22 ديسمبر، 2024 10:55 م

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذكرى تأسيسها الـ52

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذكرى تأسيسها الـ52

في الأنا والآخر يكتمل النقد المزدوج
” النقد أفضل أداة تنموية وتطويرية اكتشفها الإنسان”
عمانوئيل كانط
شعبان مع الدكتور جورج حبش
I
تركت صدمة هزيمة 5 حزيران (يونيو) العام 1967 تأثيراً عميقاً على الجيل الستيني العربي بشكل خاص، والأمة العربية بشكل عام، وجاءت هذه الصدمة استكمالاً لصدمة إقامة الكيان الصهيوني في 15 أيار (مايو) 1948 إثر قرار التقسيم رقم 181 الذي صدر في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، مبدّدة الكثير من الآمال وكاسرة العديد من الأحلام التي انتظرها العرب لتحرير فلسطين، فإذا بها تلحق بهم هزيمة أخرى أشدّ إيلاماً من سابقاتها.
وهكذا ثار الجدل والنقاش مجدداً حول وجود ” إسرائيل” ودورها العدواني المحوري في كبح جماح تطوّر الدول والشعوب العربية، ناهيك عن مشروعها التوسعي الاستيطاني الإجلائي، وامتدّ الحوار والسجال إلى السبل الناجعة لمواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري، خصوصاً وأن منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) التي تأسست في 28 أيار (مايو) 1964 لم تكن بصيغتها القائمة آنذاك، الإطار المناسب لمواجهة التحدّيات الكبرى، وبتعبير حركة القوميين العرب في حينها ” أنها ليست البديل الثوري” المنشود.
كما أن انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني ” فتح”- العاصفة في الأول من كانون الثاني (يناير) 1965، لم تستطع تغطية كامل الساحة الفلسطينية بجميع تياراتها الفكرية وألوانها السياسية وتوجهاتها الاجتماعية، مع ما كان يتبلور من تيار يساري فلسطيني جديد خارج إطار الحركة الشيوعية الفلسطينية التي كان بعضها منضوياً تحت لواء الحزب الشيوعي “الإسرائيلي” “راكاح”، وبعضها الآخر كان يعمل ضمن تنظيمات الحزب الشيوعي الأردني، مثلما كان لغزّة تنظيم شيوعي خاص كجزء من الحركة الشيوعية المصرية.
II

اليسار الفلسطيني الجديد لغة ومضموناً وتوجّهاً وممارسة بدأ ينضج في إطار “حركة القوميين العرب” ووليدها “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، وخصوصاً في الساحتين اللبنانية والسورية، إضافة إلى فلسطينيي الشتات، علماً بأن الحركة تأسست على مراحل منذ العام 1948، حتى استقرّ الأمر على تسميتها في العام 1956، وكانت نواة التأسيس في الجامعة الأمريكية ، وضمّت كل من د. جورج حبش ود. وديع حداد (فلسطين) وهاني الهندي (سوريا) ود. أحمد الخطيب (الكويت) وحامد الجبوري (العراق) وغيرهم، ثم أصبح من قادتها: باسل الكبيسي (العراق) ومحسن ابراهيم (لبنان) وعبد الفتاح اسماعيل (اليمن) وآخرين.
وتطوّرت الحركة بتطوّر شعاراتها، فبعد أن كانت تصدر مجلة باسم ” الثأر” وتتبنّى شعارات: وحدة ، تحرّر، ثأر، أخذت الشعارات الاشتراكية ترتفع في صفوفها، وكان لصدور صحيفة “الرأي” ، ثم مجلة ” الحرية” دوراً كبيراً في الحوار الفكري الدائر داخل صفوفها وفي المجتمعات العربية، وخصوصاً مع التيارات الماركسية أو القريبة منها، وازداد رصيد الفكرة وزناً بعد حزمة القرارات الاشتراكية التي أصدرتها قيادة الرئيس جمال عبد الناصر ” الجمهورية العربية المتحدة” في العام 1961.
