روي عن الحجاج بن يوسف الثقفي، كان يجول في أسواق مدينة واسط بشكل دوري ليتعرف على احوال الناس وحركتهم، وبينما هو على عادته استوقفه تصرف امرأة تبيع ما يحتاجه الناس من طعام، فقد كانت كل ما مر الحجاج من امام محل بيعها تحتشم وتضم جلبابها على جسدها.
فقال لها الحجاج : يا امرأة لم تحتشمين كل ما مررت بك دون الناس؟
فقالت له: اراك رجلاً!.
فقال لها : وما هؤلاء؟!.
قالت : انهم ليسوا رجالاً!، فلو كانوا رجالاً لشهروا سيوفهم بوجهك، فأنك قاتلهم سواء قاموا ام قعدوا!.
ما اشبه قصة الحجاج مع ما نعيشه اليوم من احداث في منطقة الشرق الاوسط، فـ (الكيان المؤقت)، الذي اوجدته اتفاقية (سايكس بيكو)، والذي تشكل من الفائض البشري اليهودي الموجود في اوربا، ليتحول الى (غدة سرطانية) بجسد الامة العربية، وعلى اساس اساطير (تلمودية) منها اسطورة النفي من ارض فلسطين بعد خراب هيكل “سليمان” سنة (70) ميلادية!!!.
لاشك ان الصراع بين العرب والمسلمين من جهة وإسرائيل، هو صراع حول مفهوم ( البقاء او الوجود)، فالصراع طوال تاريخه لم يكن على قطعة ارض او مدينة او ضفتي نهر فقط، لكنه على رؤى واضحة هو (صراع حول البقاء)، وكما هو الصراع المصيري الذي يفترض ان يكون بين نقيضين، والذي لا ينتهي بفناء احد الخصمين، اذ ان فناء احدهما يعني بقاء الاخر، ويصبح للفناء داخل الصراع المصيري معان مختلفة، تبدأ بإزالة المعالم الاصلية للخصم، عبر الاستئصال الجسدي الذي يتدرج الى الاحتواء حتى تستوعب وتذوب هذه المعالم، وهكذا هو الصراع بين الامة العربية بتراثها ومعالمها الثابتة وبين الكيان الصهيوني.
هذه الحقية التي اكدتها الوقائع والاحداث ما بعد 7/ اكتوبر/ 2023، وكشفت للعالم حقيقة المشروع الصهيوني في المنطقة، فاليمين المتطرف بزعامة النتن ياهو، لن يتوقف بتهجير سكان غزة ولا باحتلال لبنان، بل سيتحدث عن خطر تهديد الوجود لكيانه اللقيط اينما وصلت طلائع جيوشه ولن يتوقف حتى تحقيق خارطة حُلم دولته اليهودية من الفرات الى النيل!.
وسط هذا الواقع غاب الموقف الموحد للمسلمين والعرب لأسباب طائفية وأحيانا نزولاً لرغبة الحكام المطبعين، بالرغم من استهتار النتن ياهو بعدم احترام العرب عبر تصريحاته، بفرض الواقع المتمثل باحتلال عواصم عربية ثم التفاوض مع الجمهورية الاسلامية الايرانية على سلام شامل وجذري!.
أيران من جانبها رفضت المشروع الصهيوني، وردت بقصف عنيف للمواقع العسكرية الاسرائيلية التي انطلق منها العدوان على ضيوفها وحلفائها، وكشفت الحجم الحقيقي لكيان النت ياهو، ويبدو أن الموقف الاخير لبعض الدول العربية الرافض لعدم استخدام امريكا الحليف العقائدي للكيان المؤقت اراضيها بالعدوان على ايران على خلفية الرد الايراني، كان جرعة استفاقة للذاكرة العربية بعد غياب 75 سنة!.
فهل نشهد فواقاً عربياً من غيبوبتنا، ولا نؤكل فرادا بعد الثور الابيض؟!.