23 ديسمبر، 2024 4:13 ص

الجمعة الدامية في نيوزلندا !

الجمعة الدامية في نيوزلندا !

هل يتوقع احد في مملكة نيوزلندا التي تبعد حوالي 1000 كيلومتر عن اقرب جيرانها ان يصلها ذات يوم العنف والارهاب؟ هذه المملكة المنعزلة في وسط المحيط والخاضعة للتاج البريطاني داهمها العنف العنصري هذا اليوم وكان المسلمون هدفاً له وموضوعاً للجريمة ، ارهاب عنفي ودموي منظم استهدف مساجد المسلمين في يوم الجمعة مما يعني المام المجرم بايام المسلمين وتوقيتات شعائرهم وطقوسهم الدينية والجمعة هو اليوم المثالي لاستهدافهم لتجمعهم من اماكن مختلفة في مساجدهم لاداء صلاة الجمعة ورغم تبرير المجرم لفعله بانه موجه ضد المهاجرين وانه رجل يرى تفوق العرق الاوربي على ماسواه من الاعراق والالوان فان المجزرة التي وقعت تكشف ابعد من ذلك ، ذلك ان المهاجرين الى اوربا ليسوا مسلمين فقط ، الاسيويون يدينون بديانات اخرى غيرالديانات الابراهيمية والمسلمون مثل غيرهم من المهاجرين ليسوا غزاةً ولافاتحين ، انهم فروا من بلدانهم ليتحرروا من قدسية الحاكم ودونية المحكوم ولينعموا بالحرية وبالتحرر من كل قيد احياناً ! ولطالما ماغيرت الهجرة احوال المسلمين ونقلتهم من الاتباع ،الى الابداع في البلدان التي هاجروا اليها !فهل يمكن قبول فكرة ان المهاجم كان ارهابياً عنصرياً معادياً للمهاجرين الغزاة الذين يريدون اسلمة اوربا وسكانها !!؟؟

لكن قبل الاجابة على هذا التساؤل ينتابني تساؤل آخر، لِمَ لايأمن المسلمون على انفسهم في بلدانهم الاُم فيهجرونها الى اخرى وعلى راس امنياتهم الأمن المعيشي والرعاية الصحية والشعور بالكرامة الشخصية ؟

ان القضية برمتها لاتخرج عن اطار الخطاب العدائي الرافض للاخر ،والآخر هذا تتسع دائرته في محيطنا الاسلامي والعربي من الخليج الى المحيط ، ففي البلدان التي يهيمن عليها نمط الوراثة كاسلوب من اساليب تداول السلطة يرث السلطان ،الملك ،الامير ،الشيخ ، الزعيم ،….الخ جموع المبايعين والفدائيين والمضحين لاجله كما يرث عرش ابيه وقصره ! ولاشك ان الخارج عن هذه الجموع متآمر على امن الوطن وينوي قلب نظام الحكم واسقاطه !!

ان الانسان الاوربي لايختلف عن غيره في نوازعه واتجاهاته ولايختلف عن كونه ضحية ايضاً لسياسات حكامه رغم ديمقراطيتهم وشفافيتهم ! ان الانسان في اوربا ليس سوى وحدة انتاج ووسيلة اعلان والية تسويق للافكار وللمنتجات وهو كاخيه الشرقي مستعبد للشركات الكبرى مثلما وقع الشرقي صك كونه قناً اباً عن جد للحاكم وللزعيم !واخطر انواع العبودية هي العبودية الطوعية التي يعتنقها المرء تعصباً للدين وللوطن كما يتصور فيعادي اخيه الانسان /الآخر حتى لو كان شريكه في العمل اوزميله في فريقه الرياضي!ع ، الم تسمعوا مثلاً بموقف بعض الرياضيين الفرنسيين من منتخب بلادهم لان نصفه كان من المهاجرين ؟؟! ياسفون لذلك رغم ان هؤلاء المهاجرين جلبوا لفرنسا كاس العالم مرتين !! من الطبيعي جداً في هذا الخضم ان ينتج خطاب الكراهية والعدائية اتباعاً من العدوانيين في كل مكان ، في لندن وواشنطن وباريس مثلما هي في بغداد والقاهرة ونيجيريا واليمن والبحرين والجناة في كل مكان ضحايا لخطاب قبل ان يكونوا اداةً لتنفيذ حيثيات هذا الخطاب الذي بسببه قُتِل المسلمون المصلون في بغداد ونيجيريا واليمن وغيرها ، مصلون في المساجد والكنائس نزفت دمائهم وازهقت ارواحهم وهم في حضرة الخالق الكريم لان تلك الارواح والدماء ستكون الطريق الاسهل لمشروع سياسي كبير يبدأ بالدم ولايقف عند الاقتصاد !