18 ديسمبر، 2024 9:00 م

الحرب القادمة ( عربية – عربية ) دون إن يكون الذبح إسلاميا

الحرب القادمة ( عربية – عربية ) دون إن يكون الذبح إسلاميا

ايران في نظر الولايات المتحدة ، تشكل تهديدا لأمن المنطقة لا بد من التصدي له ، من خلال توفير الحماية لحلفاء واشنطن القدامى فيها، وخاصة في منطقة الخليج العربي , الإدارة الأمريكية وعدت بتقديم مساعدات عسكرية لمصر ، وبيع أسلحة حديثة متطورة إلى المملكة العربية السعودية ، إما إسرائيل التي لم تعد تشكل إي خطر على العرب ، فستتلقى مساعدات عسكرية بقيمة ثلاثين مليار دولار وتشمل أسلحة حديثة متطورة تضمن تفوقها كقوة عظمى في المنطقة العربية , نحن الآن إمام عملية فرز واضح في المنطقة ، أساسها مدي التبعية للولايات المتحدة والاستعداد للانخراط في الحرب الجديدة التي تعد لها ضد إيران وسورية وحزب الله في لبنان ، أو ما يسمي بمحور الشر الجديد , المنطقة العربية باتت تنقسم إلى ثلاثة معسكرات رئيسية، الأول هو معسكر دول الاعتدال ، وهي مصر والأردن ودول الخليج الست ، ومعسكر محور الشر وهو سورية وإيران وحزب الله وحماس وتنظيم القاعدة والمقاومة العراقية ، ومعسكر ثالث هو محور المهمشين وهو يضم بقية الدول العربية مثل اليمن والسودان والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا ، مع الأخذ في الاعتبار حقيقة هامة، وهي إن دول هذا المعسكر الثالث ليست متساوية، ولا توضع في سلة واحدة ، فهناك دول فيه تعتبر دولا مساندة لمحور المعتدلين الأول ، مثل المغرب وموريتانيا ( تقيمان علاقات مع إسرائيل ) وبدرجة اقل من الجزائر , وزير الدفاع الأمريكي وحضوره اجتماعها مع دول محور الاعتدال العربي ، يؤكدان إن العد التنازلي للمواجهة مع إيران قد بدأ، وان عملية التهيئة للحرب ، وتوزيع الأدوار فيها قد بدأت بشكل متسارع ، الأمر الذي يذكرنا بجولات ديك تشيني عندما كان وزيرا للدفاع في إدارة بوش الأب للمنطقة قبل الحرب الأولى على العراق عام 1991علينا إن نتوقع عملية شيطنة لإيران بالطريقة نفسها التي تمت فيها عملية شيطنة النظام العراقي السابق ، تعتمد على الأسس والأساليب والمصطلحات نفسها . فالتركيز يتم حاليا علي خطر إيران على جيرانها في منطقة الخليج العربي ، ودعمها للإرهاب ، وهي التهم نفسها التي جرى توجيهها لنظام الرئيس صدام حسين لتعبئة المنطقة العربية ضده ، وتسهيل عزله تمهيدا للإطاحة به عام 2003.
إيران اليوم تحاول تطوير قدرات نووية للاستخدام السلمي أو العسكري وهذا من حقها ، وهذه القدرات تهدد الهيمنة الأمريكية على المنطقة ، وتحول دون تفردها بالتحكم بالنفط وإمداداته .
فإذا كانت الولايات المتحدة قلقة فعلا من هذا البرنامج النووي الإيراني على دول المنطقة فقد كان عليها إن تعمل علي تحقيق التوازن معه ، تماما مثلما فعلت علي تشجيع باكستان لامتلاك قدرات نووية لتحقيق التوازن مع نظيرتها الهندية المدعومة سوفييتيا إثناء الحرب الباردة .
بمعني آخر، لماذا لا تساعد الولايات المتحدة الدول العربية الحليفة لها ، مثل مصر والمملكة العربية السعودية لتطوير قدرات نووية تحقق توازنا إقليميا وتشكل قوة ردع في مواجهة إي إطماع إيرانية في المستقبل ؟
