(الناس صنفان أما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق)، نص من وصية الامام (علي بن ابي طالب)، لواليه على مصر (مالك الاشتر) اعتبرته جمعية الامم المتحدة اقدم وثيقة لحقوق الانسان، وخطته على دار احد جدران بنايتها.
علي بن ابي طالب الذي جلس عن حقه في الخلافة ( 25) سنة نزولاً لرغبة قوم ادعوا تمثيلهم للرأي العام المكي، (بعد ان احتجوا بمبدأ الشورى ( الديمقراطية)، وبأغلبية الحضور) ، وعاش مواطن صالح ناصح لصانعي القرار آنذاك، حتى عطفت الامة وتدافعت على بابه مطالبة بقيادته لها، طلب شرط قبول ولايته ان يشهد له صحابة رسول الله ص بـ (يوم الغدير)، اذ نصبه رسول الله خليفة من بعده مباشرة، وقد حضر (30) صحابياً ممن شهد (معركة احد) مع رسول الله، وشهدوا لعلي بتلك الوصية، وانهم صمتوا طيلة المدة الماضية لمصلحة.
وبعد ان ثنيت له الوسادة، ضرب علياً عليه السلام اروع الامثلة في التعامل مع خصومه السياسيين، لقد كانت حياته ملهمة لعشاقه ومحبيه وشيعته، فعاشوا كما عاش هو في التعايش السلمي وقبول الاخر كما هو، وفي احيان كثيرة صبروا على الظلم لمصلحة عامة.
لذا نجد في العراق أن الطوائف والاقليات الغير مسلمة، تتواجد في مناطق الشيعة ويعيشون معهم وفي اوساطهم معززين مكرمين، وبعضهم (جرشوا) مع العشائر مثل ( الصابئة) في (محافظة ميسان) و(مدينة الثورة ـ الصدر حالياً )، يمارسون مهنتهم في بيع وصياغة الذهب بكل أمان، كذلك مناطق مثل ( البلديات ـ وساحة ميسلون ـ بغداد الجديدة ـ الامين ـ الحبيبية) في جانب الرصافة التي يقطنها الشيعة يتواجد المسيحيين وكنائسهم عامرة يرتادونها ويمارسون طقوسهم فيها بكل حرية، فضلاً عن اليهود قبل هجرتهم.
في العراق الحديث صمت الشيعة على مدى عقود حرصاً على المصالح العليا، على حساب حقوقهم وحرياتهم ومعتقداتهم، وعندما اساء المستأثرون بالسلطة بأثرتهم، جزع الشيعة لكنهم لم يسيئوا بجزعهم، بعد العام (2003)، بل حفظوا حقوق اخوتهم في الوطن وقاسموه معهم، رغم اغلبيتهم ومبادى الديمقراطية التي تصب بصالحهم!.
ما نشهده اليوم من شد وجذب فيما يتعلق بتعديل مادة (هدم الأسرة 57) التي صيغت لحاجة النظام السابق لمعالجة ازمة الخسائر البشرية التي نزفها العراق بسبب حروبه التي شنها في الداخل والخارج، ولضمان انتاج جيل فاقد للقيم والاعراف التي عرف بها الشعب العراقي، عبر استهداف حجر زاوية المجتمع العراقي المتمثل بالأسرة، يدعونا كنخب ثقافية وقيادات وزعامات سياسية واعضاء برلمان الى المضي في تعديل المادة (57) التي ساهمت بشكل كبير الى ازدياد حالات الطلاق، بسبب الامتيازات التي منحتها للمرأة على حساب الرجل، وبالتالي انتاج جيل من الاولاد المشردين والمعنفين، مما ينعكس سلباً على المنظومة الاجتماعية العراقية.