7 أبريل، 2024 4:51 م
Search
Close this search box.

الحجارة التي دمرتها داعش

Facebook
Twitter
LinkedIn

رأيت رأساً منحوتاً لاحد الملوك الآشوريين يدور به الأطفال في أزقتنا، وكان الآباء ينهرونهم: دعوا التماثيل، ارموها في المزابل، انها أصنام، وتكرر المشهد مع أواني الفخار المزركشة، نعم هؤلاء الجهلة لا يفهمون قيمة الحضارة والإرث الحضاري، اما المثقفون فيفهمون قيمة هذا الإرث ولذا يهربونه خارج البلاد، ما قيمة قناع أفريقي او آلة صيد تسرقها أميركا مع ما تسرق من عبيد لتقودهم الى سوق النخاسة، وتعرض القناع وآلة الصيد في متاحفها، لماذا يسرقون المتاحف والآثار ويعرضونها في متاحفهم، ربما لا تكون ثمينة هناك، الثور المجنح اشتكى لمرات عديدة طريقة السبي التي تعرض لها، ايطاليا صادرت أعدادا كبيرة من القطع الآثارية، لتعيد نسخة مزورة منها بموافقة الحكومة، يا الهي لا يوجد شعب يسخر من تدمير تاريخه، كان وحيداً يدور في مرابع الصبا التي أصبحت عشوائيات في ظل الديمقراطية، لم يجد أثرا للاواني الفخارية الملونة التي تنتشر هناك بكثرة ودون أدنى اهتمام من أية يد حانية، كان يتساءل: لماذا تعرض ايطاليا قطعاً آثارية عراقية في متاحفها، وماذا تريد ان تقول، الدبابة الأميركية التي وقفت في باب وزارة النفط في 9/4/2003، لم تقف واحدة مثلها في باب المتحف العراقي.
لماذا يضعون مسلة حمورابي هناك، ولا احد يعترض؟، أليست سرقة مفضوحة ومرفقة بدليل؟ ولماذا تغيرت ستراتيجية اميركا باتجاه التدمير بعد ان كانت السرقة، الحضارة الآشورية التي دمرتها داعش، أميركا لم تكن ترغب بسرقتها، لكنها كانت ترغب بازاحتها لتقطع واسطة ارتباط الشعب بماضيه، ربما الماضي شيءٌ مقدس بالنسبة لأميركا، لانها تفتقر اليه، وهي في طور بناء الحضارة، حتى داعش التي دمرت منارة الحدباء، ماذا تريد ان تقول من خلال هذا التدمير؟ أصنام الآشوريين كانت ملكا للكافرين، ولكن مئذنة الحدباء، الم تمتلك القدسية بنظر داعش، وهي من بقايا عصر يشبه الى حد ما عصرنا الحالي، لكنه يتميز بقوة الحركات الدينية، وتمزق الولايات، حيث ان والي حلب يستطيع مصادرة نينوى، وحاكم دمشق يتوسع باتجاه آخر، لكنني مع هذا سأعالج الأمر بطريقتي، انطلق باتجاه الكمالية حيث معامل البلاطات والرخام، اشترى رخامة كبيرة، وحملها بسيارة أجرة الى مشغله، وراحت أنامله ترقص عليها، سأعالج الأمر، سأنحت مئذنة جديدة، وحدباء أيضا، وسأنحت رؤوس جميع الملوك الآشوريين، ساترك شيئاً للأجيال المقبلة مهما كلفني الأمر، لأقول لهم انني كنت هنا، وسأذيل كل عمل بتاريخه وبعض المعلومات المهمة عنه، واقول باي عصر تم تدميره وتحت وصاية من، هكذا ساحافظ على حضارة بلدي، انها اعمال مصغرة لكنها ستؤرخ لسرقات الدول المتحضرة، التي سرقت من افريقيا اقنعة الرجال وعدد الصيد، ووصلت بالتالي الى اختيار اقوى العبيد لسرقتهم ايضا، السرقة حاليا والنخاسة تأخذ ابعاداً جديدة، انا في بلدي واميركا تمثل لي اسوأ ماخلفت الانسانية من اجرام، لكن بمجرد ان امتلك الجنسية الاميركية هناك بعد عناء، ساكون اميركياً بامتياز، وساقتنع بوجهة نظر ترامب في سرقة اموال الشعوب، ووجهة نظر بوش في احتلال الشعوب وازهاق ارواح الابرياء، وكذلك اقتنع بسرقة وتدمير الآثار فانها حجارة وستقنعني اميركا بان الانسان اكثر قدسية من الحجارة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب