ما اهمية هذه الانتخابات وما الذي يختلف فيه عن الانتخابات السابقة ؟ما هي آراء و توجهات الناخبين العراقيين و لماذا مازال المواطن العراقي يعاني من مشاكل عديدة في توفير الخدمات الضرورية ؟ هل ستعمل الكتل و الائتلافات السياسية على تحقيق وعودها بعد دخولها الانتخابات والى اي حد تتماشى هذه البرامج و الوعود مع الواقع و حاجة المواطن البسيط ؟ هل المواطن سينتخب ؟
في كل دول العالم حينما تجري الانتخابات تكون على اسس ثابتة، ويقدم المرشح برنامجه الانتخابي ويتناول فيه عدة مواضيع اهمها الخدمات، لانها ذات تأثير مباشر على حياة المواطن ويمكن ان تعطي للمرشح قوة مستمدة من الاصوات التي حاز عليها في الانتخابات، ومثال على ذلك الرئيس الاميركي جورج بوش الاب، الذي خدم الولايات المتحدة الاميركية خدمة كبيرة، و لكن تم اقصائه من قبل كلينتون في الانتخابات بسبب البرنامج الخاص الذي قدمه الاخير وعالج فيه البطالة، ان معاناة المواطن لفترة اربع سنوات لم يجد فيها الامن الحقيقي على الارض ولا الخدمات، جعلت منه في حالة من الدوامة، ولم يجد سوى الوعود والاماني في ظل برلمان لم يقدم اي شئ للشعب، غير التناحر فيما بينهم وكيل الاتهامات، فأهم ما طرحه المواطنون العراقيون مسالة الامن و الخدمات و فرص العمل فهي تمثل اهم تطلعاتهم في المرحلةالراهنة.
مقابل ذلك سنجد ان هذا الكم الهائل من الدعاية الانتخابية والكل يصف نفسه على انه البلسم الشافي لجراح المواطن، ولكن في واقع الحال ينطبق عليهم قول امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام يقول ( تحبون الآمارة لو كانت على الحجارة ) وان معظم الكتل والشخصيات التي ترشح، لديها رغبة للبقاء في الحكم، في حين أن حتى الدعاية الانتخابية لم تروج بالشكل الصحيح، لا من حيث البرامج ولا البوسترات والملصقات، فكثيراً ما نجد صورة رئيس الكتلة السياسية الى جانب صورة المرشح، ولا نعلم ما العلاقة بينهما في هذ الدعاية، لكون الانتخابات هي لمجالس المحافظات، خدمية وليست سياسية، كما أن رئيس الكتلة ليس مرشحاً، واذا فرضنا ان ذلك ممكن في بغداد، فبالتأكيد هو ليس كذلك في المحافظات .
ان لتوجيهات المرجعية الدينية السديدة الاثر الكبير في تشخيص الحالات وطرق معالجتها، كما انها ترد على الاسئلة، حيث دعا خطيب جمعة كربلاء المقدسة من الصحن الحسيني الشريف العراقيين الى حسن الاختيار للمرشحين، والقوائم الانتخابية المشاركة بالانتخابات، معتبرا عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات، لا يمثل حلا للمشاكل بل ربما يفاقمها .
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال الخطبة الثانية لصلاة اليوم الجمعة في 25/ربيع الآخر/ 1434هـ الموافق 8/3/2013م “ما يتعلق بانتخابات مجالس المحافظات،المزمع اجراؤها في العشرين من شهر نيسان القادم، فلنا حديث في هذه الخطبة مع الناخبين، حيث اظهرت بعض الاستطلاعات عزوف نسبة معتد بها من المواطنين عن هذه المشاركة في الانتخابات بسبب الاحباط وخيبة الامل لديهم لعدم تحقق ما هو المأمول ، من الاداء وتقديم الخدمات وحل المشاكل والمعاناة لبعض شرائح المجتمع “.. وقال:
ــ ان عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات لا يمثل حلا ً للمشكلة بل ربما يفاقم هذه المشكلة، لان غيرك سيشارك، وربما ينتخب شخصاً سيئاً او غير مرضي لديك، وبالتالي سيصل الى مواقع السلطة ويتسلط على مقدّرات الناس، ويكون في مواقع حساسة وربما يكون السبب عدم مشاركتك وعدم حسن الاختيار.
ــ بل الحل هو الاستفادة من التجربة السابقة والاخطاء التي وقع فيها بعض المواطنين بسبب عدم حسن الاختيار واعتمادهم معايير خاطئة، ادّت الى وصول اشخاص غير كفوئين وغير مهنيين واحياناً من انصاف المتعلمين، حيث لم يتمكنوا من تقديم ما هو المأمول منهم ،موضحا انه وفي الوقت الحاضر ليس هناك من نظام سياسي في العراق يحقق التغيير نحو الافضل غير نظام الانتخابات، وما حصل من كون بعض المجالس لم تحقّق مستوى النجاح المأمول لا يعني فشل التجربة الديمقراطية في العراق، وفشل مجالس المحافاظات، بل كل الشعوب التي خاضت التجربة الديمقراطية تعرضت تجاربها الانتخابية الى التعثر وبعض الاخفاقات، ثم استفادت من تجاربها واخطائها للوصول نحو الافضل.
ــ ثم ان مجالس المحافظات في ادائها منها ما حقق نجاحاً معتداً به، ومنها ما لم يحقق النجاح المطلوب، ولكنها قدّمت شيئاً وان كان متواضعاً ولكن لا يعني ذلك ان نحكم على هذه التجربة بالفشل، بل لابد ان نستفاد من الاخطاء ونشخّص ما هي الاسباب التي ادّت الى نجاح بعض مجالس المحافظات بنسبة جيدة، وبعضها لم يحقق ذلك، وما هي نسبة دور المواطن في معالجة هذه الاخفاقات والوصول نحو التغيير الأفضل، اذ ربما هناك اسباب اخرى لها نسبة من المساهمة في عدم تحقيق النجاح المطلوب، ويبقى على المواطن ان يشخص نسبة دوره في نجاح التجربة والتي تعتمد على حسن الاختيار، والابتعاد عن اعتماد معايير الولاء العشائري او الطائفي او المناطقي او صلة الرحم، او كون المرشح حقق له مكاسب شخصية او المعايير العاطفية كمعايير في الانتخاب والاختيار.
ــ فلابد هنا للمواطن ان يحسن الاختيار للشخص المرشح وللقائمة ايضاً ان يختار الشخص الكفوء والمهني النزيه والمخلص وكونه ضمن قائمة جيدة بحسب المعايير الصحيحة، ومن الخطأ ان يختار المواطن مرشحاً يعتقد انه طيب ومناسب ولكنه ضمن قائمة غير جيدة ، لان هذا الشخص سيكون محكوماً ببرنامج وتوجهات قائمته، ولا يختار شخصاً غير كفوء ولا يصلح لعضوية مجلس المحافظة، ولكن لكون قائمته جيدة فينتخبه لانه لا يملك القدرات الذاتية للنجاح، لأن القائمة الناجحة لا تستطيع ان تصنع او تخلق شخصاً ناجحاً لا يملك اصلا ً الاستعداد والقابلية للنجاح.