17 أغسطس، 2025 12:33 ص

الحاجز.. سيادة دولة !!

الحاجز.. سيادة دولة !!

تجمع الناس على مصالح مشتركة.. هكذا استخلف رب العالمين سبحانه وتعالى الانسان على الأرض.. وجعل نعمة العقل مناط التكليف الشرعي يوم الحساب العظيم.
وما بين قناعات متجددة ومتغيرات الواقع وتحدياته.. تستحدث تلك الحواجز ما بين الأفكار التي تنطلق من إنسان فمجموعة ثم جماعات.. هكذا ظهرت الأفكار  في صعود وهبوط الدول والأمم.. ما بين بابل ملكة الاتجاهات الأربع والإسكندر  الكبير من اثينا حتى الهند.. وهكذا ظهرن امبراطورية الفرس والروم وصولا إلى الإمبراطورية الإسلامية ومن بعدها المغول فالصفوية العثمانية.. حتى ظهور الاستعمار المعاصر فالامبريالية مقابل الشيوعية والاسلام السياسي.
كل هذا التنافس الاستراتيجي وتضارب المصالح لم يلغ الاتفاق الاممي ان سيادة الدولة تتجسد في قطعة أرض معترف بحدود ها يسكنها شعب متفق على عقد اجتماعي دستوري لإدارة الدولة في حكومة يعترف بها الشعب.
مع تصاعد الصراعات الإقليمية ما بين المشروع الصهيوني والمشروع الإسلامي لولاية الفقيه الإيراني.. ظهرت تلك الحواجز صريحة واضحة لتعريف سيادة الدول والتعامل مع فرضيات العدو والصديق.
وفق هذا المنظور تبحث تركيا الإخوانية عن بيعة لدولة عثمانية جديدة.. ويعمل نتينياهو من أجل مشروع إسرائيل الكبرى.. وتبحث إيران ولاية الفقيه عن مستقبل مشروعها في الملف النووي.. فيما استعادت الولايات المتحدة الأمريكية تحصين وجودها في عالم مصالح يفرض على الاصدقاء والاعداء التعامل مع أنماط جديدة من الشراكات الاقتصادية والتعاملات التجارية.
عراقيا.. رفع شعار العراق أولا.. من دون بروز ذلك الحاجز المفترض أن يكون واضحا مع كل المتغيرات.. فالعراق لا يمكنه لعب دور سويسرا في الحرب العالمية الثانية.. لأسباب جوهرية أبرزها موقعه الجغرافي بين ثلاث قوى مركزية في الشرق الأوسط.. تركيا وايران والسعودية.. ومع انه يتفق مع الاستراتيجية الأمريكية في اتفاقات مهمة امنية واقتصادية.. الا انه لم يستطع فرض تلك المساحه البيضاء كحاجز بينه وبين سياسات الآخرين.. عربا واتراك وايرانيين.. ناهيك عن التأثير السلبي الصهيوني في تلك الأدوار التي يلعبها الوجود الأمريكي في أراضيه.
لذلك يفتقد العراق لمنطوق السيادة.. وتتضارب فيه الأفكار.. ما بين نزعة الانفصال وتقرير المصير الكردية.. والشعور السني بالتهميش.. وفقدان الشيعة الحاكمية المطلقة بسبب نظام المحاصصة وامراء عوائل الاقطاع السياسي بعناوين حتى مقدسة.
وفي اشتداد الازمات الإقليمية تناسب القدرات الخارجية للتأثير على مضمون سيادة العراق. مرة بالتدخل الأمريكي البريطاني ضد الحشد الشعبي.. مقابل انعاكاسات زيارة على لاريجاني ومن قبله الجنرال قااني…في تطبيق واضح لنظرية الأواني المستطرقة وتحول العراق من دولة ذات سيادة إلى دولة تبحث عن السيادة مع شعب تتضارب ميوله واتجاهاته الفكرية.. من دون اتفاق وطني على بوصلة تحفظ له هذه السيادة… وهناك الكثير من الأمثلة عما تكون في مظاهر معروفة على مواقع التواصل الاجتماعي بعناوين كل حزب بما لديهم فرحون.
لذلك يتكرر القول بأهمية الحوار الوطني لإنتاج ذلك العقد الاجتماعي لدولة المواطنة المدنية المعاصرة.. وفق واقع يتفق َمع معايير الجودة الشاملة بمنظومة مقاييس عراقية بحتة تجعل من شعار العراق أولا حقيقة كحاجز للفصل بين كل تضارب الأفكار والمصالح للمكونات واحزابها والتمسك به كثقافة مجتمعية وسياسية على حد سواء تترجم في تطبيقات العدالة والانصاف لتوزيع الثروة الوطنية.
السؤال الأهم… هل من الممكن أن تكون الانتخابات المقبلة نموذجا لفرز هذا الحاجز  بهذا العنوان (العراق أولا). ام ان الانتخابات لم تكون أكثر من تكرار لذات دورة الازمات وتحويلها إلى ثقافات إنتاج الطاقة السلبية بين المكونات؟؟
اعتقد من خلال البرامج الانتخابية وأساليب الدعاية الانتخابية.. يمكن فرز مؤشرات الأداء لهذا الحاجز عراقيا من عدمه… ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!