19 ديسمبر، 2024 2:02 م

الحج والفَج!!

الحج والفَج!!

الفج : الطريق الواسع بين جبلين.
الحج من الفرائض الإسلامية التي يؤديها مَن إستطاع إليها سبيلا , وسلوك الحج معروف قبل الإسلام , أي منذ إقامة البيت العتيد.

ومع توالي الأعوام والعقود صار الحجيج يعدون بالملايين , وهذا يستدعي خدمات وإحتراسات وجهود كبيرة على مدى الساعات وطيلة أيام الحج.

والحجيج من جميع أنحاء الدنيا , إذ يجتمع في الديار المقدسة كل مسلم إستطاع القيام بهذه الفريضة بشعائرها ومفردات طقوسها , وهذا يعني أن الملايين قد تؤدي ذات الشعيرة في وقت واحد , مما يتسبب في تعرض الناس لمخاطر الزحمة والإنحشار في مواقف مميتة.

والزحمة من السلوكيات الخطيرة في عالم المخلوقات كافة , أما بخصوص البشر فأنها تعني قوة متراكمة متزايدة تتسلط على بعضه البعض مما تؤدي لقتله , فسقوط الناس تحت أمواج بشرية متحركة يعني أن الموت حتمي , لعدم القدرة على توقف السيل الجارف , فالبشر بملايينه عندما يتحرك يتحول إلى تيار متوثب , وأي إعثار أو مصد يتسبب بتصادمه وسقوط المئات , بل الألوف منه قتلى تحت هول التيار المتصاخب.

وما حصل للحجيج من نتائج مأساوية هذا العام , كما أنها قد تكررت في أعوام سابقات , يتطلب إعادة النظر بآليات الحفاظ على سلامة الحجيج للوصول إلى الحج الآمن السليم , الخالي من الويلات والتداعيات الحزينة.

ومن المعقول النظر في دعوة الحكومات الإسلامية للمشاركة في تأمين متطلبات الحجيج , وفقا لنسب الحجاج من كل دولة , أي أن المساهمة من الأفضل أن تكون تضامنية ما بين الدول الإسلامية , وأن تكون هناك فرق مدربة في مجاميع الحجيج من بلدانهم تشارك في قيادتهم وتأمين سلامة تأديتهم لمناسك الحج , ذلك أن اللغة لها دور مهم وكذلك الثقافات التي تتنوع ما بين الحجاج.

ولا يعني هذا إستهانة بالجهود التي تقوم بها السعودية , وإنما تعزيزا لدورها وقدرتها على الحفاظ على سلامة الحجيج.

فما دام الحجاج يأتون من كل فجٍ عميق , فأن من الواجب أن يكون هناك مجلس إسلامي معاصر يساهم في وضع الخطط الكفيلة بسلامتهم وبقيادة الدولة المضيّفة , لكي تتوزع المسؤولية.

ذلك أن الدنيا تتطور والبشر يزداد عددا , ومتطلباته بثقافاته المتنوعة تملي على المسؤولين الإقتراب بأسلوب آخر , يحقق الألفة والمحبة والأخوة الإسلامية , بدلا من مناهج الإحتكار والتفرد بالمسؤولية , وإعتبارها ركنا من أركان السيادة.

فالحج لا علاقة له بسيادة دولة , إنه فريضة على كافة المسلمين , ومن حق دولهم أن تساهم في توفير الرعاية والحماية لهم وبتنسيق مع الدولة التي تقام فيها طقوس الحج , ويمكن إعتبار ها فرصة لتجسيد سلوك الوحدة الإسلامية.

إن تكرار هذه المآسي يترتب عليه تفاعلات سلبية تضر بوحدة المسلمين , وتمنح الإسلام مزيدا من التوصيفات التي لا تمت بصلة إليه.

فهل من رؤية جديد وعقل إسلامي إيجابي التطلعات والرؤى والتصورات , لكي يسعد كل حاج بما أدّاه وتكلفه وتعبد في دياره؟!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات