معنى الثيوقراطية:
مصطلح وصف حالة حكم راي رجال الدين المسيحي في العصور الوسطى وتفاعلهم مع الملوك للتمكن من الشعب، فكان راي رجل الدين الشخصي يعتبر حكم مقدس إلهي والقسس تتكلم باسم الله أي هو في الخلاصة رايا مقدسا يجب أن يكون معيارا لسلوك الجميع واجب الاتباع منهم.
لذا يمكن القول إن الثيوقراطية لا تتعلق بالدين المسيحي ولا باي دين آخـــر وإنما هو تقديس راي البشر وفرضه على الآخرين أو جعله معيارا للصواب والخطأ أو الحسن والقبيح، وبالتالي فان تعصب العلماني إلى العلمانية وسلك هذا السلوك في تقديس رايه ضد الأديان أو غيرها فهو ثيوقراطي متعصب للفكرة التي عنده.
لا غرابة أن نجد العلمانية اللائكية في فرنسا مثلا فهي ثارت ضد الملوك ورجال الدين، لكنها في الحقيقة ثارت لانها واقعة تحت ظلمهم وليس ضد الظلم نفسه فنجد في التاريخ تعصب ضد الأديان ونجد تحول الملكية إلى إمبراطورية كانت تعد زمن نابليون الأول للتوريث، فما اختلف، عصبية باسم الدين أصبحت عصبية علمانية وملكية في سلالة بالحق الإلهي أصبحت وراثية من دكتاتور أو طاغية بحكم القوة والنفوذ وبقي الفساد على وضعه، وهذه أتت كرد فعل أيضا على بداية الثورة الفرنسية عندما اعدم روبسبير الناس بدل سجن الباستيل وأعدم روبسبير أكثر من 6 آلاف شخص في أقل من شهر ونصف، وفي العام 1794 من معارضته، واعدم هو الآخر بـ”المقصلة” مع 100 آخرين من أعوانه، وهي كما واضح فاعلية للانا فهي منظومة تنمية التخلف إذن تتعامل مع غريزة حب السيادة والتملك كأي سلطة في العالم اليوم مهما حورت وغلفت نفسها بشعارات وآليات كما تفعل الرأسمالية.
الثيوقراطية الرأسمالية:
النظم الغربية نشأت على إسقاط الأعراف ووضع القانون والدولة، لكن هذا أبقي باطنيا كثير مما تسرب من العصور الوسطى التي أغلقت دون مراجعة لتفاصيلها إلا بقدر ما يهم الثورة الصناعية والانتقال إلى مجتمع لا يتحكم به القسس واستل النظام الديمقراطي وفق شروط نخبوية وهذا مهم جدا لان النظام الرأسمالي غايته حماية راس المال بآليات متعددة منها نشأت على تتابع كالديمقراطية والليبرالية وحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني وغيرها في عملية بناء طويلة شكلت نمط حياة مقبول.
ولأنها لم تواجه في البدء تحديات من الشرق حقيقية أو فكرية لم تبحث هذه المنطقة إلا بشكل يلائم أفكارها نحوها ومصدرها في هذا المنقول والذي من ضمنه الحروب البينية وكان النظر إلى مصدر القوة كتهديد لنمط الحياة كما كان تهديدا للنظم الحاكمة في أوربا قبل الثورة ما يسمى النهضة والتي في حقيقتها تنمية اقتصادية ترافقها تحولات مدنية في المجتمع، لكن أفكارهم عن الإسلام مثلا هي انطباعات منقولة عن الصليبين والقسس في مرحلة التحشيد لغزو الشرق المهرطق والوثني والذي يملك الكنوز واليوم هو يملك مصادر الطاقة لكن بقت ذات الأفكار.