وبعد شهر من هزيمة العام 1967 ناقشت الحركة في تموز/يوليو ” مقدّمات ونتائج الهزيمة” وأصدرت تقريراً بعنوان ” الثورة العربية أمام معركة المصير” ، لكن التطوّر الجذري حصل في صفوفها بعد مؤتمر شباط (فبراير) العام 1969 الذي تبنّى خط انصهار تنظيم الحركة على الساحة الفلسطينية ضمن إطار “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” التي تشكّلت في 11 كانون الأول (ديسمبر) العام 1967، وكان ذلك بداية استقلالية الساحات النضالية لخصوصية ظروفها وأوضاعها، مثلما هي خصوصية ” القضية الفلسطينية”.

شعبان مع نايف حواتمة
وأستطيع القول أن “مجلة الحرية” التي ابتاعت حركة القوميين العرب امتيازها العام 1959 وأصبحت بعد العام 1967 ناطقة باسم الجبهة الشعبية، لعبت دوراً كبيراً في بلورة وعي عربي جديد ورؤية فلسطينية يسارية جديدة، حاولت المزج بين التيار العروبي والتيار الاشتراكي، وإنْ أصبح توجّهها أقرب إلى التيار الماركسي أو تيار اليسار الجديد بعد العام 1969، لاسيّما بعد الانشطار الذي حصل في صفوف الجبهة الشعبية، حيث كانت أقرب إلى “الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” برئاسة نايف حواتمة، وأكثر التحاماً فيما بعد مع “منظمة العمل الشيوعي” برئاسة محسن ابراهيم.
أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فقد أصدرت مجلة يسارية مرموقة هي الأخرى باسم ” الهدف” وترأس تحريرها الروائي الفلسطيني المبدع غسان كنفاني الذي استشهد في بيروت في 8 تموز (يوليو ) العام 1972 ، وكنت قد التقيت به في صيف العام 1970 عن طريق الحزب الشيوعي اللبناني وتعرفت على شعراء المقاومة من كتاباته: محمود درويش وسميح القاسم ، إضافة إلى روايته الشهيرة ” رجال في الشمس”. وبادر في ذلك اللقاء اليتيم إلى إهدائي روايته ” أم سعد” وهو من الكتب التي أعتزّ بها، وبقي معي في براغ، وحين عودتي حملته في حقيبتي اليدوية، ولم أضعه في حقائبي مع حاجياتي وكتبي التي شحنتها إلى بغداد، وقد تمّت مصادرتها لاحقاً مع مكتبتي وثلاث مخطوطات، كنت قد أعددتها للطبع من قبل الأجهزة الأمنية العراقية.

شعبان مع تيسير قبعة
وكان سبب لقائي بكنفاني هو شرح طبيعة تعقيدات الوضع السياسي في العراق والهجوم الذي تعرّض له اليسار والقوميون والناصريون ، إضافة إلى السؤال عن تيسير قبّعة الذي كنّا قد نظّمنا حملة لإطلاق سراحه في أواخر العام 1967 وبداية العام 1968. استقبلني غسّان كنفاني بابتسامة عريضة في مقرّ المجلة في كورنيش المزرعة على ما أتذكر، وطلب من المصوّر تصويري لأرشيف المجلة، وخلال حديثي معه كان أحد الصحفيين يدوّن بعض ما أقوله. لا أتذكّر إنْ كان قد نشر شيئاً بعد مقابلتي أو لم ينشر، لكنه على ما أذكر جيداً، كان يتمنّى أن تنصبّ جهود الوطنيين واليساريين لمواجهة العدوان الصهيوني والمخططات الامبريالية. وقد ذكّرني الأخ صلاح صلاح، الذي تمتد صداقتنا لعقود من الزمان، أنه سمع أول مرة عنّي من غسّان كنفاني، وقبل أن يلتقيني، وهو ما تناوله بشيء من التفصيل في كلمته عند تكريمي في بيروت العام 2006.
