18 ديسمبر، 2024 11:21 م

الجيش العراقي…محنة هوية

الجيش العراقي…محنة هوية

هناك قاعدة ثابتة متفق عليها في جميع الأنظمة ومنها الديمقراطية على وجه الخصوص وهي(ان السلاح يجب ان يكون بيد الدولة) واي تشكيل عسكري خارج اطارها مهما حمل من تسميات لها قدسية دينية أو تاريخ نضالي يعتبر غير دستوري وخارج على القانون،أن فرض النظام وتطبيق القانون يقع على عاتق الدولة حصراً، ويتم ذلك عبر اجهزتها الأمنية ابتداءً من الشرطة المحلية ثم الشرطة الأتحادية، وعندما تعجز هذه الأجهزة عن أداء مهامها يتم الأستعانة بقطعات من الجيش لفرض هيبة الدولة .
من غير الصحيح مايتداوله بعض الساسة من أن الجيش واجبه حماية حدود البلد من الأعتداء الخارجي فقط وهذه كلمة حق يراد بها باطل، فألجيش في جميع النظم الديمقراطية واجبه حماية الشرعية الدستورية اضافةً الى حماية الحدود، واي تهديد داخلي لسلامة الوطن والمواطن يعتبر خروج على الشرعية ولايختلف عن التهديد الخارجي، وطالما استخدم الجيش في العهد الملكي في العراق وهو نظام ديمقراطي حينذاك في قمع حركات تمرد عشائرية وعرقية حدثت في مناطق متفرقة من العراق، كما هناك مثل قريب علينا،  الجارة تركيا وهي من الدول الديمقراطية تستخدم الجيش بكافة صنوفه لمحاربة حزب العمال الكردستاني.
لايوجد جيش في العالم يحترم نفسه يقف على الحدود متفرجاً، وهناك من يقوم بتهديد السلم الأهلي في بلده، ومن غير المنطقي ان يقف الجيش على الحياد وهويشاهد بلده يحترق وشعبه يذبح.
هناك حملة خبيثة منظمة تقودها دول اقليمية وقوى سياسية داخلية لتشوية صورة الجيش العراقي ووضعة في خانة العدو بالنسبة للشعب لغرض اضعافه وثنيه عن اداء مهامه الوطنية، وألا بماذا نفسر اطلاق النار على مروحية عراقية من قبل قوات البيشمركة ولم يطلقوا رصاصة واحدة على الطائرات التركية التي تسرح وتمرح وتحرق قرى عراقية في كردستان دون ان تتحرك الغيرة البيشمركية، وماهو تفسير قتل جنودعراقيين عزل في الأنبار والتمثيل بالجثث بطريقة وحشية، والأعزل لايتم الأعتداء عليه كما تنص على ذلك الشرائع السماوية والقيم العراقية والعربية الأصيلة وتقاليد الحروب، لايوجد تفسير إلا الحقد على هذا الجيش الذي يمثل ويضم داخل صفوفه جميع اطياف الشعب العراقي منذ تأسيسه في عشرينيات القرن الماضى الى يومنا هذا.
الجيش العراقي يعيش محنة هوية, الصراعات السياسية تدفعه للتخلي عن هويته الوطنية، لذا هو بحاجة الى نظام سياسي متماسك يدعمه، واحزاب سياسية تتجاوز الأنتماء العرقي والطائفي، وهذا يتطلب التوافق على قانون احزاب وقانون انتخابات يلبي تطلعات الشعب في انتاج طبقة سياسية جديد تستطيع بناء دولة ديمقراطية سليمة، وحكومة مركزية قوية ومتجانسة تعيد للدولة هيبتها، وللجيش احترامه، وللمواطن ثقته بجيشه وحكومته.