نبيحُ لأنفسنا ونستسمح الكاتب الروسي الشهير المغفور له < فيودور دوستويفسكي > في استعارة استخدام عنوان روايته ” الجريمة والعقاب ” التي نشرت لأول مرة في المجلة الأدبية الروسية في عام 1866 ميلادي !
منْ مجرياتِ ما جرى في العراق خلال او منذ بدايات ال 14 سنةٍ التي اعقبت الإحتلال , فهنالك ما جرى شرعنته بالضدّ من مشروعية الأمر الواقع , والتي باتَ تفسيرها وكأنها خارج حدود العقل البشري .!
لماذا جرى تخفيف أحكام وعقوبات جرائمٍ وجناياتٍ خاصة , كانت سابقاً تصل الى حدّ عقوبة الإعدام او الى السجن المؤبد مع الأشغال الشاقّة ” على اقلّ تقدير ” او بدونها .! , نقول هذا بينما تكتظّ وتضجُّ نشرات الأخبار عن قيام الأجهزة الأمنيّة بالكشف عن كمياتٍ مروّعة من اصناف المخدّرات المهرّبة , وكذلك القاء القبض على بعض المتاجرين بها , وكلّ هذا الجهد مما جرى كشفه فقد لا يشكّل إلاّ الحدّ الأنى من الجزء الظاهر من جبل الجليد مما يجري تهريبه وترويجه طوال السنين التي مضت والى غاية الآن .
لا نوجّه نبال الإتهام الى سلطة القضاء ” التي شهدت تغييراتٍ ما في ملاكاتها وكوادرها منذ تأسيسها ” , كما لا نسدد سهام الإتهام الى جهةٍ مسؤولةٍ اخرى دونما امتلاكنا الدليل على ذلك , ولا نعرف ايضاً مَن هو المسؤول الأوّل عن تخفيف عقوبة الإعدام عن العاملين في حقل المخدرات , وينسحب الأمر على جرائم كبيرةٍ اخرى , فهل هو ” بريمر ” او سلطة الأحتلال ؟ او جهةٍ تشريعيةٍ ” وطنيةٍ ! ” اخرى ؟ , إنّما الأهم من التعرف على من يقفون وراء ذلك , فهو لماذا لا يغدو الغاء هذه العقوبات المخففة والملطّفة واستبدالها بسَنّ قوانين مشددةٍ ورادعة بحقّ هؤلاء وامثالهم . إنّه لأمرٌ يدعو للتوقّف والتأمّل في السكوت والتغافل عن القصاص المطلوب وبإلحاح عن كلّ مَن يدخلون الممنوعات لتخريب وتدمير المجتمع والبلاد بما فيها الأدوية الفاسدة والأغذية التالفة والسلع الرديئة , وقد بات الجميع على دراية أنّ المحظورات المحرّمة التي يجري إدخالها الى العراق , ليست لتحقيق مكاسبٍ ماديةٍ ضيّقة لتجّارها , بل هو مخططٌ بائنةٌ خطوطه العريضة بهدف تفتيت العراق وتمزيق اوصاله وفقَ برمجةٍ ممنهجة , ولم يعد من دواعٍ لتكرار القول بأنّ هنالك جهات ما في الداخل تقوم بتأمين كلّ ما هو بالضدّ من الأمن الوطني والمجتمعي .
وما كلّ ما اشرنا اليه , فمستبعدُ ايضاً إجراءَ ايّ تغييراتٍ او تعديلاتٍ على قوانين وأحكام القصاص والعقاب لعتاة المجرمين والأدنى منهم , وهو تساؤلٌ مُحيّر بالفعل .!