كم كانت خسارة الجبهة الشعبية كبيرة لفقدان غسان كنفاني وهو في ربيع عمره وفي أوج عطائه، فلم يتجاوز السادسة والثلاثين (36 عاماً)، خصوصاً وقد استكمل أدواته الفنية، ونضجت تجربته، وكانت تلك واحدة من الصدمات التي صُعقت بها، وما يزيد ألمي هو محاولة اغتيال العقل الفلسطيني والمثقف الفلسطيني والإبداع الفلسطيني، فالفلسطينيون لم يقدّموا مناضلين ومقاومين كبار فحسب، بل مبدعين كبار مثل غسّان كنفاني، ومحمود درويش وإدوارد سعيد وإميل حبيبي وإميل توما وغيرهم.
واستمرت علاقتي بمجلة الهدف بعد استشهاد كنفاني حيث تولّى رئاسة التحرير بسّام أبو شريف، الذي كنت قد تعرفّت عليه في المؤتمر العاشر لاتحاد الطلاب العالمي (مطلع العام 1971)، ثم التقيته كثيراً، وإذا بطرد ملغوم يُرسل إليه لينفجر بوجهه بتاريخ 25 تموز (يوليو) 1972، فيأخذ إحدى عينيه وأربعة من أصابعه، ويفقد جزءًا من سمعه، وبقيت بعض شظاياه “تطرّز” صدره، ولا يزال يحملها إلى الآن. وكانت براغ محطة أساسية لعلاجه، إضافة إلى تردّده عليها بصفته نائباً لرئيس اتحاد الصحفيين العالمي. وقد وقع حادث التفجير بعد أسبوعين من اغتيال غسان كنفاني. وقد أعقب بسام أبو شريف في رئاسة تحرير مجلة الهدف صابر محي الدين الذي توفي باكراً وكان عضواً في المكتب السياسي.
وكنت قد تعرّفت على قيادات مرموقة من الجبهة الشعبية مثل: تيسير قبعة وشريف الحسيني وصادق الشافعي وعبد الرحيم الملوح وصلاح صلاح وليلى خالد وأبو أحمد فؤاد وأسعد عبد الرحمن ولاحقاً أبو علي مصطفى وفيما بعد جورج حبش وآخرين ويمكن مراجعة ما كتبته عن علاقاتي مع الجبهة الشعبية وقياداتها من خلال مقالتي عن جورج حبش الموسومة “جورج حبش: الاستثناء في التفاصيل أيضاً” والمنشورة في صحيفة السفير اللبنانية بتاريخ 1 شباط (فبراير) 2008، ومقالتي عن تيسير قبعة تحت عنوان : “تيسير قـبّعة -غيمة فضيّة في فضاء الذاكرة ” المنشورة في صحيفة الزمان (العراقية) على حلقتين بتاريخ 29/6/ و2/7/2016.

شعبان مع تيسير قبعة
III
لا أذيع سرّاً إذا قلت أن اليسار الجديد، الفلسطيني والعربي، بحيويته وجرأته وخروجه عن نمط تفكير اليسار التقليدي، ترافق مع صعود التيار الجيفاري الذي اعتبر الكفاح المسلح ركناً أساسياً من أركان التوجه الاستراتيجي رابطاً ذلك التكتيك برفع شعارات “حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد”، وكانت الساحة السياسية اللبنانية الفضاء الأكثر حرّية للسجال الفكري والحوار الثقافي حول أهداف حركة المقاومة الفلسطينية والحلول المطروحة، لاسيّما بعد هزيمة 5 حزيران (يونيو)، التي كان من نتائجها إجراء الحزب الشيوعي اللبناني مراجعة متقدّمة حينها لتاريخه وهويته بما فيها موقفه من القضية الفلسطينية (1968- المؤتمر الثاني وما بعده )، وربما كانت مثل هذه المحاولة تقترب من رؤية الحزب الشيوعي السوداني الذي تميّز في موقفه من القضية الفلسطينية عن مواقف الحركة الشيوعية العربية، وهو ما وجد صداه في مطبوعات الحزب بما فيها “مجلة الطريق” اللبنانية حيث بادر محمد دكروب إلى فتح ملف الأدب الستيني ، ولاسيّما أدب المقاومة الفلسطيني، كما انجذبت إليه “مجلة الطليعة” المصرية التي كان يرأس تحريرها “لطفي الخولي”. وكان نتاج هذا التوجه إقدام الأحزاب الشيوعية العربية: اللبناني والعراقي والسوري والأردني العام 1970 على تأسيس “منظمة الأنصار” .