الإدارة الأمريكية لن تساعد حلفاءها العرب لامتلاك قدرات نووية لأنها تريد إن تظل إسرائيل متفوقة في هذا الخصوص ، ولهذا تريدهم وقودا للحرب الإيرانية. وهذا ما يفسر احتواء مساعداتها العسكرية الجديدة والموعودة للمملكة العربية السعودية ومصر صواريخ حديثة لقصف الأهداف الإيرانية.
دول محور الاعتدال العربي ارتكبت خطأ استراتيجيا قاتلا عندما سايرت الولايات المتحدة في مخططاتها لغزو العراق وتدميره منذ عام 1991 لغاية عام 2003 ، منهية بذلك توازنا طبيعيا مع إيران ، واليوم توشك على ارتكاب خطأ آخر أكثر فداحة بالانجرار إلى مواجهة أكثر خطورة مع إيران لخدمة أهداف أمريكية محضة من خلال تضخيم الخطر الإيراني ، وتأليب أهل السنة ضد إتباع المذهب الشيعي ، إي توسيع نطاق الحرب المذهبية والطائفية في العراق بحيث تشمل العالم الإسلامي بأسره , الإدارة الأمريكية لم تسلح العرب مطلقا ، تنظيمات أو دولا، من اجل مواجهة إسرائيل ، وإنما لمواجهة أشقاء عرب ومسلمين ، أو أعداء أمريكا الذين يجب إن يتحولوا إلى أعداء العرب بطريقة أو بأخرى مثلما حدث في أفغانستان أيام وجود القوات السوفييتية على أراضيها لمساعدة حكم نجيب الله الشيوعي , الأسلحة الأمريكية الجديدة التي ستتدفق إلى دول الاعتدال العربي لن تستخدم ضد إسرائيل وإنما ضد إيران وسورية و حزب الله و حماس ،
وما هو الثمن الذي سيقبضه قادة دول محور الاعتدال مقابل خوض هذه المواجهات والحروب القذرة والخطيرة ! العرب خاضوا حروب أمريكا في العراق (مرتين) وفي أفغانستان (الحرب علي الإرهاب) فماذا كانت مكافأتهم غير تمزيق هذين البلدين وتحويلهما إلى دولتين فاشلتين ، ومرتع للتطرف ومنظماته ، وتفجير الحرب الأهلية الطائفية فيهما ! دول محور الاعتدال التي تستعد لخوض حرب مع أمريكا ضد إيران وسورية ومنظمات المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان لم تستطع فتح معبر رفح ، أو تحويل بضعة ملايين من الدولارات لحكومة وحدة وطنية منتخبة في فلسطين ، أو حماية العرب في العراق من بطش حلفاء واشنطن وفرق موتهم .
صواريخ أمريكا إلى دول الخليج لن تحمي هذه الدول من نظيراتها الإيرانية ، لان إي انتقام إيراني لن يصل إلى الأراضي الأمريكية ، وإنما إلى القواعد الأمريكية في البحرين وقطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ، لان الصواريخ والطائرات القاذفة الأمريكية التي ستلقي حممها فوق المدن الإيرانية ، وربما السورية ستنطلق من هذه القواعد، ففي مياه الخليج ثلاث حاملات طائرات ، وأكثر من مائتي سفينة حربية أمريكية ولا نعتقد ان هذه السفن وبحارتها، تتواجد في هذه المنطقة التي تبلغ درجة الحرارة فيها خمسين درجة مئوية حاليا من اجل السياحة واكتساب اللون البرونزي ! تجاهل الخطر الإسرائيلي الحقيقي ، وافتعال خطر إيراني وهمي أو غير ملح هما اكبر عملية تضليل أمريكية جديدة للنظام الرسمي العربي ، وما يثير الغضب والغيظ إن هذا النظام سيبتلع الطعم الأمريكي مرة أخرى بسعادة بالغة ، ويساق إلى مواجهة مع إيران مفتوح العينين ، ودون مقابل ، مثل القطيع الذي يساق إلى المسلخ ، ودون إن يكون الذبح إسلاميا .. لله ……. الآمر

الحرب القادمة ( عربية – عربية ) دون إن يكون الذبح إسلاميا بإشراف الإدارة الأمريكية .. د . خالد القرة غولي …