23 ديسمبر، 2024 6:32 ص

الجمهورية الفاضلة وجمهورية الشك والكذب….!

الجمهورية الفاضلة وجمهورية الشك والكذب….!

توهم سياسينا  حين ارادوا اعادة بناء  جمهورية افلاطون من جديد عن طريق الكذب والنفاق والتصريحات الرنانة فتوهموا ، وبنوا جمهورية الشك والسلب والنهب بديلا للمدينة الفاضلة…..!؟
افلاطون في كتابه “جمهورية افلاطون” وعلى لسان استاذه سقراط  يقسم الدولة الى ثلاث اقسام:
  :1- طبقة الحكام , 2- طبقة الجيش , 3- طبقة الصناع والعمال ثم يشبه الدولة بجسم الانسان ويقسمها الى :
الرأس :
وهو الذي يحتوي العقل الحامل للحكمة : وسكانه أقلية صغيرة تهتم بالتأمل و والتفكر و الفهم والادراك , ولا يستسيغ سكانه امور الدنيا  واطماعها التافهة, وهؤلاء بالضرورة هم رجال السياسة و المؤهلين للحكم لانهم اقوياء ولم تتمكن الاغراءات الدنيوية من افسادهم.
 وضع سقراط  نظاما عقلانيا لصناعة هؤلاء القادة الحكماء واقترح على الدولة اتباعه معهم والقيام بتنفيذه منذ الصغر وتربيتهم على الفضيلة والعلم, وان يجتازوا امتحانات كثيرة حتى يبلغوا سن الخامسة والثلاثين , حينها تخرجهم الدولة لمخالطة الناس في المجتمع بكل طبقاته , ليشاهدوا جميع الممارسات و انواع الحيل والدهاء عند الناس , وهكذا تصبح امور الحياة واضحة أمامهم وبالتالي يمتلك هؤلاء الحكماء معرفة متكاملة عن شؤون المجتمع وتصرفات الناس حينها تعينهم الدولة حكاما (بدون انتخابات), ويصرف نظرهم عن كل شيء دنيوي آخر سوى شؤون الحكم, يصبح القسم منهم مشرعين وقضاة وتنفيذيين , وتقوم الدولة بتوفير السكن والملبس والحماية وكل احتياجاتهم الاخرى لكي تبعدهم عن الوقوع بشرك الطمع و حب المال والسلطان, يحضر عليهم امتلاك الذهب والفضة.وعند استلام السلطة يجب ان تكون اعمارهم لا تقل عن الخمسين , وهذا هو سن النضوج والحكمة .
يضيف سقراط وإذا لم يتوفر لدى الدولة هذا النوع من الرجال, فعليها على الاقل فحص ماضي هذا المرشح للحكم جيدا ودراسة مدى نزاهته  ومبادئه وكيف أمضى حياته قبل استلام الحكم ؟                                                      
 القلب  :
ويحمل العاطفة والشجاعة : وهذا النوع من الناس يحب الشجاعة والنصر وساحات الحرب والقتال, وهم  رجال الجيش
البطن :
 وتحمل الشهوات والميول الى الطمع والملذات : وهؤلاء يحبون المال والظهور والنزاع, وهم رجال الصناعة والتجارة والمال
ويلخص سقراط تلك المسألة: بأن افضل دولة هي التي يحكم فيها العقل ليكبح جماح الشهوات والعواطف ، اما رجال الصناعة والمال ينتجون ولا يحكمون , ورجال الحرب يحمون الدولة ولا يتسلمون مقاليد الحكم ، إذا كنا في المسائل الصغيرة كصنع الاحذية مثلا لا نعهد بها الا الى اسكافي ماهر, أو حين نمرض لا نذهب الا الى طبيب بارع , وإذا كانت الدولة تعاني من علة , ألا ينبغي ان نبحث عن  أصلح الناس للحكم ؟
ان نظرة افلاطون الفاضلة للسلطة طرحت اكلها الان وبانت حاجتها كحقيقة دامغة مع العلم انها وضعت في زمن كانت فيه الحقيقة بائنة وغير مفككة او مكتظة كما نرى الان، مع ذلك فكل شيء نراه الان يؤول الى تلك الحتمية الكاذبة ولا ترى الا ابجدية الكلمات ولا صحة لمغزاها في الواقع المنظور والظاهر  للعيان فقد زرعت الان فينا جمهورية اخرى هي جمهورية الشك والكذب بديلا لجمهورية افلاطون الفاضلة لان كل فرد من افراد الامة  يبحث عن مكان بأربعة  قوائم حتى وان كانت قوائمه تلك جماجم وحين تسيس كل افراد المجتمع واصبح من تسيس مخلوق املس لا نتوء فيه لتمسكه منه اختفت الفضيلة لمدعي السياسة وزرعت الرذيلة بديلا عنها فأسود اثير الحياة الامر الذي اصاب الاذان بالطرش  والعيون العمى فلا تسمع الا صوت واحد اجش هو صوت الجشع والطمع و لا ترى الا ما يظهر المصالح الشخصيــــة ومظاهر الانانية بصورتها البشعة المشوهة . انحسرت القيم والوطنية وزرع الطمع والجشع والحقد والكراهية بديلا عنها حتى دخلنا في نفق مظلم لا نعرف كيفية الخروج  منه نحو النور باقل الخسائر. ولو اردنا الخروج علينا التفكير بما يلي:
·       الغاء جميع الرواتب والامتيازات لمجلس النواب والرئاسات الثلاث ورواتبهم التقاعدية المثيرة للجدل والاكتفاء بمخصصات معقولة،
·       نبذ مبدأ الالتصاق الديني وتدخل دول الجوار لاثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية والقومية فنحن شعب موحد منذ بدء الخليقة،
·       التفكير من قبل الاحزاب والكتل السياسية بمصلحة الوطن والشعب وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ،
·       الغاء مجالس المحافظات لكونها حلقات زائدة وثقل كبير على كاهل الدولة وخزينتها والاكتفاء بمحافظ لكل محافظة مع نواب اربعة يمثلون اقضية تلك المحافظة فقط بتعيين  مركزي والغاء المجالس البلدية لكونها  زائدة ولا فائدة منها والاكتفاء بمدير ناحية او قائمقام القضاء ،
·       اعادة المجالس المحلية كأساس في الانتخابات ليكون الترشيح من قبل ابناء كل محلة لمن يمثلهم وليس من الكتلة او الحزب وتلك هي الديمقراطية الحقيقية النابعة من ابناء الشعب وليس من الكتل والاحزاب.
حين ننفذ تلك الخطوات البسيطة نكون قد اقتربنا ولو قليلا من المدينة الفاضلة التي يكون الصدق والاخلاص والمواطنة والوحدة الوطنية الحقة اعمدتها الاساسية وليس الكذب والرياء والنهب والسلب…….ما بني على خطأ يخلف اخطاء وكوارث……!