23 ديسمبر، 2024 12:23 ص

الجماعة الوطنية في العراق : ( ( جنين حقيقي ام جمل كاذب ) )

الجماعة الوطنية في العراق : ( ( جنين حقيقي ام جمل كاذب ) )

منذ قرابة اكثر من عام كنت ومازلت افكر في نشاءة ( الجماعة الوطنية في العراق المعاصر على صعيد التأسيس والوجود الفاعل وكنت أطرح السؤال التالي هل كانت ولادة الجماعة الوطنية جنين حقيقي في ظمير العقل الجمعي الوطني ام كانت تشبه الحمل الكاذب ) في المصطلح الطبي لماذا لانها ومنذ الأحتلال العثماني كانت تأسيسا هامشية او تناس تقليدية للجماعة غير المؤثرة في العراق لأنها والتاريخ يشهد كانت تعبر عن مصالح في كونه امتدادا او واجهة لاقطاعيات تاريخية ثلاث ( الاقطاعية القبلية ، الإقطاعية الدينية ، واقطاعيات المحتل أو المستعمر ) وتحولت هذه الاقطاعيات بعد ذلك الى بيوتات أو جماعات . أوليغاركية نفعية تخادمية تتبادل هذه الاقطاعيات مواقعها في السلطة أو ضدها حين تتصادم مصالحها وتنطلق فعالياتها في ( أيالاتها – ألويتها ) العثمانية الثلاث ( بغداد ، الموصل ، البصرة ) وتوابعها فهي كانت تدافع عن السلطة ومراكزها ومصالحها وتدافع عن مشروع ( المستعمر … أو الحليف الداعم لها ) أو تبني فكرة الدفاع عنه حين يستقيم لها الأمر والامر الاغرب في تاريخ ( الجماعة العراقية ) ان مشورة المستعمر … ( رغم تعدد اسمانه ) كانت حاضرة في الدفاع عن هذه الأقطاعيات التي طفت الى سطح السياسي التشكل حاضنة للجماعة السياسية او حاملة لشعارات الجماعة الوطنية والغريب أن المستعمر العثماني فقد وشوش رغم حروبهم مع الإنگليز في أذان المستعمر البريطاني في ضرورة الاعتماد على الأقلية في حكم العراق أمام اکثرية غير مضمونة الولاء … بحجة أن السيطرة على الأقلية اسهل لها في حكم البلاد و اعتقادها بعدم ضمان ولاء . الاغلبية الأخرى من العراقيين .

والأمر الآخر هو الدفع لهذه الاقطاعيات ( القبلية والدينية والملاكين والبيوتات العراقية الأرستقراطية في الواجهة ورسم الأدوار السياسية لها … هذا التخادم بين . المحتل والاقطاعيات قد اربك حضور الجماعة الوطنية الحقيقية في المشهد السياسي وطوال الاحتلال الانكليزي للعراق ( ۱۹۱۷-۱۹۵۸ ) كان الإنگليز مستمعين جيدين للطبقة الأوليغاركية ) واقطاعياتها الثلاث … فكثير ماتخلت الأقطاعيات ورجالاتها عن مطالب الجماهير الشعبية في الأستقلال ونيل حريتها وتحقيق العدالة الأجتماعية ، فانحازت هذه الاقطاعيات لمشروع المستعمر والمحتل ودافعت عن القابض على السلطة … ومارست شكلا من أشكال الإنكار لدور الطبقة الوسطى ومثقفيها ونخبها الفكرية والدينية والسياسية الحقة ووصل الأمر حد اتهامها … التشكيك بولاء المطالبين بحقوق الشعب … ووصل الأمر حد آن الأقطاعيات القبلية والدينية وملاكي الأراضي مارسوا شكلا من اشكال تسطيح الوعي أو القفز على التجربة الديموقراطية في العهد الملكي لتتحول سلطاتها التشريعية ووزاراتها الى واجهات لتتضخم فيها بطن الجماعة السياسية ومصالحها الاقتصادية واقطاعياتها وأملاكها ، هذا الدور المزدوج و المربك هو الذي ساهم افشال التجربة الديموقراطية في العهد الملكي رغم مثالبها … أذ عبثت الطبقة السياسية بمصالح البلد وفرطت في حقوق فقراء وفلاحي العراق وساهمت في تشويه مفهوم الحرية و اللعبة الديموقراطية هذه الأخطاء هي التي جعلت فترة العهد الملكي نقطة قطع في تنامي ( الجماعة الوطنية ) اذ لم تتح للجماعة الوطنية الحقيقية في التبلور او ان تستمر في نضالها وأحلامها فظلت الجماعة الوطنية طريقها .. واستغلت الاقطاعيات الثلاث هذا الغياب فطفت على سطح الأحداث وظلت رهينة مخططات ( کوکس ، مسسز بيل ، الباشا ) وتحت رحمة دعم وقبول أو رفض الاقطاعيات الثلاث ( القبلية ، الدينية ، أوليغاركية ) فضعف مرة الحمل الثاني الجنين الجماعة الوطنية وسقط تحت دهشة الجميع !!! وخير مثال على مانقول أن الرفض الشعبي ( للجماعة السياسية ) في العهد الملكي انما يعود لظاهرة قد توارثت فكرة قيادة البلاد وفي وتوزيع الأدوار بين اقطاعياتها الثلاث لتتسلل في مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية والادارية والعسكرية وفي العهد الجمهوري بعد ثورة ۱۹۵۸فرحت ( الجماعة الشعبية ) وشعر الشعب ] بعد أن دعم شعارات الثورة في ( الاستقلال ، الحرية ، وامتلاك الثروات ) بأمكانية أن تكون هذه اللحظة التاريخية تاريخا لصيرورة حقيقية للجماعة الوطنية بعد أن اعتقدت هذه الجماهير ( فلاحين ، عمال ، مثقفين ثوريين ) و ( عرب العراق وأكراده وأقلياته )

