسلم يحدد الموقف من الرسالة الجسدية لكنه لايقول اي شيء ازاء الرسالة الذهنية ولم تحدد اي فترات بث تراعي الاعمار فتم جر الاطفال والشباب الى هذه المعركة تحت سمع ونظر الجميع ولم يحصل ان اعترض معترض على اطلاق فترة البث اذا كانت الرسالة دينية.
انفقت المليارات على طباعة (كتب الحرب) كل فريق يطبع ضد الاخر واذا طبع لنفسه فان المادة هي بالاساس موجهة لحماية الذات مقابل الاخر فيما الكتب التعليمية تزداد شحة وضحالة.
لايمكن مقارنة كتب المناقبية وحجج القوم ضد بعضهم بالكتاب التعليمي والعلمي، لقد اصبح كتاب الحرب المذهبية متفوقا على كتاب الفيزياء والكيمياء والرياضيات في اللغة والاسلوب والحجج والبراهين والحشد الفكري والتاريخي وفي الطباعة والتوزيع واقل منه في الثمن.
غالبية بحوث الدراسات العليا في العالم الاسلامي اتجهت لتكون بحوث حرب مذهبية.
هناك جبهتان او فئتان كل فئة تدعي انها الحقة وانها مظلومة وان قتالها انما هو دفاعا عن النفس وانها تطلب الحفاظ على وحدة الجماعة الاسلامية وانها تنهض بحقوق المسلمين على عكس الفئة الثانية وقد لايكون هنا مكمن الخطر الذي يتعرض له العالم الاسلامي انما الخطر الاعظم ياتي من ايمان كل فئة ان ماتقوم به ضد الفئة الاخرى انما هو واجبا دينيا يدخل في باب العبادة.
ايضا لقد ولدت طبقة اسمها طبقة الحرب المذهبية هي خليط من دول وجماعات وافراد تغذي هذه الحرب لتعيش منها لكنها ليست هي السبب وان كانت المشغل.
منذ عام 1980 والعالم الاسلامي تطحنه حرب مذهبية تاخذ اشكالا مختلفة راح ضحيتها ملايين البشر وكلفت ترليونات الدولارات وقادت الى احتلال قلب العالم الاسلامي وهي بعد ان جاءت على عدة بلدان اسلامية من المنتظر القريب ان تاتي على بلدان اخرى.
حسب خلاصة التاريخ لن تختفي المذاهب ولن تختفي الحروب وحسب خلاصة التاريخ فانه ما من طرف بقادر على محو الطرف الثاني والحرب بينهما تظل سجالا مادامت السماوات والارض، في كل مرة يقولون لبعضهم ان الفتنة نائمة ملعون من ايقظها وهم جميعا يقومون بعلفها وسقايتها والسهر عليها.
لماذا لايتفاوض المسلمون مع بعضهم؟
تفاوض المسلمون مع المشركين في الحديبية وتفاوض المسلمون مع اليهود في المدينة وتفاوضوا مع المسيحيين في الحروب الصليبية وتفاوض العرب مع البريطانيين والفرنسيين والاميركيين وتفاوض الفرس مع الاوربيين ولايزالون في خضم مفاوضات حول برنامجهم الذري وعقدت دول عربية اسلامية معاهدات سلام مع الدولة العبرانية ولاتكاد تجد فئة او جماعة او دولة اسلامية الا ولها مفاوضاتها مع غيرها لان اصل الحياة بالكامل يقوم على التفاوض لكن الذي لم يحدث هو تفاوض المسلمين مع بعضهم.
اما ان المانع هو الحاجز النفسي في الاعتراف بقتال اهل القبلة لبعضهم او هي الطريقة الشرقية في التعامل مع الحياة او هو عدم اهلية العقل المسلم للتفكير بحلول للمشاكل او وهذا هو المرجح عندي وجود اعتقاد خاطئ لدى الطرفين بان النصر قريب وان هزيمة الاخر ممكنة.

المسلمون ليسوا بخير فيما بينهم وكل مانسمعه عن عدم وجود مشكلة او اعتبار الامر طارئ او نسبته الى المؤامرة الدولية واعداء الاسلام واخيرا حديث السيطرة على هذه الحرب كلها احاديث كاذبة او جزء من خطة الطرفين للقضاء على بعضهم اذ ان هناك وعي بكره الاخر والسعي لاستئصاله.
لقد بدأت الحرب المذهبية في العالم الاسلامي على شكل مواجهة بين دولتين وجيشين ثم صارت حرب مدن فحرب حارات ووصلت الى الشوارع ثم دخلت البيوت.
هي حرب المحاور والدول والجيوش والمليشيات والمساجد ووسائل الاعلام.
يكذب العالم الاسلامي على نفسه عندما لايعترف بوجود الحرب المذهبية وما منظمة المؤتمر الاسلامي ومؤتمر التقريب بين المذاهب الا اغطية للحرب الاسلامية الاسلامية ولايخفى على المتخصص ان المسلمين جميعا وبدون استثناء حولوا عبادة الحج الى جبهة من جبهات الحرب المذهبية.
ان بالامكان اصدار اعلان اسلامي يعترف بوجود الحرب المذهبية ويدعو الى مفاوضات بشانها ينبثق عنها اما هدنة او اتفاقا والاخير يمكن ان يكون على شكل وثيقة تاخذ اسم وثيقة (السلام الاسلامي الاسلامي) وتتعلم من الدرس الكاثوليكي البروتستانتي في التوصل الى قاعدة للتعايش.
ان اهم نتائج الحرب المذهبية في العالم الاسلامي هو تحول الدول الى غيتوات مذهبية وعزلة المدن وتقسيم الاحياء وفرز الشوارع بحيث صارت الحياة في الدول الاسلامية قطعة من الجحيم.
انها ليست فتنة كما يحاول البعض تزييف حقيقتها فالفتنة لاتكون مقرونة بالتخطيط والتصميم والاصرار ولاتتحول الى مؤسسة.
ان الحرب المذهبية في العالم الاسلامي تحولت بالفعل الى مؤسسة لها اصولها وتقاليدها ورجالاتها ومايقال عن الاخوة الاسلامية الا كذب على رب العباد وعلى العباد.
نعم ان لهذه الحرب مرجعيات بالامكان الجلوس الى بعضها.
يحتاج المسلمون الى الخروج من الاسلام الاول والدخول في الاسلام الثاني الاسلام الذي يتم فيه عبر اتفاق مكتوب انهاء الحرب المذهبية.
فلا النصر والهزيمة ممكان ولا الهدنة بنافعة وليس سوى المفاوضات.