شعبان مع أحمد جبريل وطلال ناجي
كانت الهزيمة أقرب إلى زلزال كبير هزّ كيان الأمة العربية كلّها، وشخصياً كنت واحداً ممن أصابني هذا الزلزال بالصميم وأثّر في إنضاج وعيي، وخصوصاً بعد انطلاق حركة المقاومة الفلسطينية التي أقمنا علاقات وطيدة معها، بل إننا أحياناً كنّا نشعر وإيّاها رافدين لمسار واحد. وأعترف أن اللغة التي استعملتها المقاومة شدّتني كثيراً، وكذلك أسلوب النقد الذي مارسته ضد اليسار الماركسي التقليدي، أي “يسارنا”، كان جديداً وجاذباً، وأثار لدينا تساؤلات عديدة ودخلنا في حوارات متنوّعة سبق وأن تحدّثت عنها في مناسبات مختلفة، ولاسيّما في كتابي “تحطيم المرايا- في الماركسية والاختلاف ، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2009″، سواءً اتفقنا مع بعضه أو اختلفنا مع بعضه الآخر، مثلما كان لدينا انتقادات لليسار الجديد ذاته، بما فيها انسياقاته وراء شعارات وممارسات امتازت بالجملة الثورية، التي حاول الإقلاع عنها لاحقاً.
وفي حين كانت المقاومة تمثّل العديد من تطلّعاتنا في نقد السائد من السياسات الماركسية التقليدية، لاسيّما تلك التي تنظر بقدسية إلى “المركز الأممي” وتحاول الدفاع حتى عن أخطائه، أو تبريرها بطريقة فجّة أحياناً، إلّا أنها أخذت تتراجع عن تلك التوجهات منذ أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات، وخصوصاً حين بدأت علاقات قياداتها تتوثّق مع موسكو، ناهيك عن محاولة استرضائها بتقديم بعض الامتيازات لها مثل قيادات الأحزاب الشيوعية، في الوقت الذي أخذ بعضنا ينتقل رويداً رويداً من مرحلة اليقين إلى التململ ثم فيما بعد إلى مرحلة الأسئلة والشك والنقد وصولاً إلى المراجعة الشاملة والمطالبة بتعديل المسار، تلك التي اكتملت مع زيادة وعينا ونضج أدواتنا في التعبير واتّساع رؤيتنا النقدية.
لقد أخضع الزلزال الحزيراني كل شيء للنقد: الأنظمة التي أسميناها “تقدمية” وحرصنا على دعمها مع نقد ملطّف أحياناً (مصر وسوريا)، إذْ سرعان ما ارتفعت وتيرة النقد لها وللأخطاء العديدة التي وقعت فيها، وكذلك لـ المنظومة الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي، حيث بدأ نقدنا لها يرتفع بشكل أسئلة تفسح في المجال لأسئلة جديدة وغير معهودة، انطلاقاً من نقد سياسات أحزابنا الشيوعية العربية التي طفت المشاكل على سطحها.
IV
بدأت علاقتي بالجبهة الشعبية في بغداد حين افتتحت مكتباً لها ، وكان المسؤول عنها الرفيق أبو وائل ، كما كانت صلتي مستمرة بالرفيقين إيهاب وغسان وكان يوسف سرّية الواسطة الأولى للعلاقة، حيث كان اللقاء الأول في مكتبه الهندسي في ساحة الخلّاني. وأتذكّر أن الدعوة وجهت إلينا لزيارة عمان ودمشق ، لكن تأجيل الموعد كان بسبب اندلاع بعض الاشتباكات في عمان ، ثم تقرّر سفرنا في تموز (يوليو) العام 1970، وحين حضرنا إلى مكتب الشعبية لغرض تسهيل مهمة سفرنا غير المعلنة وبهوّيات المقاومة، كان هناك من اعتقل قبل يوم واحد على الحدود، فأقلعنا عن الفكرة.