بامكانية نجاح الثورة في تأسيس دولة حرة … وذلك عندما استلمت المؤسسة العسكرية الوطنية على رأي ( بريجنسكي : العشيرة الأكثر انضباط وتنظيم في العالم العربي ) مقاليد الأمور وهنا لابد أن نذكر ، أن حركة الضباط الأحرار في العراق كانت اقتفاء أثر لحركة الضباط الأحرار في مصر ونجاح ثورة يوليو / ۱۹۵۲ وهي وان ضمت رجال وطنيون متطلعون باخلاص لنيل استقلال بلدهم ورفضهم السيطرة البريطانية ، الا انها كانت اعراض مرض انتقالي شهدته المنطقة العربية وأصاب الجماعة الوطنية ولم يكن نموا طبيعية لتطلعات الجماعة الوطنية العراقية وهي حملت في عقول قادتها الضد النوعي ( يسارية عبد الكريم قاسم وناصرية عبد السلام عارف وبعثية البعض .الأخر وهي كانت قد نقلت العراق من حكم ديمقراطي ليبرالي الى حكم عسكري شمولي هجين ( يساري قومي ) ودليل غياب المشروع في حركة الضباط الأحرار وثوار / ۱۹۵۸ البناء الدولة الفتية وليس بناء السلطة وأن نجح في تطبيق شعارات ، الاصلاح الزراعي وتحديد ملكية الأرض ، واصدار قانون / ۸۰للحد من سيطرة الشركات الاستعمارية ورفع شعار العدالة الاجتماعية ، لكن سرعان ما اختلف العسكر الثوار بينهم بعد أن اختلفت الجماعة الشعبية مع نفسها ( الحمل الثاني ) حين اصطدم ( قومیيها مع يسارييها و اسلامیيها على السلطة ) فأنقسمت ( الجماعة الشعبية ) التي هي وجه للجماعة الوطنية في حملها الثاني ) فتفرقت وانشق صف الجماعة الشعبية الى موالاة للزعيم تحت تأثير الشارع اليساري . ومعارضة متحزبة يقودها جنرالات وعسكر مدافعينعن افكارهم القومية والناصرية والبعثية فقلت زمام الأمر من قادة الثورة وضاع حلم الجماهير ، فأتهم قادة الأحزاب والعسكر زعيم الثورة ( بالشعوبي ) واتهم الفقراء عبد السلام ( بالشوفينية ) وانتهت ثورة ۱۹۵۸ بأنقلاب شباط 1963.وضاع الجماعة الوطنية وتفرق جمعها بين اصطفاف ( ايدلوجي ، قومي ) واصطفاف ( يساري ، تقدمي ) ، واغلبية من الجياع والفقراء والذين هاجروا قراهم ومحافظاتهم الى الحواضر الثلاث بحثا عن العيش الكريم والعدل المفقود بعد ان تلكأ تطبيق قانون الاصلاح الزراعي العراقي ودفع فقرائهم ثمن مشروع غياب استصلاح اراضيهموزراعتها ووضع تطبيق قانون ۸۰ / العراق أمام مواجهة مباشرة بين الثورة وثالوث الرافض لها ( حكومات استعمارية + شركات نفطية + تأمر داخلي وأقليمي ) على موارد العراق وعداء القوي . ( الكبرى ( بريطانيا ، امریکا ، فرنسا.

