التاريخ العراقي مليء باجراس الانذار فهو تاريخ لايرحم ومن يتفحص تاريخ العراق يجد ان اغلب الملوك والرؤساء الذين حكموا العراق ماتوا قتلا وذبحا ويعزي علماء الاجتماع اسباب ذلك الى طبيعة المجتمع العراقي المبني على العنف ٠٠ ولم يخطيء رئيس الوزراء في زمن النظام الملكي نوري سعيد عندما قال انا اجلس على غطاء بالوعة ولو رفعت نفسي من الجلوس على هذا الغطاء لخرجت ” جيف” او روائح كريهة تزكم الانوف ٠٠ نعم ازيح نوري سعيد من الحكم في انقلاب عسكري ومثل بجثته وسحلت في الشوارع جنبا الى جنب مع جثة الامير عبد الاله فيما قتلت العائلة الملكية ومن ضمنها ملك العراق فيصل الثاني الذي لم يحمه المصحف الشريف الذي رفعته والدته فوق رأسه ٠٠ ومات الملك مثلما مات والده الملك غازي في حادث سيارة مازالت اسراره مجهولة ٠٠ ومثلما مات الملك فيصل الثاني مات قائد ثورة تموز الزعيم عبد الكريم قاسم وحاشيته بعد ان تم تنفيذ حكم الاعدام بهم رميا بالرصاص امام انظار صديق الزعيم عبد السلام عارف الذي استلم السلطة من بعده ولم يمضِ على حكمه اشهر حتى قُتِلَ في حادث طائرة تشير كل الدلائل انه مدبر ٠٠ وكان الناجي الوحيد من عمليات القتل -التي شملت الرئيس احمد حسن البكر وصدام حسين الرئيس -عبد الرحمن عارف الذي مات منفيا ومنسيا ٠٠ ولو تمعنا في التاريخ لوجدنا لغة الدم هي اللغة الاكثر شيوعا في نهايات كل من حكم العراق واستمر مسلسل القتل حتى بعد سقوط نظام صدام وكانت البداية بالرئيس المؤقت عز الدين سليم الذي قُتِلَ في حادث تفجير مروع مازالت خيوطه مجهولة ٠٠ اذن التاريخ العراقي ممتليء باجراس الانذار وان نهايات اغلب زعمائه نهايات دراماتيكية تصلح اي واحدة منهالانتاج فيلم سينمائي بل وان تراجيدية كل واقعة تمثل سيناريوهات قصة روائية تاريخية مهيجة للمشاعر تزيد من المشهد تعقيدا وتقزز مشاعر المتأمل في ذلك المشهد وهذه الاحداث المأساوية تحتم على المسؤول ان يكون اكثر وعيا ويتعلم من التجربه ان جلوسه على كرسي القيادة محفوف بالمخاطر فالسيوف كلها مشرعة للانقضاض عليه متى سنحت الفرصة لذلك واذا استعدنا صور مسؤولين عراقيين سنصاب بالدهشة وكان ابرز هذه المشاهد مقتل العائلة الملكية العراقية حيث حدث الهرج والمرج وخرجت الجماهير صبيحة ١٤ تموز عام ١٩٥٨ بلا وعي باتجاه القصور الملكية التي كانت محط اهتمام الجماهير لما تحتويه من مقتنيات سرقت في وضح النهار فيما قتل العسكر افراد العائلة الملكية بوحشية مازالت لعنتهم قائمة حتى باتت لعنتهم كلعنة الفراعنه التي اصابت مقتلا كل من عبث بمقتنياتها ٠٠ وفي ضوء ذلك فعلى من يحكم العراق ان يقرأ تاريخه بدراية وعناية ليعرف مناطق الخلل ويضع الحلول الناجزة لتجاوز السلبيات في ضوء ما يرتأيه المواطن وليس وفق مايرتأيه الحاكم الذي غالبا ماتكون نظرته للامور قاصرة وينتابها التظليل من قبل الحاشية المحيطة بذلك القائد والمسؤول باعتبار ان الحاشية تسعى الى استغلال الفرص لتحقيق مكاسب على حساب الجماهير ٠٠
فعلى المسؤول والقائد ومن يحكم العراق ويتولى أمره ان يقرأ نهايات من سبقه من الزعماء فليس حكم العراق بالشيء الهين ومن يبقى طويلا في حكم العراق لابد ان يجني المأساة بالرغم مما يزعمه من خير او شر ٠٠ فعليهم ان يعوا الدرس وان لايبقوا متقوقعين ضمن الحيز المكاني والزماني بل عليهم ان يتجردوا من الواقع الذي يعيشونه الى واقع جديد اكثر اشراقا واقع يستمد قوته من قوة الجماهير لا من قوة الكتل والاحزاب المتنفذه التي تعمل وفق اجندات مشكوك في ولائاتها ٠٠ فلا بد لمن يحكم العراق ان ينفتح على كل العراقيين بمختلف تياراتهم واتجاهاتهم ومنطلقاتهم ومذاهبهم ٠٠ وحذار من ان يصطف مع اي منها وحذار ان يفرق بينها ٠٠ وليضع امام عينه ان ثمانية من الرؤساء والملوك الذين حكموا العراق ماتوا في ظروف قاسية الا رئيس واحد مات منسيا منفيا.