الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري لا انظر له كشاعر بل انسان ومؤرخ وانا لا اميل اصلا للشعر ، ولكن كلمة حق تقال انه عبقري الشعر ولا زال حتى يومنا هذا ، في مذكراته حقائق هو عاشها وليس قيل وقال وخرجت منها بنتيجة ان الجواهري انسان يحب الانسان فهو ليس ملحد ولا شيوعي وليس متدين ولا بعثي بل يميل الى اية جهة تخدم الانسان والوطن .
كثيرة هي المواقف التي ذكرها في التاريخ السياسي العراقي من ملك فيصل وحتى طاغية العراق ، اخترت مقاله ماذا في الميمونة وما رافقها من خصومات مع الزعيم قاسم ، ففيها مواقف رائعة للجواهري كشف الوجه الحقيقي للزعيم .
والحكاية في ج/2 ص259 من مذكراته نشر في جريدته المعارضة ( الراي العام) مقالا افتتاحيا (ماذا في الميمونة) وهي قضاء تابعة للعمارة وكان فيها مجموعة شباب شيوعيين اخرجوا نساءهم للمظاهرات في زمن قاسم حتى لا تصطدم بهم الشرطة ( حرمة النسوان هذا ديدن الشيوعية )، لكن الذي حدث ان الشرطة قمعتهم وحتى اغتصبت بعضهن هنا بيت القصيد.
على ضوء هذا المقال ولان الجواهري هو رئيس اتحاد الادباء امر الزعيم بحجب مخصصات اتحاد الادباء وقطع الكهرباء والماء عليهم وجاءوا يتوسلون بالجواهري للتوسط عند قاسم وقد قدم الاتحاد طلبا لمقابلة الزعيم مرتين واشترط الزعيم حضور الجواهري فرفض الطلب ومنها عندما قدم طلبا الدكتور صلاح خالص وهو شيوعي سكرتير الاتحاد فتم تجاهله وبعد الحاحهم على الجواهري وتوسلهم به وقالوا له ( يمعود فلسنه) قبل الجواهري الطلب بشرط ان لا يلقي اي كلمة .
يقول الجواهري تلقانا الزعيم بالالفة المعهودة والترحاب واجلسني على يمينه وتحدث سكرتير الاتحاد ( د صلاح خالص الشيوعي) بدلا عني واطال في كلامه غير الموفق وعندما تكلم الزعيم عرض على الصحافة وقال قراتم مقال (ماذا في الميمونة) ويريد ان ينكر واقعتها فقلت: يا سيادة الزعيم انا لا احب ان اثيرك او اطيل حديثي اكتفي بسؤالك عن الفتيات المغتصبات واقدر ان اقول بناتك الم يقابلنك ؟ فسكت وسكوته يعني نعم جئنني ، كنا ننتظر ان يوقع المنحة ولكن طال الكلام وقلت له يا سيادة الزعيم ثورة وبشرطة نوري السعيد
كلمة كبيرة اثارت الزعيم فقال لي بعصبية وانت من بقايا نوري السعيد
قلت له بعصبية انا يا فلان اتحداك، تتحداني قالها وشفتاه ترتجف، شددت اكثر اجل اتحداك ايها الزعيم عبد الكريم قاسم، فقال لدي وثيقة ومستمسك،
ما زلت اتحداك جيء بها الان، قال طيب ونهض مهرولا الى مكتبه ، عجيب زعيم ورئيس جمهورية وضابط عسكري يهرول،
نهضت لكي اخرج وذلك تحاشيا لما سيكون ولكن منعت من قبل قاسم الجنابي مرافق قاسم قائلا: لا يصح ان تخرج دون توديع الزعيم
عدت وجلست بعيدا عن مكاني المخصص وبالقرب من الباب فجاء الزعيم ليجلسني الى جانبه ليقول احسبوها زوبعة في فنجان فانا اهرع الى الهاتف عندما تستدعيني ظلال ـ وهي اصغر بناتي تسع سنوات عمرها ـ
فما كان مني الا الاعتذار منه لما صدر عني .
اتصل بي ممثل الحزب الشيوعي الاول عبد القادر اسماعيل وطلب مقابلتي وعند اللقاء سلمني وثائق تثبت جريمة شرطة الزعيم بحق النساء، والمؤسف الموقف الخالي من الضمير والانسانية الذي اتخذه الحزب الشيوعي في جريدته (اتحاد الشعب) تقدم المقال (ماذا في الميمونة)حيث نشرت المقال تحت عبارة ( كتبت جريدة الراي العام المقال الكذا …) قاصدة على تسميم الجو وكانها لاعلاقة لها بالمقال .
يقول الجواهري عن الزعيم بانه دكتاتور وقاتل وسفاك ومريض نفسيا ولان طفولته بؤس وفقر فانه يحب الفقير ويكره المثقف والغني والعالم وغيرهم لذا لا يحمل اي فكر سياسي قيادي ولان الشعب العراقي اغلبه فقير فتراهم يتفاعلون معه ولكن بالحقيقة قاد العراق الى انقلابات وقتل وغدر .