وكان موقف الجبهة الشعبية متضامناً معنا في احتجاجنا على نتائج الانتخابات الطلابية في العراق (العام 1969) وقد عبّر عنه عضو قيادة الاتحاد العام لطلبة فلسطين، الذي حضر إلى بغداد ضمن وفد برئاسة فتح .
وخلال وجودي في الشام في الثمانينات وعلى مدى نحو أربع سنوات كتبت مقالات ودراسات عديدة أسبوعياً لمجلة الهدف، مثلما ألقيت محاضرات في دمشق وبيروت حول القضية الفلسطينية بدعوة من الجبهة والمنظمات الفلسطينية الأخرى، لاسيّما وأنني عملت على تأسيس “اللجنة العربية لدعم قرار الأمم المتحدة 3379 ” الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية، وكنت أمينها العام.
وحتى حين غادرت دمشق إلى أوروبا في أواخر الثمانينات فقد بقيت على علاقة صداقية وودية مع الجبهة الشعبية ومجلة الهدف والدكتور جورج حبش الذي كنت أنسق معه بعض المواقف منها:
1- دعوة المفكر السوفييتي المعادي للصهيونية يفيسيف وتكريمه ، لكن العدو كان أسرع منّا فقد وجد مقتولاً بالقرب من ضواحي موسكو العام 1990، بعد أن تعرّض لحملة تنكيل وإساءة من جانب أوساط صهيونية أخذ نفوذها يتسع .
2- نسّقت معه في الدور الذي يمكن القيام به في مؤتمر ديربن العام 2001، وهو المؤتمر الذي دمغ الممارسات الإسرائيلية بالعنصرية، وصوت لصالح هذا القرار نحو 3000 منظمة حقوقية دولية.
3- تابعت بتكليف منه إمكانية الحصول على المخطوطة التي قمت بترجمتها ونشرها في مجلة الهدف على خمس حلقات في العام 1985 والتي أصدرتها لاحقاً بكراس بعنوان: “مذكرات صهيوني” دار الصمود العربي ، بيروت ، 1986 والتي تكشف علاقة الصهيونية بالنازية عبر إيغون ردليخ أحد قياديي المنظمة الصهيونية مكابي هاكير المعتقل في معسكر أوستفيم النازي (بولونيا) منذ العام 1940 والذي تم إعدامه في العام 1944 رغم تعاونه الوثيق مع النازية، وقد كانت مجلة تريبونا (المنبر) قد نشرت أربع مقالات عن تلك المذكرات الموسومة ” عندما تحدث في يومياته ” بقلم ييرجي بوهاتكا الذي اتضح أنه اسم مستعار.
حين أكتب اليوم عن الذكرى الـ 52 لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بطلب من مجلة الهدف “العزيزة” أستعيد مع نفسي عطر تلك الأيام وشذاها ، خصوصاً وأن روحي ما تزال ترفل ووجداني ما زال ينبض بكل ما هو خيّر ونبيل وإنساني في حركة المقاومة الفلسطينية رغم كل المآسي والشوائب التي اعترتها وفي ذلك جزء من تاريخي الشخصي الذي أشعر باعتزاز شديد لانتمائي لتلك القيم الأصيلة والمثل الصادقة .
ولأن الزمن رديء على حد تعبير القائد ياسر عرفات “أبو عمار” فإن الوفاء الشخصي والنضالي هو الذي يدعوني لإعلان استمرار وقوفي في ذات الخندق الفكري لثقافة المقاومة ، مستذكراً باعتزاز أيضاً دعمها للحركة الشيوعية العراقية في محنتها أواخر السبعينات وكامل الثمانينات حين تعرّضت للملاحقة والتنكيل.
نشرت في مجلة الهدف- فلسطين، العدد 9 (1483)، كانون الأول/ ديسمبر 2019.
كما نشرت في صحيفة الزمان (العراقية)، بغداد/لندن، العدد 6555-6556 السبت-الاحد 16 من جمادى الاولى 1441 هـ 11-12 من كانون الثاني (يناير) 2020م