لست في معرض التهكم؛ لكن حالة من التعجب والإستغراب!! وثمة مسؤولية أخلاقية تدفعنا للحديث عن ما يخطط !! وإلى أين إمتدت حدود الفساد وأمراض العقول الخطيرة، شككت المجتمع بمبادئه منقسمأ على نفسه مع تعدد الشعارات. التضحيات مجازفة وزيف ما قدم لها أغلى ما يمكن في الحياة وأنتهكت الحرمات؛ أن كان القائم يختلف عن النظرية بالتطبيق.
قد يعتقد البعض ان التخلص من الدكتاتورية ذهاب الدكتاتور، لا يعلم إنه مصاب بها وأشد خطورة على المجتمع والتاريخ.
منظومة الإنتهاكات الفكرية والقيمية ممنهجة، صارت مدرسة للإنحراف والطغيان، تترك عوالقها مجتمعياً، أخطرها والأشد شراسة ومراسة: قمع الشعوب والتفرد بالقرار العودة بوجه أخر، تحرك الأفراد نحو بوصلة السلبية بعيدة عن قيمها وتاريخ مبادئها وشعاراتها وأمل جماهيرها.
التاريخ لا يعود الى الوراء، والشعوب تفتخر بماضي أبطالها ومفكريها وعلمائها وصناع حاضرها ومستقبلها، لكن الدكتاتورية لم ترتضي للعقل النبوغ وللعلم الإزدهار، سلطتها قائمة على الجهل والتجهيل وكبح العلوم ومحو أثارهم، تطاردهم تقتلهم، تمسحهم من ذاكرة الأجيال.
تلك واشنطن بأسم مؤسسها وساحة الحبيب بو رقيبة ومدن وشوراع وجامعات وإكتشافات سجلت بإسم مكتشفيها، وأخرى بأسم من قدموا تضحيات لشعوبهم، ولا زالت الهند تفتخر بغاندي ونهروا، وفي العراق نسجل ساحات وقاعات وشوارع بأسماء المتنبي وأبو نواس والمنصور والحبوبي والسعدون وعبدالكريم قاسم والجواهري.
تاريخ العراق الممتزج بالدماء والنكبات، سطره شهداء علماء أرخوا تاريخ أمة كاملة خلال بصماتهم الواضحة، قدموا انفسهم وعوائلهم من أجل نهضة العراق والخلاص من الدكتاتورية والطغيان، كي يصل بعدهم من يحمل الأمنة الكبيرة، تُستنهض منهم الهمم وعلى خطاهم تسير أجيال، سبقوا زمانهم في رؤيتهم الثاقبة.
حق كل امة الإفتخار برموزها وثقافتها وحضارتها وتاريخها، تكرمهم مكانة مرموقة تُحفر في ذاكرة الأجيال، ومن سوء حظ العراقيين إن الكفاءات والطاقات لا تكرم الاّ بعد فقدانها ولا نشعر بقيمتها الاّ بعد تجربة غيرها، والأسوء إزالة أثارهم بالضد من رغبة محبيهم ومكانتهم.
وزير التعليم العالي علي الأديب (حزب الدعوة الإسلامية)، يعرف الشهيدين؛ السيد محمد باقر الصدر وعضده السيد محمد باقر الحكيم، كذلك السيد محمد صادق الصدر والدكتور احمد الوائلي، يعرف ما قدموا من تضحيات، وما أثرهم في تاريخ العراق، قادة من الطراز الأول، مفكرين لا جدل عليهم، أنتفض الاديب على المفاهيم والقيم، ولم يستطع خلال السنوات الثمانية التي تولى فيها حزبه وسنواته الأربعة في قيادة وزارة التعليم تغيير مناهج خاطئة، قرأت التاريخ بصورة مقلوبة، بل لا زال فكر علي ابن ابي طالب عليه السلام الذي لا يضاهيه أحد في القيادة والسياسة ولا يختلف عليه إثنان الاّ المنحرف، بعيد عن التدريس في المناهج السياسية.
الإستخفاف برموز تضحيات الشعوب دكتاتورية بقناع ديمقراطي.
إنسلاخ عن ماضي الشعارات والمباديء، ونكران للجميل، والأدهى إن الحكومة لا تزال بنفس عقلية الفكر الشمولي، تحركها أدوات بشكل مستشارين للقائد الأوحد، منقلبة على الشعارات خائنة للتضحيات والمباديء. ومكافئة الاديب لتلك التضحيات وهؤولاء الأعلام تغيير مسميات القاعات الجامعية التي سجلت بأسمائهم، معتقداً إنها تمسح من ذاكرة الأجيال، لكنها خالدة تقول “الجماهير أقوى من الطغاة”.