ما لمشكلة: لدينا في واقعنا مشكلة مزدوجة لفوضى الواقع والفراغ الحقيقي الذي لم يملئ من زمن ضعف قبضة الدولة العثمانية وامتداد النفوذ الغربي إلى داخلها نتيجة الفساد فازداد الأمر تعقيدا وعلت المقاومة للدخيل بالتمسك بالماضي والتقليد بل اعتبر أي فكر خارج الصندوق يسعى للاجتهاد هو فكر فيه جنوح وكفر وما اسهل التكفير لحملة رايات التغيير وهنا تحول الواقع إلى ما يشبه الثيوقراطية لكنها مؤيدة للحاكم ولا تحكم أو متحالفة معه وإنما تؤيده بحكم ولاية التغلب المنقولة عن التنظير الفقهي الواضح في العصر العباسي والتغلب فاعليتها قد بدأت بعد الحكم الشوري الراشدي.
ظهور التطرف من مفرزات تعاظم التحديات والتضييق على الإسلام من داخله وخارجه، فلا يسمح بفهمه بل وضعت شروط وقواعد للاجتهاد تبقيك في دوار القديم (كل محدث بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة هي وصاحبها في النار)؛ كذلكم الغرب يعمل على إذكاء الفشل وإبراز التطرف متحدا بذلك مع رجال الدين عنده المتوجسين على الرعوية وعناصر من الكراهية وتقسيم المجتمع إلى أقلية وأكثرية وأثنية وطوائف، بل بات المنظرون لا يفهمون الإسلام ومؤمنون بما لا يفهمون انه الفهم الصائب في ذات طريق العلمانية الثيوقراطية التي تحمل نوعا العلمانية المقدسة والتصالحية، وهما معروفتان لكني اصطلحت هاتين الكلمتين للتعبير عنهما…. فتقول أهونها أن الإسلام ممكن أن يحكم كأحد الجهات، دون فهم لحقيقة الإسلام انه يحكم بغايته وغايته هي أهلية الإنسان وكرامته، فالعلمانية أصلا لا نحتاج لها لانها تمثل عيوب وإسقاطات تاريخ مختلف لأمم أخرى وثقافة أخرى.
نحن والغرب:
من المفارقات الرهيبة ما يرتكب بحق المسلمين في بلدانهم سواء من الاحتلال أو ممن لا اعتراض عليهم من الغرب لكونهم (علمانيون) ولكن لا يرون القمع وكل امر ضد الإنسانية يمارس من حكام المسلمين المستبد منهم والذين يتسلطون من غير المسلمين وجرائم يعتبرها القانون الدولي أنها جرائم حرب لكنها لا تنظر ولا تعالج ويريدون من هذه الشعوب ألا تدافع عن نفسها ولا تثور ضد الظلم على الوحشية وإهانة الكرامة الإنسانية وان فعلت فهي إرعابيه (كلمة إرهاب خطأ لغوي)
لا يعترضون إلا شكليا لإبقاء الطاغية خائف منهم مرتاحين لنقاط ضعفه وحرصه على كرسيه، وهذا منزلق لقاع النفاق والوحشية وبغياب القيم عن الغرب ومعايير الأخلاق وارتباط سلوكهم بالنفعية والتعامل من خلالها
فان جاء للحكم إسلامي بدل أن يتركوه يخوض التجربة ويطور في أساليب الحكم فليس في الإسلام نظام جاهز وإنما يتبع الغاية بأسلوب العصر…. يقومون بسؤاله أن يحافظ على الأقليات، وهل الأقليات أديانا وعرقيات كانت لتبقى لو أن الإسلام متعصب ضد الأديان والقوميات ولا يرون أن الإسلام لا يتعامل بالأقلية والأكثرية فالأمة تفخر برجالها التاريخين من أية قومية كانوا، هل ستسمح بالتعري وشرب الخمر…. وكان معاييرهم الثيوقراطية هذه هي الصحيحة؛ ولا يرون ما في مجتمعهم من إفرازات لان الإنسان لا يعامل للحفاظ على سلامة تفكيره والإسلام عنده في تراث الفقهاء حتى القديم منهم الحفاظ على الضروريات الخمس، لكل الأديان وكل البشر؛ علينا أن ننشئ مركز دراسات من النخب لفهم ديننا على حقيقته وكذلك الغرب عليه أن يفهم نفسه ويفهم الإسلام أيضا لتستقيم البشرية.