22 ديسمبر، 2024 2:33 م

الجيش العراقي بين حقبتين

الجيش العراقي بين حقبتين

بعد ايام قلائل ستمر الذكرى الخامسة والتسعين لتأسيس الجيش العراقي الباسل والذي رأى النور  في السادس من يناير1921
ذلك الجيش المهاب الذي تأسس على اصول وطنية وعقائدية وذلك بعد انبثاق اول حكومة عراقية برئاسة السيد عبد الرحمن النقيب في عام 1920 والتي افضى الى تأسيسه بعد عام على تشكيلها وكان نواة للضباط العراقيين  ثم اعقبه تنصيب فيصل الاول ملكا للعراق  بمباركة أولئك الضباط الذي وضعوا للجيش قواعده واعمدته فكان له الدور الفاعل في كافة صفحات تأريخ العراق الوطني المعاصر مما جعله جيشا صانعا لكثير من محطات العراق السياسية وصمام امان للاستقرار والسلم الاهلي وبدأ  بفوج موسى الكاظم ثم توالت التشكيلات البرية للمشاة و الدروع والمدفعية حتى انضمت لصفوفه  القوة الجوية في عام 1931 واستمر ذلك الجيش بالتكامل والتطور حتى وصل أوج عظمته وقوته في ثمانينيات القرن الماضي عندما اوقف ببسالته المد الايراني والثورة الخمينية وجرع الخميني واتباعه كما اعترف هو كأسا من السم الزعاف .
وكانت ايران الخميني وذيوله والكيان الصهيوني وعملائه يحسبون الف حساب لذلك الجيش الذي كان مفخرة للعرب وحقيقة سبب قوته وتماسكه منذ تاسيسه ولغاية حله بعد احتلال العراق عام 2003 انه بني على عقيدة صحيحة بعيدا عن الاثنية والطائفية والمناطقية ففيه من القيادات اللامعة من الكرد والسنة والشيعة والايزدية والمسيحيين والصابئة  والكلدان مايشار لهم بالبنان ,والذين اصطفوا جميعا كجسد واحد للدفاع عن حياض الوطن  ومساندة جميع الحكومات ملكية وجمهورية ابان جميع الحروب التي خاضها ذلك الجيش بغض النظر عن مشروعية بعضها كونه جيش يأتمر بأمر السلطات العليا وليس له شأن في السياسة وتداعياتها .
فلقد وصل ذلك الجيش مرحلة من المهابة ان تحذر ايران واذنابها بعد ان اشبعت مؤخرة جنود الولي الفقية بركلات الجندي العراقي وتورمت  ضربا ان تفكر بعدها حتى  بالتقرب من الحدود العراقية ولو بكتيبة استطلاع برية ولم يكن لأي جهة داخلية او خارجية  ان تتحرك اي حركة تفسر اخلالا بالامن او انتقاصا من السيادة قد يلتفت لها ذلك الجيش ليقبرها في مهدها ولو تحركت اي قطعة عسكرية وان كانت حتى متصدئة وخارجة عن الخدمة و مهما كان وزنها وتاثيرها بمحاذاة  اي حدود دوليه لدخلت تلك الدولة اعلى درجات الانذار وبمجرد صدور اي بيان من القيادة العامة للقوات المسلحة  تتزاحم الجرذان مذعورة  بالعودة الى جحورها .
ولم يكن العراقي يعرف يومها  لكلمة الارهاب معنى سوى ماسمعه وشاهده من قناة الشباب  من فلم لعادل امام عن الارهاب . فكان لوجود قادة مهنيين  شجعان كامثال عدنان خير الله  وعبد الجبار شنشل و سعيد حمو و نزار الخزرجي و سلطان هاشم وعشرات القادة اللامعين في صفوف ذلك الجيش كان قد ارعب كل ارهابي العالم من التفكير بالتحرش بالعراق او ىإجتياز حدوده.
ولقد علم المحتل الامريكي يقينا ان السبب الرئيسي لتماسك الوضع في العراق رغما للحصار والحروب هو ذلك الجيش فعمد باتخاذ اول قراراته بحله والتنكيل بقياداته وتصفيتهم واعتقالهم لتنتهي حقبة وتبدأ حقبة اخرى ابتدأت باستبداله بمليشيات ومجاميع جاهلة متخلفة   فكل مليشيا دفعت بحصتها من رجال لايعوا للشرف العسكري ومهنيته  معنى وجلهم  قضى حياته اما خائنا هاربا مطاردا او يدير الحانات والنوادي الليلية او مسؤولا عن اقفاص الاسرى  يسومهم سوء العذاب ومنهم من كان صنعته بيع العتيق  يلف بحماره ازقة بغداد سكيرا لا يعرف ليله من نهاره ليتبوأ بعدها اعلى المناصب بقيادة كتائب والوية وفرق وفيالق!!فتشكل جيشا مسخا لايمس للوطن والوطنية بشيء  وتسارعت امريكا بتسليحه بالثقيل من المعدات وغاب عنها ان ذلك الجيش كغثاء السيل بدون عقيدة تجمعهم ولا وطنية تحصنهم وتمنعهم فكان اول تجربة ان انهار ذلك الجيش العرمرم  ولم يستطع مجابهة المئآت من مسلحي داعش فخلعوا زيهم العسكري ونياشينهم واستبدلوها باثواب مدنية ودشاديش عربية وضاع  بخوارهم  ثلث العراق….وللحديث بقية