الجرائم البشعة تتكرر وأدواتها تتطور والأبرياء يتطوحون في ميادينها كالمطر , والدنيا تجتهد في البحث عن الدافع , وما أن تتوصل إليه حتى ينتهي دورها وكأنها حلت المشكلة.
وتعيد الجرائم سلوكها الخطير والبشر يتساقط بلا ذنب , إلا لأنه كان في المكان في وقت قرر فيه مجرم ما القيام بفعلته البشعة المعفرة بالدماء والصراخ والأنين.
بشر متوحش خلع باءه وعبّر عن أقصى شروره وسوء ما فيه , والعالم لا يفعل شيئا سوى البحث عن الدافع , وكأن الجريمة أصبحت سلوكا مقبولا وعاديا لا يستدعي الحيطة والحذر , وإتخاذ الإجراءات اللازمة لمنعها وحماية المواطنين من العدوانيين الشرسين.
والأنكى أن العالم المتحضر لا يجرؤ على منع حمل السلاح الأوتوماتيكي الخطير الذي يُردي العشرات بل المئات في لحظات , فبضغطة زناد تنطلق مئات الرصاصات المتناثرات القاتلات المدمرات للبدن والمرديات للحي في الحال أينما أصابته , فالعقل البشري العدواني قد أبدع أفظع أنواع الرصاص الذي يبيد البشر في الحال.
جرائم تعقبها جرائم , والأخبار تزدحم بنقل أنباء الجرائم المروعة , ولا شيئ سوى الحزن والأسى والصلوات والعتب على الواقع لا أكثر ولا أقل.
فأي عالم هذا الذي نعيش فيه , وأي زمن هذا الزمن المعفر بالشرور والكراهية والبغضاء.
وأي بشر هذا الذي لا يجرؤ على إتخاذ قرار لمنع الجريمة , وكأن الحرية أن تقتل الآخرين ولا عقاب تنال بل المهم الدافع.
والأهم من ذلك كله أن الفاعل مجنون وأنه غير مسؤول وتتكرر الجرائم , والمجرم يتنعم بأفضل ما يمكنه أن يناله من حقوق الحياة , والأبرياء الذين حصدهم قد ذهبوا مع الريح وقد حزنا عليهم ودعونا لهم , والمجرم طليق وضحاياه يأكلهم التراب , هذا عالم حر تزهو في ربوعه ديمقراطية بلا رادع قصيم!!