ودخل العراق منذ عام 1963 حتى عام ۲۰۰۳ مراحل الانتقال بين حكم جمهوري علماني شمولي ، وتماهت فيه الجماعة الشعبية مع منهج السلطة وتسلل القسم الثاني منها الى خارج البلد ومارس دوره في المعارضة السرية والعلنية في حين ارتضی القسم الثالث من الجماعة الشعبية الى المتغيرات الاقليمية والدولية في تغيير مسار الحكم .. هذا الأمر الذي ساهم في اسقاط الجنين تشكل الجماعة الوطنية وبعد عام ۲۰۰۳ظهر من جديد والذي يعد الحمل الثالث لتأسيس الجماعة السياسية في مرحلة تاريخية ضاع فيها المشهد الوطني في حساب عذة الحمل اذ يبدو أن بقايا ( الجماعة المنهكة ) السياسية في العهد الملكي واقطاعياتها واولادهم قد أطل برأسه رافعة شعار الديموقراطية هي الحل أو أن الإسلام هو الحل فانساقت الجماعة الشعبية خلف شعارات الديموقراطية والحرية وفصل السلطات والتداول السلمي للسلطة وكتابة دستور يحفظ الحريات … ان المتغيراتالسياسية الثلاث ( ملكي ، جمهوري ، التغيير بعد 2003 ) وجدت الجماعت الشعبية الوطنية نفسها وبسبب غياب المشروع الوطني ، و المشترك الوطني ، والرمز الوطني ، وجدت نفسها امام جماعة أخرى تأسست في الخارج جمعت كل غقد التاريخ السياسية القديمة الايدلوجية ( اسلامية ، قومية ، ليبرالية ) عكست صور عديدة

الصورة الأولى // عكست رغبة عودة الروح لابناء وأحفاد وورثة الاقطاعيات الثلاث للتسلل للحكم

الصورة الثانية // عكست صورة مشوهة للجماعة القادمة غاب فيها المقاربة الوطنية ( ( مشروع الدولة ) عند ( المؤدلجين أسلاميين ليبراليين وقوميين کرد )

الصورة الثالثة // ظهر فيها اللاعبون الجدد بمختلف هوياتهم انهم ممسوكون من الخارج في هذه اللحظة تغيرت ملامح الجماعة الوطنية والجماعة السياسية والجماعة المؤدلجة والجماعة الشعبوية فصار الجميع الممسكون بالسلطة والممسوكون فيها فأصبح العراق بظل رؤتيتن أو ربما خيارين الحرية بديلا عن وطن اسمه العراق … او وطن بلا حرية في هذه اللحظة غاب حدس اللحظ التاريخية لتشكل الجماعة الوطنية الثالث بين مأزومية فهم أهل الخارج بكل مرجعياتهم الفكرية والأيديولوجية وبين عدم ثقة الجماعة الوطنية من أهل الداخل وعدم ايمانهم بالديموقراطية كاسلوب او نهج للحكم

فصار مفهوم ( الدولة ، المواطنة ، المؤسسات ) الى مفهوم ( المكون ، الطائفة ، القومية ، الحزب ، المنطقة … ) فككت مفهوم الحرية الراقي ليتحول الى مفهوم توارث العوائل والبيوتات + وبداية زواج رأس المال بالدولة + غياب مفهوم العدل وصارت المسؤلية مغنما للجماعة فتحول العراق بلد النهرين ( الذي أطلق عليه اليونانيين أسم ” . میزو بيتاميا ” بقدرة قادر الى بلد كانتونات ) وسعت هذه الجماعة الى تكريس مفهوم جديد من الجماعة الوطنية والذي بدأ في العهد العثماني اقطاعيات ثم في العهد الملكي الى الجماعة السياسية ، ثم في العهد الجمهوري الى الجماعة الأيدلوجية ليصل الى مفهوم ( الجماعة المكوناتية ) ، هذه المراحل التي مرت بها الجماعة الوطنية يجعلنا نعتقد الى اننا امام حمل كاذب لهذه الجماعة او صيرورة غير .. ناضجة وعلينا أن نقر أخيرا أن الجماعة الوطنية ( الغائبة ) قد تشكلت ملامحها واتضحت أو تتشكل جنين في بطن المشهد السياسي في العراق منذ ۱۰۰ عام حين ما التقطت جماهير الشعب ( فقراءه واغنيائه ) حدس اللحظة التاريخية واعادت لحمتها في مراحل تاريخية بدأت من ثورة 1920 وانتهاء بنضالات ابناء الشعب العراقي في احداث تاريخية عديدة اننا نعتقد أن بقاء الجماعةالوطنية رغم تمظهراتها في كثير من المواقف التاريخية سياسية كانت أو ايديولوجية او الشعبوية تحت رحمة المركزيات الثلاث { قبلية ، دينية ، أوليغاركية } أو وبقائها أسيرة لأيدلوجيا ( يسارية ، قومية ، اسلامية ) لاتستجيب للمعطى الوطني والسياسي الجديد متزامنة مع غياب حدس اللحظة التاريخية عند رموزها سيجعلنا نخسر التشكل الجديد للجماعة الوطنية اذ أن صمتها الموجع يجعلنا نعتقد اننا قد نخسر الوطن والحرية والأماني في تأسيس مهاد حقیقي او صيرورة حقيقية لبناء الجماعة الوطنية وممارسة حقها في بلورة رأي عام يعيد العراق الى جادة … الصواب قبل الانهيار او الفوضى لاسامح الله  .

* استاذ التاريخ في جامعة بغداد