تمر علينا هذه الايام ذكرى تأسيس حركة الجهاد الاسلامي,الحركة التي كان لها اسهام في انتفاضة الشعب الفلسطيني على غاصبيه, ففي ظل الاهمال المتزايد للقضية الفلسطينية من قبل العالم الاسلامي باعتبارها القضية المركزية تنادت مجموعة من الشباب وأسسوا حركة جهادية ومن ادبياتها اعتبار فلسطين من النهر الى البحر وعدم التفريط في اي شبر منها,قدمت العديد من الشهداء في عمليات استشهادية بكامل التراب الفلسطيني بما فيها فلسطين 48. انخرط في صفوفها آلاف الشباب وشكلت قوة ضاربة اسمتها سرايا القدس مؤمّلة في تحريرها من براثن الاستعمار الصهيوني.
شاركت بالانتفاضة الاولى العام1987 م بعد عشرون عاما من الاحتلال,حيث ضيّق الخناق على الفصائل المقاومة ,لم تدخل ضمن المسلسل الانهزامي التسووي الذي باركه العديد من قادة العرب,متحججين بالأمر الواقع وان لإسرائيل الحق بالبقاء والمهم هو القبول بفلسطين 67 م افضل من ان تضيع كل فلسطين انطلاقا من مبدأ ما لا يدرك كله لا يترك جله, وصار الحكام العرب الواقعيون يترحّمون على بورقيبة الذي قبل بقرار التقسيم ويلعنون الحكام الاخرون الذين لم يقبلوا بالتقسيم ويريدونها فلسطين كاملة.
لم تعترف الحركة باتفاقية اوسلو التي ابرمتها حركة فتح العام 93 م ورأت فيها تكريسا للاحتلال والاعتراف به فوق ارض ارتوت بدماء آلاف الشهداء من كافة انحاء الوطن العربي,على ضوء تلك الاتفاقية عادت بعض رموز المقاومة الى الضفة والقطاع لكن قيادة الجهاد لم ترجع الى الاراضي التي وهبها العدو للمتفاوضين معه لإيهام العرب بأنه جاد في حل القضية الفلسطينية وملتزم بتعهداته.
مع تنامي دور الحركة الجهادي وسلسلة الضربات الموجعة التي قامت بها ضد العدو الصهيوني ادرك العدو خطورة الحركة ومؤسسها الشقاقي فخططت لاغتياله وانتهزت الفرص القليلة حيث انه كان قليل الترحال فتم اغتياله على يد الموساد الإسرائيلي في مالطا بتاريخ 26 اكتوبر العام 1995 أثناء عودته من زيارة لليبيا.بعد ان حضر مع بعض رؤساء حركات التحرير الفلسطينية مؤتمرا لهم في ليبيا.
ارتمت فتح في احضان العدو حيث رجع العديد من قياداتها وعلى رأسهم عرفات الذي ظل رهبن مبنى المقاطعة في “رام الله” وبعد خروج العدو من غزة العام 2005 رأت حركة الجهاد في حماس خير شقيق يؤمن جانبه فقادتا سوية محور الممانعة الفلسطيني وبنتا جسور صداقة مع محور الممانعة سوريا ايران ليبيا والعراق فتحصلتا على الدعم المادي وقامت كل منهما بتدريب شباب بالقطاع وشكلتا مصدر ازعاج للعدو حيث اغتيل العديد من قياداتهما.
انخرطت حماس في العملية السياسية فشاركت في الانتخابات التشريعية التي اجريت العام 2006 بينما لم تشترك الجهاد واعتبرتها تخلّ عن البندقية, العلاقة مع حماس التي تسيطر على القطاع لم تكن على احسن ما يرام في المجمل, حدثت بعض الاشكالات التي طفت على السطح ففقدت بعض ابنائها,لكنها ظلت على شبه توافق مع حماس,اما بالقطاع فكافة الاعمال الجهادية ممنوعة بحكم اوسلو وكثيرا ما زج بقيادات الحركة في سجون السلطة الفلسطينية “خوفا منهم وعليهم”.
الربيع العربي كان خريفا على فصائل المقاومة سقط النظام في ليبيا الذي كان يمد الحركات الفلسطينية المقاومة وان تخللته بعض الفتور في العلاقات ومن ثم التمويل, وبخصوص سوريا الحاضن الرئيس للمقاومة فإنها لا تزال تعاني هول ما حيك ضدها من مؤامرات ودسائس بفعل الرجعية العربية وأعداء الامة, وأما ايران فإنها تعاني ومنذ انتصار الثورة حصار غربي عربي جائر ومن ضمن الاسباب مناصرتها للقضية الفلسطينية وشد ازر حماس والجهاد وبقية الفصائل المقاومة وإمدادها بالمال والسلاح.حيث صمد القطاع في وجه العدو وطالت صواريخ المقاومة عديد المناطق الحيوية التي يسيطر عليها العدو.
بقية الدول العربية منغمسة في مستنقع الخيانة الى اذنيها وتحاول الانظمة بكل ما اوتيت من قوة المال والدهاء السياسي تصفية القضية الفلسطينية.وجعل الشعب الفلسطيني يعيش بالشتات, انه ولا شك زمن الخنوع العربي.
تحية الى حركة الجهاد في عيدها الذي يصادف ذكرى استشهاد قائدها الشقاقي والذي سيزيدها اصرار على مواصلة الكفاح لتحرير الارض من المغتصب الصهيوني.