22 ديسمبر، 2024 2:11 م

علينا أن نكون موضوعيين وواقعيين في التعامل مع الحالة العربية , ومن حقنا أن نبحث في المعالجات اللازمة للخروج من آبار الوجيع الظلماء.
وليس من الصحيح مقارنة أحوال العرب بأحوال الغرب , والبديهي يفرض المقارنة بينهم وجيرانهم من الأتراك والإيرانيين , فالجاران تمكنا من بناء دولة وأمة وتفاعلا بمهارات معاصرة مع الدنيا , فأصبحت عندهما قدرات وخبرات ذات قيمة فعالة في التفاعل والتحدي والإقتدار.
فهما يزرعان ويصنعان ويبنيان ويؤسسان لمنطلقات حضارية متقدمة عن الحالة العربية بأشواط عديدة , فتجدهما أقوياء حول كينونة عربية ضعيفة واهية متناحرة , فقدت فيها الدولة أهميتها والأمة قيمتها ومعناها , وإنتشر فيها التناحر والتصارع الخسراني الشديد.
الجاران يتقدمان ويتطوران ويتحديان , والدول العربية تتبعثر وتهون وتهين نفسها بما لديها من القدرات والطاقات والثروات , فهي تجلد ذاتها وتحرق كيانها وتمحق وجودها بإرادتها التابعة المرهونة بمصالح وتطلعات الطامعين فيها.
فأيهما أولى بإمتلاك الأمة الجار القريب أم الطامع البعيد؟!!
سؤال صعب ومروّع لكنه يفرض نفسه على الواقع الذي تمادى في إنهياراته وتفاعلاته السلبية الماحقة.
التأريخ يحدثنا بأن الجار أولى من غيره بإمتلاك جاره الذي يريد الذهاب مع الريح , لأن أي قوة أخرى ستأتي لتفترسه ستؤثر على جيرانه من حوله , وعندما يكون الجار قويا وأبيا فأنه لن يسمح بهذا الإبدال ويتوثب للإمساك بالجار النطيح.
ولهذا فأن الذين يصبّون جام غضبهم على الجيران الأقوياء عليهم أن يعيدوا النظر في تفكيرهم ويقرأوا التأريخ بإمعان , فالدول عبارة عن قوى متراصفة متوازنة وأي خلل فيها يتسبب بإنبعاج بعضها نحو بعض , وفقا لنظرية الأواني المستطرقة , وعليه فالضعيف لا يلومَنّ إلا ضعفه عندما تتواكب عليه النوائب والمصائب الجسام.
فهل من قدرة على إستعادة القوة والعزة والكرامة والسيادة في دول أمة تُمزّقُ هويتها وتَسْحقُ ذاتها؟!!