22 ديسمبر، 2024 11:35 م

الجيش العراقي عنقاء تحترق وتعود

الجيش العراقي عنقاء تحترق وتعود

تحل علينا الذكرى السابعة والتسعون لتأسيس الجيش العراقي، التي تصادف في السادس من كانون الثاني عام 1921، ذكرى تأسيس أول نواة للجيش العراقي تحت مسمى فوج الإمام الكاظم ع، وهو في حالة تختلف جذريا عن السنين السابقة.

فبعد حرب ضروس، استمرت لأكثر من ثلاث سنوات مع أعتى هجمة بربرية، خاض فيها الجيش العراقي مع بقية التشكيلات الأمنية، معارك طاحنة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، فاقت في قوتها وضراوتها، شدة المعارك في الحرب العالمية الثانية بشهادة الخبراء العسكريين، خرج الجيش العراقي منتصرا قويا، يفوق في خبرته معظم الجيوش في المنطقة أن لم يكن كلها، مسطرا تاريخا مشرقا، نافضا عن ملابسه العسكرية غبار السنين الماضية، التي أرادت للعنقاء أن يموت.

تاريخ حافل ومتباين بإحداثه التاريخية، مر بالجيش العراقي منذ بداية تأسيسه الى يومنا هذا، فمن معركته الأولى ضد الانتداب البريطاني عام 1941، الى مشاركته مع الجيوش العربية في الحرب ضد العصابات الإسرائيلية عام 1948، الى دفاعه عن الجولان في حرب اكتوبر عام 1973، خط الجيش العراقي تاريخا ناصع البياض في الدفاع عن الأمة وشعوبها، لحين استيلاء نظام البعث الفاشي على مقاليد الحكم في العراق.

عندها بدأت معاناة الجيش العراقي، بقدوم صدام واستيلائه على السلطة، وهيمنته على الجيش العراقي خوفا منه، وتسخيره لتنفيذ أجنداته الخبيثة والعدوانية في المنطقة، فأقحم الجيش العراقي في حرب ضروس مع إيران استمرت لثماني سنين، أخذت من الجيش العراقي الكثير رجالا ومعدات، وما إن انتهت حرب الخليج الأولى حتى جاءت حرب الخليج الثانية، وأقحم الجيش العراقي في غزو الكويت ليترك عرضة لطيران التحالف الدولي وقواته، لتنتهي بعدها المؤسسة العسكرية العراقية، وما بقي منها ظل يدافع عن النظام فقط.

بعد عام 2003 واحتلال العراق من القوات الأمريكية والدولية، جاء قرار الحاكم المدني ” بول بريمر ” بحل الجيش العراقي، لتتكون بعده وحدات جديدة من الحرس الوطني، أخذت تنمو لتكون الجيش العراقي الحالي، الذي صرفت عليه أموال طائلة وميزانيات انفجارية وعقود تسليحية كبرى، رافقها غياب للمهنية والتخطيط المدروس ومحابات في المناصب والرتب العسكرية، وفشل في الإدارة وفساد كبير نخر جسد هذه المؤسسة، فكان الانهيار الكبير أمام داعش في حزيران عام 2014.

مثلما طائر العنقاء عندما يموت يحترق ويصبح رمادا، ويخرج من الرماد طائر عنقاء جديد، هكذا كان الجيش العراقي بعد الأحداث التي مرت به، فقد انتفض بوجه الإرهاب الذي استباح ارض العراق، وجعل أهله بين قتيل وسبية ونازح، فرسم تاريخا جديدا خط بدماء شهدائه وبطولات رجاله، مقدما التضحيات الجسام في سبيل الدفاع عن الوطن، معلنا ميلاد عنقاء جديد أكثر قوة وجمالا.