18 ديسمبر، 2024 8:06 م

“أكلت يوم أكل الثور الأبيض”
قصة هذا المثل معروفة , ويختصرها البيت الشعري التالي للمهلب بن أبي صفرة:
“تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا…وإذا افترقن تكسرت آحادا”
الحياة موقف ومبدأ , وعندما تتجرد منهما تتحول إلى مائدة لإفتراس مَن فيها , فالذي يتنازل عن أخيه وصاحبه للنجاة بنفسه يكون قد وقّع على شهادة القضاء عليه فيما بعد.
وهكذا عندما تنازل الثوران الأسود والأحمر عن الثور الأبيض , تم إفتراسهما بعد ذلك من قبل الأسد الذي خدعهما حسب ما جاء بالقصة الرمزية ذات الدلالات العميقة.
هناك مثل شائع في بعض مناطق البلاد مفاده ” أسلَمْ بريشي” , أي أنجو بنفسي , ولا ينجو أحد إذا خان الجماعة , وتوهم بأنه بتقديمه لغيره كقربان سيحافظ على سلامته.
وما يجري في بعض المجتمعات المنكوبة بكل شيئ , أن أفرادها ” كلمن يكول يا روحي”, و” يا روح ما بعدج روح” , وفي النتيجة يجد نفسه في طابور إنتظار الفناء الأكيد.
وعلى هذا المنوال ينضب وقود الإقتدار على المقارعة والتحدي والإنتصار.
وعندما يتعرض فرد من الجماعة لنائبة , ” الكل تضم راسها” , ولن تجد صوتا جماعيا موحدا , مما يستدعي الخصم أن يتشجع على أكل الجماعة فردا فردا.
إنها قوانين الغاب , فالأسد لا يتمكن من الثيران المجتمعة , ويقضي عليها واحدا بعد الآخر حين تفرقها , ونكرانها للروح الجماعية التضامنية التي تحمي القطيع من صولات المفترسين.
تلك حقائق التفاعلات المجتمعية في المدن والبلدان المنكوبة , المبتلاة بالذين لا يمتلكون الإرادة الغَيْرية , والغاطسون في دنياهم الذاتية وأنانيتهم الشديدة.
فهل للأمة أن تترجم “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”؟!!
د-صادق السامرائي