23 ديسمبر، 2024 5:56 ص

الحب المستهجن والواقع العراقي الحزين بعيد “النفتالين “!!

الحب المستهجن والواقع العراقي الحزين بعيد “النفتالين “!!

بينما نحن جلوس أمام الشاشة الصغيرة نتابع آخر مستجدات مؤتمر إعمار العراق المنعقد في الكويت بمشاركة عشرات الشركات العالمية الكبرى نتجاذب أطراف الحديث بين مشكك بأهدافه و يائس من نتائجه ، وبين مستبشر بتوصياته وتوجيهاته وإذا بالنائبة الكويتية ،صفا الهاشم ،تغرد على تويتر ” إن حكومات العراق المتتالية أثبتت فشلها في ملف إعادة الإعمار وتحقيق الإزدهار لشعبها، فلماذا يتم تسليمهم ١٠٠ مليار دولار ؟!” ، الحقيقة لم ينبس أي منا ببنت شفة للرد عليها – بما فيهم أبو وليد الثرثار – ﻷن الـ 1000 مليار دولار التي إختفت الى غير رجعة طيلة السنين الماضية بمثابة غصة في حلوقنا تمنعنا من الرد ، وﻷن مئات المشاريع المتوقفة أو المتلكئة في طول البلاد وعرضها بعد بيع عقودها مرارا بين المقاولين لحين نفاد ميزانيتها ، وملفات الفساد المركونة على الرفوف أو المخفية في اﻷدراج لحين الطلب لغرض الإبتزاز ولي اﻷذرع وليس للإصلاح والتغيير ،تحول بيننا وبين كتابة مايلجم النائبة ويخرسها ،وﻷن إعادة تدوير وترشيح عشرات الفاسدين أنفسهم مجددا بكل أريحية وشفافية وديمقراطية ضمن كتل وأحزاب قديمة وأخرى حادثة منبثقة كأفعى رقطاء من سابقتها يصدق فيهم جميعهم قول ابن المعتز ” ولو لبس الحمار ثياب خز ..لقال الناس يالك من حمار ” تمنعنا من الرد ، ليفاجئنا المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ،جيرت كابيلير، بأن ” طفلا من بين كل أربعة أطفال في العراق يعيش في حالة فقر، فيما يحتاج أربعة ملايين طفل للمساعدة، وأن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في عام 2018 يبلغ 8.7 مليون شخص!!” .
وبينما كنت أتصبب عرقا لفظاعة ما أرى وهول ما أسمع و وإذا بالتهاني والتبريكات تنهال على هاتفي المحمول بمناسبة عيد الحب ” الفالنتاين “، العيد الذي إخترع أسطورته بعض من أرادوا تغليف الأعياد الرومانية بمسحة مسيحية لكي لايصبح وجودهم ثقيلا بين الوثنيين الرومان فقاموا بإبتداع مجموعة من الأعياد في ذات التوقيتات القديمة واخترعوا لها قصصا رومانسية ذات بعد تيوصوفي نحو التي يعرفها الناس بشأن الفالنتاين والهالوين اليوم وﻻ أساس لها من الصحة والحقيقة هي أن عيد الحب هو عيد وثني لمايسمى بآلهة الحب – كيوبيد –ابن آلهة الجمال فينوس على حد زعمهم ، والذي يحمل سهما لايصيب به قلبا إلا وأوقعه في الحب كما في الأساطير الرومانية القديمة ..هذا العيد الوهمي الذي يشجعه التجار منذ عقود لحصد أرباح خيالية من بيع الدببة والقلوب والورود الحمراء وبعض الإكسسوارات والحلويات وإقامة الحفلات والمهرجانات الخاصة بالمناسبة بما يوازي 18.2 مليار دولار فقط في الولايات المتحدة ، العيد الذي تستشري فيه كل أنواع الموبقات والرذائل والجرائم الجنسية بدءا بالتحرش وانتهاء بالاغتصاب حتى أن ثلة من الشباب اﻷميركي اخترعوا عيدا في اليوم الذي يليه 15 شباط أطلقوا عليه ” عيد العزوبية ” إحتجاجا على ما يجري في عيد – النفتالين – وهذا الإسم الذي أفضل إطلاقه عليه ، من تبذير وإسراف وإرتفاع في معدلات الكآبة والانتحار وباﻷخص بين أولئك الذين لايجدون الحب وﻻ الحبيب في ذلك اليوم ، وارتفاع نسب الطلاق بعد أيام منه كما تشير الاحصاءات اﻷخيرة ، في هذا اليوم ينتقل من عدوى اﻷمراض الجنسية حول العالم ما يفوق بقية اﻷيام بعشرات المرات ناهيك عن الحمل غير الشرعي والاجهاض والخيانات الزوجية وانتهاك الحرمات وهتك الاعراض وتعاطي المخدرات وإحتساء الخمور بكل أنواعها والحوادث المرورية تحت تأثير المسكرات وغيرها الكثير !
