الحجر أكثر سعادةً من الانسان . لماذا ؟
الحجر كائن تكوّن بعد مخاض وأوجد حيواته في وسط يليق به . لم يتذمر يوماً ، ولم يتضيّق أبداً ، كبني البشر ، من جيرانه من الاحجار أو من الرمال التي تكتسيه . بحبور يفرح عندما يهطل المطر ، حيث يتذوّق فسيفساء جمال السماء . لاأحد ينهره ، ولا أحد يلومه ، ولا أحد يحسده . هو ، أي الحجر ، كينونه مستقله بذاتها ، ذات سياده تضمنها كل قوانين الفيزياء السماويه . يرعاه الرب ، حينما يجد وقتاً لذلك . الحق ليس دائماً . هو صبور ، سوف يتحمل أحياناً بعض الهزات بفعل الرياح الموسميه ، سوف يتدحرج ويتمنطق ويتململ ولكنه يبقى مُصراً على ان يبقى حجراً ، صلداً ، ويأبى إلا ان يحتفظ بكل خواصه الكيميائيه من نقاء وحزم وثقه وتفاؤل وصفاء جوهر. مابين البصره والرميله ، أخيراً عثرت عليه . كان حجراً ذي إستطاله مترفعّه وخدوش في الأنحاء . كان أسمراً ، ناحِلاً قد أعياه التعب وإبتلّ حد الِمطواة من المطر ، في عينيه قذىً غير مقروء ، وكأني به انه لم يتذوق بما فيه الكفايه جمال الخليقه ، بيد انه كان ذا نور غاسق ، وهّاج ، مفعم باللارهبه ، مُثقل بروحانية الصلوات الصوفيه . كان ، كما أظن ، ذا كرامه وخيلاء ورجوله . شعرتُ حينما لمسته ، ولوهله إحتضنته بسمو العاطفه والحدب على الارض ، ارض العراق . شعرتُ ، صدقني ، بحنين فردوسي لذلك التراب الذي يَعبق بالحُسين وأجنابه ، والذي يحتضن هندال جادر وسلام عادل .