23 ديسمبر، 2024 10:44 ص

الجدية في تحرير الموصل

الجدية في تحرير الموصل

منذ اكثر من عام نسمع حديثاً مكرراً عن قرب معركة تحرير الموصل، وبعضهم عدّ تحريرها يمر عبر بوابة الانتصار في هذه المنطقة او تلك، على غرار ايام زمان تحرير (القدس يمر عبر عبدان).
الحكومة تدعي انها جادة في استعداداتها للتحضير لهذه المعركة وانشأت معسكراً للجيش والمتطوعين وغرفة عمليات، وكان المعسكر في بغداد عند بداية الامر وهي دلالة لا تخفى على احد معانيها وجديتها. واكثر من ذلك طردت الاف المقاتلين بدعوى ارتباطهم وصلتهم بالمحافظ السابق.. وهو بدوره اتصل بهذه الجهة او تلك بما في ذلك مع الاجنبي للحصول على الدعم اللازم لابقاء معسكره وتأمين احتياجاته وياللغرابة التي تجسدت اخيرا بتوغل تركي اثار حفيظة الاخرين على المستوى الحكومي والشعبي ويدعي الحشد الذي شكل لهذا الغرض انه سيتم تدريبه على ايدي هذه القوات ، ولكن لم نسمع يوماً انه اجترح عملية ضد الدواعش لايزال في طور التدريب فيها منتسبيه هم من الشرطة المحلية والقوات المسلحة السابقة وبدرجة اقل من المنتسبين الجدد.

والاهم من ذلك ان هذه الالوف لم تحم قرية او حاضرة في نينوى التي لايزال اهلها ينزحون افراداً وجماعات، واخيراً نتساءل لماذا لم يشارك هؤلاء في معركة سنجار وطرد الدواعش من منطقة ربيعة قبلها.

على اية حال في مقابل ذلك هناك حشد من تلعفر وما جاورها، وحشد شيعي هو الاخر ننتظر منه ان يقوم بما عليه من واجب ازاء اهله، ولايكتفي بالتهديدات والتصريحات بقرب مشاركته في معركة الموصل التي يئن اهلها نساء ورجالاً واطفالاً من ضيم داعش الارهابي وقمعه وسلبه للحريات.

الامريكان والاتراك كل منهم لا يقدم لنا رؤية واضحة كيف ستتحرر الموصل، واذا كان الاول ينسق مع الحكومة الاتحادية وفي اطار التحالف الدولي الذي يتعرض الى موجة عاتية من النقد عن حق ومن دونه، فانه يعاب عليه البطء في الاداء على الارض وتحقيق ماهو ملموس من تقدم على الارض في هذه المحافظة المنسية من الحرب على داعش الارهابي وطرده ومنها.

اما الاتراك الذين دخلوا على الخط متأخرين وللتغطية على سياسات اخرى ومما يؤشر على عدم جديتهم التامة ايضاً انهم لاينسقون مع الحكومة الاتحادية ولا يتوقفون او يعيدون النظر في سياساتهم ويبددون الاتهامات الموجهة اليهم بمساعدة داعش الارهابي، بل انهم علناً يقفون على الضد من القوى الكوردية التي تقاتل داعش الاجرامي في سوريا وينتهكون سيادة العراق.

مواقف مختلف الجهات العراقية وغيرها اذا ما تم تحليلها واثارة الاسئلة بشأنها فأنها تشير بما لايقبل الشك الى انه ليست هناك معركة قادمة في القريب العاجل لازاحة داعش الارهابي وطرد عناصره خارج حدود العراق.. الكل يتاجر بهذه المعركة ويوظفها لاجنداته السياسية ولاهدافه الخاصة.

ليس من المعقول بوجود هذه الامكانيات الكبيرة ان لا تتمكن هذه الجهات اذا ما توحدت من ان تتخلص من تنظيم داعش الارهابي، ولهم سند في الناس داخل محافظة نينوى الذين يدفعون الثمن جراء بقاء الاحتلال.

ان هذه القوى مجتمعة تفتقد الرغبة في ارادة قتال داعش الارهابي وطرده، فعلى ما يبدو ما يزال هناك فائدة من استمرار وجوده وسيطرته على هذه المناطق، ولا يهم ان اتعب اهلها اكثر وفرق شملهم وشردهم في المخيمات.

المعركة مع الارهاب لا تتجزأ ولا تكون ناجحة اذا جرت في محافظة من دون اخرى، هي بحاجة الى حملة شاملة تفتح كل الجبهات في آن واحد، كي لا يلتقط الارهابيون انفاسهم او يناورون بقواتهم، والحكومة الاتحادية والقوى المساندة لها تمتلك عناصر مثل هذه المواجهة.