قالها الحبيب الطبيب الذي لاينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى، صلى الله عليه وسلم : ” لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها ، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا”، وقوله صلى الله عليه وسلم في تكملة الحديث ” ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا”.
عندما تناهى الى سمعي هذا الحديث النبوي الشريف ﻷول مرة خلال محاضرة علمية قيمة في بغداد يوم كان الدعاة يخاطبون العقول والقلوب معا بالحكمة والموعظة الحسنة وبالادلة النقلية والعقلية الصحيحة والحسنة، وﻻيكتفون بأحدها على حساب اﻵخر قبل أن تهجم علينا موجة الدعوة بأساطير الف ليلة وليلة والمصباح السحري ، وهبوب رياح وعواصف تكفير اﻷولين واﻵخرين وإخراج المؤمنين الموحدين – ﻷقل زلة وأخف معصية – من الملة والدين ، وتغليب الدشداشة والغترة والسبحة والشحاطة والعطور الزيتية ووالخاتم والدف والعرقجين ، على إخراج الزكاة ودفع الصدقات ورعاية المرضى والمعاقين والمسنين، إغاثة الفقراء والجياع والملهوفين ، كفالة الايتام والارامل والنازحين ، رفع الظلم عن المظلومين والمضطهدين ،مناظرة الملاحدة والرد على المستشرقين وإصلاح أمور الدنيا والدين ، ووو قبل ان تهب علينا موجة الاستحمار و ( ﻻ تتلفت يمنه ويسره ، اذا عندك شك بما أقول من قصص لايستوعبها العقل وﻻ يقبلها المنطق ..روح راجع إيمانك ) عمي والله العظيم انت من يجب عليه أولا وقبل أي مخلوق آخر على سطح الكوكب أن يراجع علمه وخلقه وفكره وإيمانه .
سألت نفسي مرارا ، ماعلاقة المجاهرة بالفواحش بأسقام وأوجاع تظهر فجأة بين اﻷحفاد بعد أن لم يكن لها وجود في اﻷسلاف ، وهل بعضها خلق جديد يندرج في قوله تعالى ” وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” أم ﻻ ؟! ، وقد توصلت الى حقائق مرعبة بعد بحث وتقص لفترة ليست بالقصيرة خلاصتها ” نعم .. هي خلق جديد في بعضها وظهور أو تطور أو طفرات جينية مقاومة للعقاقير واللقاحات والظروف المحيطة غير مسبوقة لقديم خامل في -زمكان – حادث ” في ثانية .
