الملاكات التدريسية
خلاصة الجزء الاول من هذه الدراسة، ان المفترض من استحداث جامعات، في اي مجتمع اكاديمي هو تغطية الحاجة الجغرافية او النوعية و ان ركائز الاستحداث الاساس هي الملاك التدريسي المؤهل نوعا و كما، و البنى التحتية من منشآت و تجهيزات، بما يتوافق مع مسوّغات الاستحداث تحت ادارة خبيرة متمكنة ذات تجارب حقيقية في مختلف مجالات العمل الاكاديمي و الاداري ناهيكم عن المؤهلات العلمية و الاكاديمية على اعلى المستويات…و هذه وحدها مبحث كبير و حسّاس.. مؤجل حاليا!!!!
حيث ان الملف مليء بالمفارقات، المالية و العلمية و الاكاديمية…و حيث ان ملف المفارقات المالية هو الاخطر و هو الذي يدخل المتصديين له بالحق عشّ الدبابير و جحور الحيّات …فلتكن البداية مع الصفحة الاهم حسب رأيي كأكاديمي و الاخف ضررا و تعريضا للمخاطر كانسان ” مع ارجاء الصفحات الاخطر لاحقا…حسب!!!”….تلك هي صفحة الملاكات التدريسية التي يُفترض ان يتم التعامل معها بدقة عالية جدا لما لهذه الملاكات من آثار خطرة جدا، ايجابا او سلبا، على اداء و مخرجات الجامعات.
تقتضي اساسيات العمل الاكاديمي و بناء المؤسسات الاكاديمية تنظيم ملف تأليف الملاكات التدريسية لمثل هذه المشاريع حسب التخصص و الحاجة الحقيقية لكافة المراحل الدراسية، مع امكانية الاستعانة المقننة، بالخبرات العلمية في الدوائر و المؤسسات ذات العلاقة، على ان يكون ذلك على أساس الارادة او الترغيب حيثما أمكن، و ذلك خلاف التجميع العشوائي لأفراد من هنا و هناك من مختلف الجامعات و الكليات لتشكيل الاعداد الكافية “رسميا و بالحد الادنى” للشروع بعناوين كليات دون ان يكون التخصص او ارادة التدريسيين من المعايير الحاكمة لذلك التجميع. أضافة لذلك، و حيث ان استحداث الجامعات موضوع لا يستوجب التسرّع، خاصة مع امتلاك البلد بنية أكاديمية منذ عشرات السنين تخرّج منها مئات الالاف ، و ما زالوا!!!. زائدا قوافل خرّيجي الجامعات الاجنبية من المبتعثين او طلبة النفقة الخاصة، و الكفاءات المغتربة العائدة، و ما برحت نسبة لابأس بها من المذكورين أسرى كابوس البطالة او العمل في مجالات بعيدة عن تخصصاتهم العلمية. هنا “كانت!!!!!” تكمن واحدة من أكبر مسوّغات استحداث جامعات او مؤسسات اكاديمية أو بحثية، الا و هي استيعاب تلك الكفاءات و الافادة منها في مجالات جديدة لم تستوعبها الجامعات و المؤسسات الموجودة، و بالتالي محاربة المعدلات المتضخمة لبطالة حملة الشهادات العليا و الاولية…!!!
فأين واقع الجامعات المستحدثة من الصفحة أعلاه؟؟؟
ايضا…و كما تم التنويه عنه في الجزء السابق من هذه المقالة… فان مبدأ الانصاف الذي يتم تطبيقه “بل و اعتباره امتيازا” للإدارات العليا للجامعات المستحدثة من حيث التغاضي عن كثير من متطلبات المؤسسات الاكاديمية بعذر “المستحدثة”، يستوجب التطبيق، من باب اولى، بالنسبة للملاكات التدريسية العاملة في جامعات تكاد تفتقر للمختبرات و الامكانات البحثية المتقدمة “مكتبات و مجلات و انترنيت و سواها”، هذا ان كانت تمتلك أيا منها…. واقعا، و الدراسات العليا و النشاطات و العلاقات العلمية و الاكاديمية مع الجهات ذات العلاقة داخليا و خارجيا…كل ذلك يستوجب تخفيفا من نواح عديدة كالاشتراطات المطلوبة للترقيات العلمية و الالتزامات الادارية و فقرات التقييم السنوي…. لا ان يتم التعامل مع الملاكات التدريسية بأسلوب “اللطم مع الكبار و الاكل مع الصغار!!!” سواء بالمحاسبة على تأخير في توقيع الحضور و الانصراف الصباحي او المسائي بما يجعل التدريسي شبه مكبّل الحركة، او بالتشدد في المطالبة ببحوث ضمن مستوعبات ثومبسون او سكوبس او…أو المحاسبة ضمن استمارات التقييم السنوي كما يحاسب نظراؤهم في الجامعات الحائزة كامل تفاصيل العمل الاكاديمي المذكورة اعلاه…..!!! ناهيكم عن المعاناة المذلّة في مطالبتهم بالدوام اليومي شهورا عديدة دون استلام رواتبهم بسبب الروتين المقيت بين وزارات الدولة و دوائرها!!!
منطق بسيط…التساهل مع المنتسبين بذات اسلوب التساهل مع الادارات…
بخلاف ذلك ماذا ستنتج تلك ال”مستحدثة”؟؟ بعد مرور سنوات من عزلة الملاكات التدريسية عن مضان التقدم الاكاديمي و العلمي في مجالات تخصصاتها…ستضاف تلك الملاكات، خسارة اخرى غالية الى رصيد الخسارات الوطنية المتعاقبة، اضافة الى الانحدار المتوقع لدوافع العمل الاكاديمي و ما ستعكسه على المخرجات الدراسية و الاكاديمية للجامعات المستحدثة….!!!!
فما هو تقييم اداء الجامعات المستحدثة في هذه الصفحة؟؟ و الاهم هو من الذي “قد” يقيّم” ذلك الاداء؟؟ هل هم مسؤولو تلك الجامعات، ام الجهات التي كانت وراء استحداثها…أم ؟؟؟؟
يتبع…..