وأنوه الى أن الاحصاءات تشير الى إن أكثر من مليون شخص يصاب كل يوم بعدوى الأمراض المنقولة جنسياً والتي يرمز لها اختصارا بـ (std) والتي ترمز بدورها الى 25 مرضا جنسيا أشهرها السيلان ، الزهري ( السفلس) ، الكلاميديا، التريكوموناس، الهربس التناسلي ، التهاب الكبد الوبائي B، الايدز ، الورم الحليمي، ولعل واحدة من المفاجآت التي عصفت بي تترا خلال البحث مصداقا للحديث النبوي، هي أن وباء أنفلونزا الطيور H5N1 اكتشف ﻷول مرة بين البشر عام 1997 ، كذلك أنفلونزا الخنازير H1N1 التي انحدرت كما يقول العلماء من الانفلونزا الأسبانية عام 1918 والتي قتلت 51 مليون شخص بما يوازي اربعة اضعاف الذين قتلوا في الحرب العالمية اﻷولى لتتوالى فاشياتها تباعا عام 1979، 1988، 2007 ،2009 ، بدوره وباء ايبولا القاتل ظهر لأول مرة عام 1976في كل من السودان والجمهورية الكونغو الديمقراطية ، التهاب الكبد c المعروف بـ “الصامت” اكتشف ﻷول مرة عام 1989 وهو يصيب حاليا 170 مليون انسان حول العالم سنويا ، الزهري الذي ظهر ﻷول مرة في عام 1492 وانتشر في نابولي الايطالية بعد غزو الفرنسيين لها وفشو العلاقات الجنسية المحرمة على نطاق واسع بين الجنود الغزاة – وعواهر المدينة المحتلة – لينتشر في العالم كله ويصيب ما يقرب من 12 مليون شخص سنويا ، كذلك مرض جنون البقر الذي ظهر للمرة الاولى عام 1986 في بريطانيا لينتشر في أرجاء المعمورة ، مرض جمبورو القاتل الذي يصيب الدواجن والذي اكتشف ﻷول مرة عام 1962،في جمبورو الاميركية وسمي بإسمها ، مرض نيو كاسل أو ” شبيه طاعون الدجاج” الذي سمي بأسم المنطقة البريطانية التي ظهر فيها بقوة عام 1926 والذي اشتبه العلماء بوجوده منذ عام1901، مرض العصر ” السمنة ” والتي سميت بذلك كونها لم تكن شائعة كما اليوم والتي تسبب ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والجلطات القلبية والدماغية ومرض السكري وأمراض الجهاز الهضمي وغيرها مصداقا لقول النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ ، وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ) .
مرض نقص المناعة المكتسبة ” الايدز” والذي يعتقد ظهوره لأول مرة في غرب أفريقيا الوسطى بدايات القرن العشرين ليذيع صيته عام 1981 في لوس انجلوس الاميركية والذي يقدر ضحاياه بحدود 36 مليون انسان والذي عرفه العراق في ثمانينات القرن الماضي عند دخوله ﻷول مرة عام 1986 بعد وجبة دم فرنسية ملوثة كانت مخصصة لمرضى نزف الدم الوراثي ” الهيموفيليا” والذي كثر الحديث عنه في غضون الايام القليلة الماضية بعد تسجيل اصابات جديدة بالمرض محليا ، وتباين الاحصاءات وتبادل الاتهامات بشأنه وعلى مختلف الصعد ، حين اعلنت صحة بغداد / الكرخ “تسجيل 6 اصابات جديدة منذ مطلع العام الجاري ، وان رصد مثل هذه الحالات يعد مؤشرا خطير لتزايد الحالات بشكل سريع!” يحدث ذلك في ظل تزايد الملاهي والنوادي الليلية ومدمني المخدرات ودور البغاء وعدم القدرة على الزواج وغلاء المهور وأزمة السكن وهجرة الشباب والبطالة وارتفاع معدلات الطلاق والعنوسة وازدياد أعداد اﻷرامل بما يقرب من 4 ملايين امرأة – بين مطلقة وعانس وأرملة – والإكتظاظ السكاني وهجرة أبناء الارياف الى المدن ، ما يؤشر برمته الى وجود خطر داهم يزداد سوداوية بوجود عصابات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والتفكك اﻷسري والفقر والنزاعات العشائرية وغياب التكافل الاجتماعي وضعف الوازع الديني والاخلاقي،فبأي عيد حب تحتفلون وﻷموالكم بالباطل من دون الخير تبذرون أيها الفلنتاينيون القرقوزيون وفي كل بيت عراقي ،نازح ومهجر وعاطل ومريض ومعاق ومسن ومفقود ومخطوف ومعتقل وأمي وشهيد ومأتم وعويل؟!
أودعناكم اغاتي